الحزب يحاور “المسيحيين” أحزاباً وفرادى: ما هو مستقبل حواره مع حزبَي الكتائب والقوات؟
في مواجهة التحدّيات المختلفة التي يواجهها لبنان واللبنانيون اليوم، عمد المسؤولون في الحزب خلال الفترة الأخيرة إلى تكثيف التواصل واللقاءات الخاصة بعيداً عن الأضواء مع العديد من الشخصيات والهيئات والمرجعيات المسيحية الدينية والسياسية والفكرية. وتهدف هذه اللقاءات إلى الاستماع إلى وجهة نظر هذه الجهات في مختلف الملفّات والسعي إلى بلورة رؤية مشتركة قادرة على الردّ على الطروحات الداعية إلى الفدرالية والتقسيم ومعالجة الهواجس والمخاوف المنتشرة في البيئة المسيحية والبحث عن حلول للأزمة اللبنانية، وعدم حصر النقاش والحوار مع الأحزاب المسيحية الأساسية على الرغم من عدم استبعاد الحوار مع هذه الأحزاب بالمطلق.
من هي الجهات التي أوكل إليها الحزب الحوار مع الجهات والشخصيات والمرجعيات المسيحية؟ وما هي أبرز نتائج هذه الحوارات حتى الآن؟ وهل تتقاطع هذه اللقاءات مع حوار الحزب والتيار الوطني الحرّ؟ وما هو مستقبل الحوار مع حزبَي الكتائب والقوات اللبنانية؟
رعد وفيّاض والموسوي وفضل الله
على صعيد الحزب يتمّ الحوار مع الشخصيات والمرجعيات والهيئات المسيحية على عدّة مستويات، وهي على الشكل التالي:
– أوّلاً: من خلال كتلة الوفاء المقاومة وعبر رئيسها النائب محمد رعد يعاونه بعض أعضاء الكتلة، ومنهم النائب الدكتور علي فياض والنائب الدكتور إبراهيم الموسوي، ويستعين رعد برئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور عبد الحليم فضل الله، ويستقبل العديد من الوفود والشخصيات المسيحية في مقرّ الكتلة أو لدى بعض الأصدقاء.
تتميزّ هذه اللقاءات بكونها معمّقة وحوارية تتناول مختلف الموضوعات. وتتحدّث بعض الشخصيات المسيحية التي تلتقي برعد عن انطباعات إيجابية إزاء مواقفه ودوره على عكس الصورة الإعلامية والمواقف المعلنة التي يطلقها أحياناً. ويشارك أعضاء كتلة الوفاء للمقاومة في لقاءات حوارية مع نخب مسيحية. وتركت هذه الحوارات انطباعات مهمّة، وقد يكون اللقاء المفاجىء بين رعد وقائد الجيش العماد جوزف عون في منزل صهر الأخير العميد المتقاعد أندره رحّال أحد نماذج هذه العلاقات المميّزة التي تخرج إلى العلن عند الضرورة.
هناك لقاءات كثيرة يتابعها رعد مع فريق عمله بالتعاون مع عدد من الأصدقاء، وستكون لها انعكاسات مستقبلية على الوضع اللبناني.
السيّد والخنسا وزيعور
– ثانياً: المجلس السياسي في الحزب برئاسة العلّامة السيد إبراهيم أمين السيد، وبمتابعة من عضوَي المجلس الحاجّ محمد الخنسا والدكتور عبد الله زيعور وشخصيات أخرى في المجلس ومسؤولين سياسيين للحزب في مختلف المناطق. ويضطلع هؤلاء بدور مهمّ في متابعة الحوار مع البطريركية المارونية والعديد من المرجعيات الدينية المسيحية والهيئات والنخب المسيحية.
كما تحوّل المجلس في حارة حريك إلى مقرّ للحوارات واللقاءات المعمّقة، وربّما تطوير العلاقة مع البطريركية المارونية والوصول إلى قواسم مشتركة في العديد من الملفّات إحدى نتائج هذه الحوارات.
يشارك أعضاء المجلس في العديد من اللقاءات الحوارية، ويزورون مختلف المناطق حيث تُعقد لقاءات بعيداً عن الأضواء مع العديد من النخب المسيحية لدراسة مختلف الملفّات والاستماع إلى كلّ الآراء والملاحظات عن دور الحزب وأدائه ومواقفه، وتخفّف كلّ هذه اللقاءات من أجواء التشنّج وتؤسّس لعلاقات مستقبلية مهمّة.
قاسم ويزبك وآخرون
– ثالثاً: قيادات الحزب الأساسية من أعضاء الشورى والقيادات المناطقية، وخصوصاً نائب الأمين العامّ للحزب الشيخ نعيم قاسم وعضو الشورى العلّامة الشيخ محمد يزبك. وتتمّ هذه اللقاءات في مقرّات الحزب أو من خلال زيارات المراكز الدينية واللقاء مع مختلف المرجعيات. وقد عهد الحزب إلى مسؤولي المناطق بالتعاون مع النواب تكثيف التواصل مع كلّ المرجعيات الدينية المسيحية. وربّما إحدى أبرز نتائج هذه اللقاءات التي جرت في البقاع خلال الأشهر الماضية قيام وفد كبير من المطارنة ورجال الدين المسيحيين بزيارة للجنوب ومعلم مليتا السياحي والجهادي. وقد أثارت الزيارة الكثير من ردود الفعل الإيجابية والسلبية. وهناك وحدات خاصة في الحزب تتابع أيضاً التواصل مع النخب المسيحية، وتحرص قيادة الحزب على متابعة أيّ ملفّ أو شكوى تنعكس سلباً على هذه العلاقات وتعمل لمعالجتها سريعاً بعيداً عن الاتّهامات المسبقة أو الحملات الإعلامية.
هذه بعض نماذج اللقاءات والحوارات التي يجريها المسؤولون في الحزب مع المرجعيات والشخصيات والهيئات المسيحية، وهناك قرار أساسي لدى قيادة الحزب يحثّ على الانفتاح على الجميع من دون أن يعني ذلك عدم تعزيز العلاقة والحوار مع الأحزاب المسيحية الأساسية. وهذا ما يجري مع التيار الوطني الحر حالياً، إضافة إلى محاولات الحوار المستمرّة مع حزب الكتائب. وأمّا على صعيد حزب القوات اللبنانية، فالحزب مستعدّ للحوار معه ضمن أيّ حوار وطني عامّ وبعيداً عن التواصل المباشر.
الهدف الأهمّ لقيادة الحزب والمسؤولين فيه هو الحفاظ على لبنان ووحدته واستقراره ومواجهة الأزمات القائمة اليوم وإزالة الهواجس والمخاوف المتبادلة والتوافق على رؤية وطنية موحّدة.
هل تنجح هذه الحوارات في تحقيق هذا الهدف؟ وهل تنجح الشخصيات والمرجعيات المسيحية في إقناع قادة الحزب بعدم حصر خياراتهم ضمن اتجاه واحد أو مرشّح واحد للرئاسة، وأهمية الوصول إلى رؤية وطنية مشتركة مع مختلف مكوّنات الوطن؟
قاسم قصير- اساس