بيروت تودِّع لودريان… وقطر تنطلق

يغادر الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لبنان اليوم عائداً الى بلاده، في ختام جولة من اللقاءات والاتصالات لم تحرز أية نتيجة تتعلق بمهمته. وجرياً على المثل القائل «الثالثة ثابتة»، فإن جولة لودريان الثالثة، كانت ثابتة، ولكن من حيث إخفاق المبادرة الفرنسية التي انطلقت قبل ثمانية أشهر بتفويض من اللجنة الخماسية. والسؤال الآن: ماذا بعد إخفاق المبادرة الفرنسية؟ وبالتالي، كيف ستعالج أزمة الاستحقاق الرئاسي التي تقترب من نهاية عامها الأول؟

في معلومات لـ»نداء الوطن» من مصادر مواكبة لاتصالات اللجنة الخماسية أنّ الدور الفرنسي انتهى، وبدأ الدور القطري. والفارق بين الدورين، أن فرنسا لم تبدأ كدولة وسيطة تقف على مسافة واحدة من القوى السياسية، انما تبنّت ترشيحاً يرفضه فريق آخر من اللبنانيين. والخطأ الذي ارتكبته فرنسا، أنها ساهمت في تأجيج الانقسام الداخلي. وعندما فُوّضت في لقاء اللجنة الخماسية الذي انعقد في باريس، لم يصدر عنها أي بيان يشجع على التجاوب مع جهودها. وقد أعطيت فعلياً فرصة إستمرت ثمانية أشهر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي. لكنها انطلقت إما من مصالحها، وإما من فرضية تقول إن الواقع لا يسمح بوصول رئيس ضد «حزب الله»، فيما الواقع الحقيقي يفيد بأنّ أحداً لا يريد وصول رئيس ضد «حزب الله»، مثلما لا أحد يريد رئيساً يخضع له.

وتقول المصادر: «لا أسف على خروج فرنسا من وساطتها. فهي أخطأت في المقاربة، وفي إدارة العملية الانتخابية الرئاسية. وفي المقابل، فإن قطر وعلى رغم تأييدها مرشحاً هو قائد الجيش العماد جوزاف عون، فإنّها تستند الى ورود اسمه ضمن اللائحة التوافقية. كما أن قطر تعمل وفق القاعدة التي توصلت اليها فرنسا واللجنة الخماسية، وهي: أولاً، أن في لبنان إنقساماً. ثانياً، أن ميزان القوى لا يسمح لأي فريق بانتخاب مرشحه. ثالثاً، أنّ غلبة فريق ستؤدي الى تأجيج الانقسام. رابعاً، ما سبق يستدعي الذهاب الى توافق داخلي على شخصية، وهذا التوافق المدعوم خارجياً، يؤدي الى إدخال لبنان في عملية الاستقرار المطلوبة، وهذا ما تعمل عليه قطر اليوم. وقد وضعت لنفسها مهلة غير مفتوحة للوصول الى اسم يحظى بدعم خارجي على قاعدة التوافق الداخلي».

وتابعت المصادر: «ماذا بعد؟ لا يكفي فقط انتخاب رئيس. إنّ لبنان في مرحلة انهيار وليس في مرحلة معارضة وموالاة. والخروج من الانهيار يتطلب توافقاً داخلياً ينتج رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة وحكومة لإدارة مرحلة انقاذية».

وخلصت المصادر الى القول: «إذا دخل لبنان مرحلة جديدة للوصول الى رئاسة تمثل إجماعاً لبنانياً وتؤدي الى ردم الهوّة الوطنية بسبب أزمة السلاح، فسيؤدي ذلك الى اعادة ترميم الواقع السياسي الذي انهار منذ ثورة تشرين الأول 2019. وبالتالي تكون مناسبة لإعادة ترميم الجسور واطلاق عملية النهوض».

مقالات ذات صلة