الرئاسة على نار حامية جدّاً: المناورات الأخيرة … بين اللقلوق واليرزة والحارة!
زحمة سياسية داخلية وخارجية توحي بأنّ الرئاسة على نار حامية جدّاً. آخر العناوين هو لقاء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مع قائد الجيش جوزف عون، والكلام عن وصول حوار الحزب مع التيار الوطني الحر إلى خواتيم إيجابية قد تؤدّي إلى انتخاب كتلة باسيل لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية. هل يأتي خبر لقاء رعد وعون ليسرّع الحسم؟ وبأيّ اتجاه؟ هل يضغط تسريب هذا الخبر على باسيل لإعلان دعمه لفرنجية، أم هو رسالة من الحزب لباسيل بأنّ قطار رئاسة جوزف عون انطلق ولم يعد ينفع الالتقاء على فرنجية؟ كثيرة هي الأسئلة في وقت تحتاج الأجوبة إلى مزيد من “الطبخ السياسي” الموضوع على نار حامية لا شكّ ستنتج رئيساً في الأشهر القليلة المقبلة لأنّه لا أحد يحتمل صرير الأسنان المنتظر في حال استمرار الفراغ.
باسيل: لا لعون ولا لفرنجيّة إلّا إذا
منذ أسبوعين قال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إنّه لن ينتخب سليمان فرنجية ولا جوزف عون. مصادر التيار قالت لـ”أساس” إنّ باسيل ما يزال على موقفه إلّا إذا وافق الثنائي على اللامركزية الإدارية والماليّة وصدرت مراسيمها التطبيقية يمكن لباسيل أن يبحث انتخاب فرنجيّة. ما تزال في ذاكرة محازبي التيار محطّات سابقة في العلاقة مع الحزب وتأثيرها على التيار بشكل مباشر. يستذكرون عام 2009 قبل الانتخابات بشهرين يوم سقط الشهيد سامر حنّا في البترون، فخسر التيار البترون والأشرفية وزحلة. يعتبر التيار أنّ العصب المسيحي حينها لم يكن مع الحزب فجاءت نتيجة الانتخابات مخيّبة. اليوم أيضاً، يدرك التيار أنّ العصب المسيحي ليس مع الحزب لعشرات الأسباب، وبالتالي كيف للتيار أن ينتخب فرنجية حتى لو كان ذلك مقابل مكاسب ثمينة. ولكن إذا حصل أن أقرّ مجلس النواب مراسيم تطبيقية للّامركزية الإدارية والمالية، وهو أمر صعب أن يتحقّق كما يقول التيار، فسيبحث باسيل انتخاب فرنجية مخاطباً البيئة المسيحية بأن لا سمير جعجع ولا سامي الجميّل قادرين على إقرار هذا المكسب التاريخي ولو كان مقابل انتخاب مرشّح الثنائي. هل يستطيع باسيل احتمال هذا الثمن مسيحياً؟ هذا هو التحدّي الذي يصعب حسمه اليوم. تقرأ أوساط التيار في تسريب خبر لقاء رعد وعون على أنّه ابتزاز رئاسي لباسيل من دون أن يغيّر شيئاً في مواقفه المعروفة.
القوّات والكتائب: لا للحوار
مقابل حجم التجاذبات الرئاسية، يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي على إجراء الحوار بمن حضر، ولا سيّما بعدما حصل على إشارات إيجابية من التيار الوطني الحرّ. في الوسط السياسي تساؤلات عن الدعوة إلى جلسات متتالية، أو دورات متتالية، وهنا لبّ القصيد. غير أنّ كلام برّي منذ أيام عن “البقاء في مجلس النواب لانتخاب رئيس كما يحصل في الفاتيكان” حسم هذه النقطة في المبدأ. وبالتالي ما الحاجة إلى تعنّت المعارضة، وتحديداً القوات اللبنانية والكتائب، في رفض الحوار إذا كان سيؤدّي إلى انتخاب رئيس يمكن أن يكون مكان التقاء داخلي ودولي ومخرجاً لهذه الأزمة؟ تعتبر مصادر القوّات والكتائب أنّ الحوار هو ضرب للدستور وتكريس لأعراف بعيدة عن العمل البرلماني، وذلك لفرض حوار مع الثنائي ينتج رئيساً. غير أنّ الواقعية السياسية في لبنان، وكلام برّي عن حوار تحت سقف البرلمان، وهو المؤسّسة الدستورية التي تؤمّن سقف هذا الحوار، يجيبان المعارضة عن كلّ مخاوفها. وفي المعلومات أنّ برّي مصرّ على هذا الحوار معوّلاً على الإشارات الإيجابية التي يلتقطها أوّلاً من التيار الوطني الحر، وثانياً من الخارج الذي يرحّب بفتح أبواب مجلس النواب وانتخاب رئيس. وبالتالي ستجد القوات والكتائب وقوى المعارضة نفسها ملزمة بالنزول إلى المجلس للمشاركة في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية.
لودريان في لبنان: اختتام الأزمة الرئاسيّة
سيصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان يوم الإثنين المقبل على أن تكون جولته هذه الأخيرة لختم مسار الأزمة الرئاسية اللبنانية. ليس لودريان عائداً بصفته موفداً رئاسياً فرنسياً فقط. بعد الاشتباك الفرنسي الإيراني تحوّل المسعى هذا باتجاه اللجنة الخماسية صاحبة الرؤية المشتركة تجاه لبنان. سيصل لودريان إلى لبنان بنيّة استكمال المهمّة الرئاسية بنجاح عبر انتخاب رئيس تسوية. سيعاونه الموفد القطري الذي أصبح معلوماً أنّه سيصل إلى لبنان بعد لودريان. يأتي هذا الحراك الخارجي تتويجاً لالتقاء أميركي سعودي متقاطع مع إيران والحزب. مقابل هذا النشاط الخارجي، برز نشاط داخلي تمثّل في لقاءات كثيرة بين مختلف الكتل النيابية لمواكبة التطوّر الرئاسي وتطوير رؤية مشتركة لرئيس التسوية الذي أصبح اسمه واضحاً.
جوزفين ديب- اساس