أفق التسوية لا يزال بعيداً: لهذه الأسباب تخشى “المعارضة” مبادرة بري!
مهّد رئيس المجلس النيابي نبيه طريق عودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت هذا الشهر، من خلال الكشف المزيد عن “فكرة الحوار” التي يُعمل عليها، فالرجل الذي أطلق مواقف واضحة خلال ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الخميس، أعاد التأكيد على الحوار كطريق وحيد لحل الأزمة الرئاسية، وفي ذلك ردّ مباشر على القوى التي اعتمدت درب التصعيد مؤخراً وصولاً الى رفض فكرة الحوار من أساسها.
على رغم من تحديد رئيس المجلس النيابي نبيه بري مدة زمنية لدعوته الحوارية، على أن تكون 7 أيام فقط، قررت بعض قوى المعارضة، تحديداً حزب “القوات اللبنانية”، سريعاً رفض هذه الدعوة، متمسكة بطرح الذهاب إلى جلسات انتخاب مفتوحة، تقود إلى إنتخاب رئيس الجمهورية المقبل، الأمر الذي يعني أن دعوته ستكون من دون أفق بحال لم تغير القوى المعارضة مواقفها المعلنة، في مؤشر على أن الأمور لن تخرج من دائرة المراوحة القائمة منذ أشهر
تطلب القوات اللبنانية اعتماد الجلسات المفتوحة لانتخاب الرئيس، بينما يعرض بري فكرة الحوار تليه جلسات متتالية، وبين النوعين فرق كبير وأساسين فالقوات تطلب أن يتخلى النواب عن حقهم بتعطيل النصاب، علماً انهم من المنادين بتعطيله بحال كانت النتيجة لمصلحة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بينما يطرح بري جلسات متتالية، أي ربما جلسات يومية، فتُفتح الجلسة وتنتهي بحال سقط نصابها، ثم تُفتح أخرى، لكن على أن يسبق هذه الجلسات حوار يقرب وجهات النظر.
في هذا السياق، من الممكن الحديث عن أن السبب الأساسي في رفض المعارضين للحوار يعود إلى هاجس قوى المعارضة الذي يتزايد، منذ انطلاق الحوار بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، من تبدل في التوازنات الداخلية، على قاعدة أن هذا الأمر يضعف من المعادلة التي كانت قد فرضتها في جلسة الانتخاب الثانية عشرة، أي تقدم الأصوات التي نالها الوزير السابق جهاد أزعور على تلك التي نالها رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.
بالإضافة إلى ما تقدم، هناك داخل قوى المعارضة من يعتبر أن كل ما تقوم به قوى الثامن من آذار في الوقت الراهن، هدفه رمي مسؤولية العرقلة عليها، لا سيما بعد تزايد المواقف الخارجية المنتقدة، ما يدفعها إلى الرد بالتمسك بالخيار “الديموقراطي”، الذي يعيد كرة العرقلة إلى ملعب بري، نظراً إلى أنه المسؤول، من الناحية الدستورية، عن إدارة العملية الانتخابية، وبالتالي هي تريد أن تعيد وجهة الضغوط إلى الفريق الآخر.
في مطلق الأحوال، كل ما يحصل حالياً من أخذ وردّ، يؤكد أن أفق التسوية الرئاسية لا يزال بعيداً، حيث الجميع لا يزال يبحث عن الوسيلة التي تحسن أوراق قوته أو تجمل موقفه أمام الرأي العام الداخلي والقوى الخارجية المؤثرة في الملف اللبناني، أما الحسم فهو لا يزال ينتظر تبدلاً في المعطيات الخارجية بشكل أساسي، لم تظهر مؤشرات واضحة وكاملة عليه بعد، ولو أن بعض الإشارات التي تصل الى لبنان من خلال الزيارات الرسمية توحي ببعض الإيجابية.
محمد علوش- الديار