القضية تتكرر: هذا ما ارتكبه 6 شبان ضد قاصر مقابل 2000 دولار!
تتواصل الاخبار البشعة والمقيتة يوما بعد آخر، وكأن الزمن انقلب رأسا على عقب، وعدنا الى مرحلة انسان الغاب، انسان ما قبل آدم، حيث كان الاقتتال سائدا من اجل البقاء على قيد الحياة. فالمبادئ الإنسانية باتت في مكان آخر، بعيدة عن الرحمة واحترام حياة الفرد، سواء كان قاصرا او بالغاً، رجلا او امرأة صبيا او فتاة. والغرائز وحدها التي أصبحت تُخضِع الطرف الأضعف، وكأنها قانون يفرض سلطته وسطوته بهمجيّة ووحشية.
فالمجازر الانسانية اليومية صارت تقترف ضد القصّار، بإصرار وتصميم تارة لتفريع شهوات مكبوتة، وطورا للحصول على الأموال عن طريق الابتزاز، وإما لأعذار سخيفة وتافهة ورخيصة غير مقنعة او منطقية. ومهما تعددت المبررات فيبقى الجرم والوجع واحدا.
فبعد جرائم الاغتصاب المتكررة التي استهدفت كلا من “ل. ط. “و “م. ش.” و “قضية سفاح الأطفال” في بلدة القاع، يومذاك كان الجاني واحدا والمعتدى عليهم مجموعة من الأطفال، وانكشفت الجريمة مطلع شهر تموز، حيث أقدم عسكري متقاعد على ارتكاب سلسلة اعتداءات على قصّار. كذلك جرائم الاغتصاب المتسلسلة التي اجتَرَأَ عليها الشقيقان تيمور واصلان “ش. و.” في بلدة المحيدثة، ضد عدد من الأطفال اللبنانيين والسوريين في البلدة، والتي فضحت في شهر آب ، وأيضا حدثت انتهاكات مماثلة في كل من القليلة وعكار والبقاع.
تعديل القوانين
مؤخرا، قامت اليابان بإعادة تعريف الاغتصاب، ورفعت السن القانونية لممارسة الجنس وأيضا سن الموافقة عليه، في خطوة مهمة لإصلاح شامل لقوانين الجرائم الجنسية. لذلك تم توسيع مفهوم الاغتصاب ليشمل “الاتصال الجنسي بغير رضا أحد الاطراف” من “الاتصال الجنسي بالإكراه”، حيث بات القانون الياباني متوافقا مع الدول الأخرى في هذا الصدد، وتم رفع السن القانونية للموافقة على ممارسة الجنس من 13 الى 16 عاما.
ويشير منتقدو القوانين السابقة الى انها لم تحمِ أولئك الذين أُكرهوا على ممارسة الجنس، وعرقلت الإبلاغ عن مثل هذه الاعتداءات، التي أدت الى صدور قرارات قضائية غير متوازنة ما تسبب بتأجيج الدعوات للتغيير. الجدير ذكره في هذا الإطار، ان القانون الجديد يحدد 8 سيناريوهات يصعب على الضحية فيها “تكوين نية عدم الموافقة او التعبير عنها او الوفاء بها” عن الاتصال الجنسي.
واهم تغيير في القوانين، هو ذلك الذي أعاد تعريف الاغتصاب من “الاتصال الجنسي بالإكراه” الى “الاتصال الجنسي بغير رضا أحد الأطراف خاصة إذا كان هذا الطرف قاصرا”. وتجدر الإشارة الى ان اليابان للمرة الأولى منذ عام 1907 تعدّل القانون المتعلق بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على قاصر، فالشخص الذي مارس الجنس مع قاصر ويتراوح عمره بين 13 و15 عاما لن يعاقب، الا إذا كان الشخص أكبر سنا من القاصر.
التحرّش والاعتداء والاستغلال
وفقا للقانون، يستخدم الاعتداء الجنسي على القصار غالبا، كمصطلح شامل يصف الجرائم الجنائية والمدنية التي يمارس فيها شخص بالغ، نشاطا جنسيا مع قاصر او يستغل قاصرا لغرض الامتاع الجنسي.
بالموازاة، الاختلاف شاسع بين التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي، فالتحرش الجنسي مصطلح واسع يحتوي أنواعا كثيرة من السلوك، سواء اللفظي او الجسدي غير المرحب به. اما الاعتداء الجنسي فيشير الى الاتصال الجنسي، وغالبا ما يكون جسديا ويحدث دون موافقة الضحية.
اما الاستغلال الجنسي فيفسّر على انه استغلال فعلي، او الشروع في الاستغلال في موقف ضعيف، او قوى متباينة، او ثقة لأغراض جنسية، او تهديد عن طريق القوة او الابتزاز او تحت ظروف غير متكافئة او قسرية.
من الشمال الى البقاع… القضية تتكرر!
لم ينس اللبنانيون قضية الاعتداء الجنسي حتى الموت على الطفلة لين طالب، حتى ظهرت الى العلن قضية مماثلة لكنها اشد قساوة، فأعمال الاغتصاب باتت تحدث وكأننا نعيش في بلد لا يوجد فيه مبادئ واعراف وقوانين تعاقب المجرمين، وتُنزل بهم اشد القصاص ليصبحوا عبرة لمن يعتبر.
البوح عن جرائم الاغتصاب وتحويلها الى قضايا رأي عام بالطبع مهم، لكن الأهم هو تعديل القوانين والتشدد بالعقوبة، على غرار ما فعلته اليابان حديثا بهذا الخصوص، ولنضع جانبا العادات والتقاليد ومفهوم الـ “التابو”، الذي يجعلنا رهائن لأعراف مجتمعية، حتى الدين بريء منها.
ما الذي حدث في عرسال مع الطفلة ع. ع.؟
بعد المعلومات المتضاربة حول الاعتداء على قاصر في عرسال، تحدث المحامي أشرف الموسوي لـ “الديار” عن الواقعة الصحيحة قائلا: “الرواية الحقيقية لهذه القضية هو ان ستة شباب جميعهم من الجنسية اللبنانية قاموا بالاعتداء على القاصر”. واكد “ان القضاء تمكن من توقيف 4، ثلاثة منهم باتوا في عهدة الأجهزة الأمنية، ويوجد شخص واحد متوارٍ عن الأنظار”.
وفي التفاصيل وفقا لموسوي: “انه تم خدع القاصر بطريقة تنطوي على مناورات احتيالية من قبل هؤلاء الشباب، حيث عمد واحد منهم الى استدراج الفتاة التي كانت ترفض الذهاب لرؤيته، لكنهم اخذوها مجبرة الى مكان ، وحاولوا الاعتداء عليها، وهذا ما حصل حرفيا وانا اتحمل مسؤولية كلامي”.
واشار الى انه “يوجد شاب من ضمن هذه المجموعة “مجنّد”، وهو من قام بعملية التصوير”، ولفت الى “انه يوجد مع المعتدين فيديوهات تعود للقاصر، وانا أيضا املكها”.
أضاف “لقد حذّرتهم انه في حال تم نشر الفيديوهات، فإننا سنصبح قضائيا في مكان آخر، والفتاة كانت قد اخبرت ذويها بما حدث، وانا بدوري وجهتهم الى فصيلة عرسال، وتم استدعاء الشباب بموجب مذكرة احضار وتوقيف 3 من هذه المجموعة منذ حوالى 5 أيام، وأُحيْل الملف الى النيابة العامة في بعلبك، ومن ثمّ الى قاضي التحقيق حمزة شرف الدين باعتبار الملف جناية، لان الاعتداء على القاصر موجود وصارخ”. وقال: “انطلاقا من المادتين 503 و505 فان العقوبة لن تقل عن السجن لمدة 7 سنوات”.
وأوضح الموسوي “ان الاعتداء يظهر جليّا في الفيديو الذي تم ارساله الى الفتاة لابتزازها، وقد بدأ هؤلاء بالمقايضة طالبين مبلغاً قدره 2000 دولار، لكنهم ما لبثوا ان خفّضوا المبلغ الى 600 دولار، والفيديو يؤكد الانتهاك والابتزاز، وسنصل في هذه القضية الى الخواتيم العادلة والمرجوة”.
ندى عبد الرزاق- الديار