باسيل: “البلد انتهى والصيغة تعاني… لا أرى إمكانية لانتخاب فرنجية أو عون”!

ينشغل رئيس التيار الوطني الحرّ بملفات كثيرة، أهمها اللامركزية الإدارية الموسعة، والصندوق المالي الإئتماني.

مثل هذه المشاريع تحتاج إلى جهد كبير ودراسات أكبر، لأنها تمثّل برأيه نقلة نوعية بالبلاد، يفترض بها أن تذهب به إلى ما فوق التجاذبات والخلافات السياسية أو الطائفية. يوحي الرجل بأنه يحاول اصطناع “رؤية جديدة” للبلد. هذا الدور الذي حاول رئيس الجمهورية ميشال عون أن يجده بعد انتخابه، من خلال إعلان لبنان كساحة لحوار الحضارات، يسعى باسيل إلى المراكمة عليه، وتعزيزه بجملة قوانين وقرارات إصلاحية لا بد من حصولها لإنقاذ لبنان من أزمته. يحاول من خلال هذه المشاريع الخروج من التفاصيل السياسية اليومية.

الصيغة والطائف
لا يرى باسيل أي تغييرات دراماتيكية في المرحلة المقبلة، فهو غير مؤمن بنظرية الانهيار السريع والشامل والدراماتيكي، لا مالياً ولا اقتصادياً، ولا أمنياً أو عسكرياً. الوضع سيبقى على ما هو عليه بانتظار حصول اتفاق بين مختلف الأفرقاء، يعيد تشكيل السلطة على أساس متوازن، معززة بقوانين إصلاحية، لأن البلد انتهى والصيغة تعاني. وبسبب معاناة الصيغة تبرز أصوات كثيرة في ظل الفراغ، تصرخ إما بتعديل الطائف أو الدستور، في مقابل أصوات أخرى ترفض المساس به. مع الإشارة إلى أن لا أحد يمتلك أي رؤية. وفي ظل عدم بروز مشروع بديل يجتمع عليه اللبنانيون فلا بديل عن الطائف، والذي يجب تحصينه برزم إصلاحية، على أساس التوافق الذي لا بد منه.

“الحوار”
بشكل مباشر يوحي كلام رئيس التيار الوطني الحرّ، بتطور في أدائه السياسي، أو ربما ما يذهب البعض إلى وصفه “بالنضج السياسي”، من خلال قراءة واقع البلد بكل توازناته وموقعه السياسي والجغرافي. وعليه، لا بديل بالنسبة إليه عن الحوار، بدلاً من البقاء في حالات الصراع أو الانقسام العمودي، الذي يسهم في شرذمة مكونات الكيان.

بالنسبة إليه لا بد من الانفتاح على الجميع، سواءً في لحظة الاختلاف السياسي مع قوى المعارضة فكان منفتحاً عليهم، وتقاطع معهم. أو في لحظة الاختلاف الرئاسي مع حزب الله فاستمر التواصل ولا يزال قائماً. مشيراً إلى أن الحوار مع الحزب إيجابي، ومستمر، وبعدما قدم الورقة التي تتضمن رؤيته للبنود الإصلاحية، وخصوصاً اللامركزية الإدارية الموسعة، والصندوق الإئتماني، كان رد فعل الحزب إيجابياً، وفتحت مساراً لاستكمال المناقشات.

مشاريع كبرى
ولكن السؤال الأساسي يبقى، هل يمكن لهذا الحوار أن يؤدي إلى انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية؟ يعتبر باسيل أن المسألة لا تتعلق بذلك، وبمجرد مقاربة الملفات بهذا الشكل فيعني أن هناك من لا يزال يفكر وفق الصيغة القديمة. وكأن الأمور تدار بالطرق السابقة نفسها. هذا منطق مرفوض بالنسبة إليه: “علينا أن نحتكم إلى عقل جديد، غير قائم على مبدأ المحاصصة أو التقاسم، ولا على الضمانات التي يتحدثون عنها، ولا تقديم وعد بانتخابي بعد ست سنوات، هذه كلها خارج الزمن وخارج السياق، ولا أطلب أي ضمانة أو أي موقع. ما أطلبه هو إيجاد رؤية جديدة للبنان، تتمكن من إنقاذه بالإقدام على مثل هذه المشاريع الإصلاحية الكبرى، لأن إقرارها يمثل نقلة نوعية بالبلد. أما مسألة الضمانات والحصص الوزارية وفي المواقع الإدارية، فهذه كلها أصبحت وراءنا، كنا في مرحلة لدينا كل شيء، ولم نعد مستعدين للعودة إلى ذلك”.

أهم من انتخاب فرنجية
الأهمية التي يوليها لهذين الملفين الأساسيين بالنسبة إليه، تسقط أمامهما كل الموانع والتفاصيل حول اسم الرئيس. فبحال التزموا بإقرار القوانين وتم إقرارها بشكل واضح ولا لبس فيه، مع توفير الضمانات القانونية والتشريعية اللازمة لتنفيذها وتطبيقها من دون تأخير، فحينها لا مانع من انتخاب فرنجية. أذهب لأنتخبه مقابل ذلك، ومستعد لتحمّل كل التكاليف مهما كانت، لأنني أعلم أن ما تحقق في مقابلها أعظم بكثير وأهم.

لا وقت للحوار المفتوح بينه وبين الحزب، ولا مؤشرات حول اقتراب الوصول إلى هذا التفاهم. أما واقعياً، وفي قراءة لتطورات الملفات الرئاسي، فلا يرى الرجل إمكانية لانتخاب “سليمان فرنجية وجوزيف عون”. والمسألة لا تتعلق بالذهاب للاتفاق معهما بشكل شخصي. الأمر يرتبط بإمكانية الوصول إلى تفاهم بين مختلف المكونات على رئيس. هل ذلك ممكن بدعم خارجي؟ وبتحرك الدول الخمس؟ بعد اجتماع الدوحة الخماسي، كان القرار واضحاً بمنح فرصة أخيرة للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، والتي ينتظرها اللبنانيون. وبحال عدم الوصول إلى اتفاق، فيمكن أن تتحرك جهات أخرى.

ولدى سؤاله عن الدور القطري، يشير إلى أنه منسق مع الدول الخمس. مع الإشارة إلى أن قطر لا تلزم نفسها بمرشح واحد، بل الغاية هي الوصول إلى توافق بين مختلف الأفرقاء.

الضغوط الخارجية
في النهاية، لا بد من الوصول إلى تسوية، وفق قراءة رئيس التيار الوطني الحرّ، وذلك بتوفر مقومات داخلية وخارجية لها، لأن البلد لا يمكن أن يكمل هكذا. ربما تتزايد الضغوط الخارجية والتي تدفع القوى المحلية إلى تغيير وجهات نظرها، أو مواقفها، خصوصاً في ظل الحديث عن ضغوط أميركية. لكن لا يجب على اللبنانيين انتظار الخارج. والأهم تركيز الاهتمام على إعادة التواصل مع كل المكونات وفق رؤية جديدة يستعيد من خلالها اللبنانيون التوازن. وهذا ما كنا قد سعينا إليه لدى الاتفاق مع الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، ولكن لأسباب كثيرة لم تنجح المحاولة. اليوم لا بد من الاضطلاع بصناعة تصور جديد بين المسيحيين والمسلمين.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة