نجوم الشباك بملابس النساء في أدوار كوميدية !

في كثير من الأفلام الكوميدية اقتضت الضرورة الدرامية أن يرتدي النجوم الرجال من الفنانين المصريين ملابس نسائية للتنكر أو تجسيداً مُضحكاً للأدوار الخاصة في بعض الأحيان، وهذه النوعية من الأفلام تُثير عادة الجدل حول قبول المُمثل النجم القيام بدور نسائي وتأثير ذلك على جمهوره وربما يرى الكثيرون ممن قبلوا بهذه الأدوار أن الوقوف أمام الشكل الخارجي للشخصية الدرامية مسألة ثانوية لا تعنيهم في شيء، حيث العبرة بالمضمون والجوهر أولاً وأخيراً.

ومن أشهر الأفلام التي ظهر فيها البطل بملابس النساء فيلم «الأنسة حنفي» وهو الدور النوعي الذي قدمه إسماعيل يسن حين طرح مُبكراً جداً قضية التحول الجنسي للمُناقشة قبل سنوات طويلة فائتة.

وقد نجح الفيلم جماهيرياً كعمل كوميدي ولم يُلتفت كثيراً لمضمونة الإنساني وخطورة القضية التي يناقشها. بيد أنه ظل حالة فنية فارقة وفريدة من نوعها في تراث إسماعيل يسن السينمائي.

ولما كانت هذه النوعية من الأفلام تحمل قدراً من الجرأة تردد تجاهها عدد كبير من النجوم ورفضوا فكرة ظهورهم على الشاشة بملابس النساء خوفاً من رد فعل الجمهور إزاء تحولهم عن السياق الفني والإبداعي وطبيعة الأدوار التي اشتهروا بها، فمن هؤلاء على سبيل المثال عمر الشريف وفريد شوقي ورشدي أباظة ومحمود يسن ونور الشريف ومحمود عبد العزيز وأحمد زكي وآخرون لم تُسجل لهم مشاهد أو لقطات من هذا النوع، بينما هناك من قبل بدخول التجربة وتركت أدواره أثراً يُذكر من الناحية الفنية.

لقد اشتهر الفنان الكوميدي الراحل عبد المنعم إبراهيم بإجادته القوية لتجسيد دور المرأة بشكل كوميدي مُلفت وقد ظهر ذلك في فيلم «سُكر هانم» الذي لعب فيه دور سيدة أرستقراطية مع هند رستم وكمال الشناوي وعمر الحريري لتمرير الخدعة على عبد الفتاح القسري، واعتبر ذلك الدور من أيقونات السينما المصرية وأهم الأدوار الفكاهية للفنان الكوميدي الكبير.

ولطرافة الدور والشخصية عمد عبد المنعم إبراهيم لتكرار نفس النمط في فيلم «أضواء المدينة» مع شادية وأحمد مظهر وحسن مصطفى وإبراهيم سعفان ولم يجد حرجاً من أي نوع في هذا التكرار.

وما فعله عبد المنعم إبراهيم فعله الفنان سمير غانم في أكثر من عمل فني كان أشهرها مسرحية «أخويا هايص وأنا لايص» وفيلم «أغبياء لكن ظرفاء» بخلاف بعض المشاهد القصيرة في أفلام ومسرحيات أخرى، وكذلك قبل عادل إمام بتجسيد الدور بشكل جزئي وفقاً للضرورة الدرامية والسياق في أفلام مثل «الكل عايز يحب» مع نور الشريف وسهير رمزي وحسن حامد وأيضاً فيلم «احترس من الخُط» مع لبلبة ولم يستنكف أن يظهر أمام جمهوره العريض بالملابس النسائية.

كما أن نجم الكوميديا الكبير فؤاد المهندس قدم أدواراً من هذا النوع غلب عليها الطابع الكوميدي لتكون مقبولة ومُستساغة من بينها فيلم «اقتلني من فضلك» وفيلم «انت إللي قتلت بابايا» ضمن سلسلة أفلامه الشهيرة مع شويكار وأيضاً كان للفنان محمد صبحي دوراً مهماً في مسرحية «تخاريف» ظهر فيه بالملابس النسائية.

وفي دور استثنائي خاص جداً وعبر مشهد قصير للغاية في فيلم «حرب الفراولة» قبل الفنان محمود حميدة الظهور بالزي النسائي وهو في حالة تنكر، لكن لا يُمكن اعتبار المشهد الذي ظهر فيه بمثابة دور مُتكامل وإنما نورده في هذا السياق من باب التنويه وقبول حميدة بالمبدأ ذاته وعدم استنكاره للفكرة أو رفضها.

الفنان الكوميدي الراحل جورج سيدهم واحد من الذين اشتهروا بظهورهم المُتكرر في بعض الأفلام والمسرحيات بالمظهر النسائي، فقد كان اهتمامه بالدور أكبر من وقوفه عند الشكل، ففي المسرحيات والإسكتشات التي قدمها مع سمير غانم والضيف أحمد ضمن أعمال الثلاثي المرح الشهيرة ظهرت قُدراته الفنية والكوميدية في هذا الإطار بشكل مُتميز.

ولما كانت هذه الأدوار من الأشكال الكوميدية المرغوبة لدى شريحة معينة من الجمهور لم يرفضها الكثير من نجوم الكوميديا كيونس شلبي الذي قدم الدور في فيلم «ريا وسكينة» مع شريهان في نسخته الحديثة نسبياً عام 1983 ومحمد هنيدي الذي اعتمد على الشخصية النسائية بشكل أساسي في أداء المواقف الكوميدية حين لعب دور البطولة في فيلمه «يا أنا يا خالتي» الذي انتقد فيه عوالم الخُرافة والشعوذة والمشعوذين وحقق بفعل الرواج الجماهيري لشخصية نوسة الدجالة شهرة واسعة وإيرادات بالملايين.

ولم يكن أداء المُمثل الراحل علاء ولي الدين خارج هذا الإطار، لكنه قدم الشخصية بطريقته الخاصة في فيلم مهم يُعد من أشهر أفلامه وأهم أدواره كبطل مُطلق وهو فيلم «الناظر» الذي تغير اسمه من «الناظر صلاح الدين» إلى «الناظر» فقط بعد اعتراض الرقابة على العنوان لاقترانه بشخصية صلاح الدين الأيوبي وتشابهه مع اسم فيلم الناصر صلاح الدين بطولة أحمد مظهر وإخراج يوسف شاهين.

هناك أيضاً من النجوم من ظهروا ظهوراً عابراً بملابس النساء في أفلام لم تحظ بالقبول والنجاح لعدم قُدرتهم على الإقناع بالأداء الكوميدي الخفيف كشرط أساسي للتذوق والتجاوب وهؤلاء لم يكرروا التجربة ولم يشأ أي منهم أن يذكرها كمحطة ثانوية في حياته ومشواره الفني.

كمال القاضي- القدس العربي

مقالات ذات صلة