“زحفٌ” خطير يهدّد لبنان: هل من تحضيرات لمواجهته؟

لا بدّ من التحذير من “زحف” يهدّد لبنان بالفعل. “زحف” لا يمكن مواجهته باتّفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، ولا على شكل الحكومة الجديدة، ولا على اسم لحاكم جديد لمصرف لبنان، ولا بالتلويح باستخدام سلاح، ولا بالتعويل على مواسم سياحية…

المناطق الأكثر برودة…

فالتغيّر المناخي يعصف بنسبة مهمّة من الأقاليم والمناطق على الأرض، وهو بات أكثر تهديداً لدول مختلفة حول العالم، لم تشهد العام الفائت ما تشهده من صعوبات مناخية حالياً.

فمفاعيل تغيُّر المناخ تتوغّل في البلقان عموماً، وصولاً الى أوروبا الشرقية، بنتائج أقسى من السنوات السابقة، وأكبر من الحرائق التقليدية التي كانت تشهدها اليونان مثلاً، أو غيرها من الدول خلال السنوات السابقة. وحتى إن درجات الحرارة باتت تهدّد أوروبا الغربية، وأوروبا المتوسّطية الغربية، بشكل أعنف ممّا كانت عليه الأحوال سابقاً. فضلاً عن أن موجات الحرارة ما عادت تضرب المناطق التي تتعرّض لحرارة مرتفعة في العادة، فقط، بل تلك التي تبقى أكثر برودة حتى خلال فصل الصيف (في العادة)، أيضاً.

لبنان

ما سبق ذكره يضغط على الدول، خصوصاً على تلك التي تستقبل أعداداً قياسية من السيّاح سنوياً، وهي تلك التي تعمل الشرطة والسلطات الأمنية المحليّة فيها على توفير المساعدة والإسعافات الضرورية لأي سائح يواجه صعوبة من جراء موجات الحرّ القياسية فيها، خصوصاً أن تلك الأخيرة تسبّبت بوفاة أكثر من 60 ألف شخص في أوروبا، خلال صيف 2022.

صحيح أن المتغيّرات المناخية القاسية تهدّد القارة الأميركية أيضاً، وأستراليا، والصين، وغيرها من المناطق والبلدان، إلا أن اهتمامنا بما يحصل في منطقة حوض البحر المتوسّط يبقى أكثر تركيزاً، انطلاقاً من أن ما لم نشهده في لبنان على هذا المستوى بَعْد، قد نلاحظه في وقت لاحق، غير بعيد تماماً ربما.

فصحيح أنه لا يمكن تأكيد أو تثبيت شيء محدّد على هذا الصّعيد، ولا الحديث عن أحوال الطقس كالتوقّعات، إلا أنه لا يمكن المرور ببساطة الى جانب التحذيرات من أن درجات الحرارة ستتجاوز الـ 50 درجة مئوية في منطقة البحر المتوسط، بحلول منتصف القرن، مع ما يمكن أن يكون لذلك من “تحضيرات” لانعكاسات ونتائج على لبنان، خلال وقت قريب، أو بدءاً من الصيف القادم مثلاً.

خطط؟

فهل من تحضيرات لبنانية لمواجهة الظروف المناخية القاسية؟ وماذا عن إنشاء ملاجىء خاصّة بالمناخ مثلاً، لإيواء السيّاح أو حتى المواطنين، وتوفير المساعدة لهم على مستوى أجهزة التكييف، والمياه… سواء في فصل الصيف، أو الشتاء؟

أكد مصدر مُطَّلِع أن “لا خطط أو تحضيرات لبنانية فعليّة لمواجهة احتمالات وانعكاسات التغيّر المناخي، ولا لرفع نسبة الجهوزية، في ما لو شهد لبنان موجات مناخية غير مُعتادة خلال وقت قريب”.

وشدّد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” على أن “لا مجال لتلك الأمور حالياً، فيما نحن عاجزون عن توفير الكهرباء والمياه ووسائل العيش الأساسية للناس”.

وختم:”لا يوجد من يقدّر هذا النّوع من المخاطر في الوقت الحالي. وبالتالي، أقصى المُتاح حالياً هو العمل وفق قدراتنا، وترك ما لا قدرة لنا عليه”.

“أهلا بهالطلّة”…

ما كشفه المصدر سابقاً ليس مُستغرباً. ففي لبنان، لا مجال للوقاية من شيء، ولا لتفادي الكوارث، ولا لحماية الناس، بدءاً من الرصاص الطائش، وصولاً الى درجات الحرارة المرتفعة، أو المنخفضة جدّاً.

والبلد الذي لا بنية تحتية مُناسِبَة فيه لأيام الحروب، هو نفسه البلد الذي لا بنى تحتية فيه، للتعامل مع أي شيء. وفي تلك الحالة، ليس أمام الناس في لبنان سوى الوقوف على الشواطىء اللبنانية، وعلى قمم الجبال، والترحيب بالظواهر القاسية، وبالتغيُّر المناخي، وبالكوارث الناجمة عنه بالتّصفيق الحارّ، وبالصّراخ العالي:”أهلا بهالطلّة أهلا”…

انطوان الفتى- اخبار اليوم

مقالات ذات صلة