الموفد الفرنسي آتٍ في مهمّة على درجة عالية…ولكن بوجهه عقدتان!

على مسافة أيّام من وصول لودريان، تجتاح المشهد السياسي موجة من التكهّنات حول مهمته في بيروت؛ بعضها يعلّق عليها الأمل بانفراج ممكن، بوصفها محصّنة بهيبة الايليزيه، ومنسقة ما بين دول الاجتماع الخماسي. وبعضها الآخر يقاربها بكونها مهمّة شبه مستحيلة، ويشكّك في نجاح لودريان في في اقناع الشتات السياسي اللبناني بكسر صخرة التعطيل والتوافق على رئيس للجمهوريّة. وبعضها الثالث يقاربها كمهمة فاشلة حتما ما لم تكن محصّنة من راعيها، أو رعاتها، بعوامل وآليات إنجاحها.

بمعزل عن تلك التكهنات والتخيلات، وعما يحمّله لودريان في جعبته، فعلى ما تقول مصادر مواكبة للحراك الفرنسي لـ”الجمهورية” إنّ “الموفد الرئاسي الفرنسي ليس آتيا للسياحة والنزهة في لبنان، بل هو آتٍ في مهمّة على درجة عالية من الاهمية، وما بعدها لبنانيا، ليس كما قبلها، حيث على نتائجها يتحدّد المسار اللبناني نحو واحد من اتجاهين؛ الأوّل في اتجاه الانفراج واعادة انتظام حياته السياسيّة بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة في القريب العاجل. والثاني في اتجاه الإقامة الطويلة الأمد على رصيف الانتظار والتخبط باحتمالات سلبية على كل المستويات، ريثما تنشأ ظروف استيلاد فرصة جديدة. علما أن كلّ المؤشّرات الخارجية تتقاطع عند حقيقة أنّ لبنان بالكاد يجد له مكانا في اجندات الأولويات والاهتمامات الدولية”.

المطلعون على الاجواء الفرنسية يؤّكدون أنّ باريس قد وضعت كلّ ثقلها في مهمّة لودريان وتأمل أن تسري في الهشيم اللبناني، بوصفها الفرصة الخارجيّة الوحيدة المتاحة حاليّا لإنضاج حلّ يضع لبنان على سكّة الخروج من أزمته، إلا أنّ قراءة الوقائع الداخلية تؤكد أنّ الأكثر ترجيحا حتى الآن هو الاتجاه الثاني، ذلك انّ هذه مهمّة لودريان بما تحمله من رغبة في اطلاق حوار لبناني حول رئاسة الجمهورية، اشبه ما تكون بالتنقيب عن حل مفقود، ومحفوفة بصعوبات من كلّ جوانبها، حيث تترصّد لها مكوّنات سياسية مفخخة بكلّ ما يعمّق الإفتراق والإنقسام ويرسّخ التطبيع مع الفراغ في رئاسة الجمهوريّة وشلل الدولة ومؤسساتها. وهذا يفسّر انّ الدّاخل السياسي لا يبدو متحمّسا لمهمّة لودريان، وتؤكّد ذلك أجواء الأطراف المعنيّة بالملف الرئاسي، وتناقضاتها التي تشكّك مسبقا بجديّة وجدوى أيّ حوار في ما بينها.

واذا كانت الاشارات السابقة لوصول لودريان إلى بيروت قد عكست الرّغبة في إطلاق حوار يديره رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إلّا أنّ مصادر سياسية مسوؤلة تؤكد لـ”الجمهورية” ان هذه الرغبة قد لا تتحقق.

ورجحت المصادر أن يصطدم “حوار لودريان” بعقدة المشاركة فيه، وخصوصا ان بعض الاطراف، مثل “القوات اللبنانية” استبقت وصول الموفد الفرنسي برفضها الحوار. الا ان مصادر سياسية اخرى اعتبرت ان هذه العقدة، وبرغم الاعتراضات المسبقة، تبدو غير مستعصية على الحلّ، ذلك انّ اطراف الإنقسام الداخلي على اختلافها، ومهما علت نبرة اعتراضاتها لا تستطيع إلّا أن تنزل عند الرغبة الفرنسية وتشارك، لكي لا توضع في خانة تخريب المسعى الفرنسي”.

واذ اكدت المصادر عينها أنّ مكان انعقاد الحوار لن يشكّل عقدة بدوره”. الا انها تلفت الانتباه الى عقدتين لا يستهان بهما، الاولى ستتبدى في ارباك حتمي في تحديد المشاركين في الحوار. فإذا كانت مشاركة الكتل النيابية محسومة بممثلين عنها، فماذا عن النواب الآخرين المستقلين؟ فمن سيمثلهم؟ وهل سيتم تجاوزهم؟ ام انه سيكون لهم مكان في هذا الحوار؟ واما العقد الثانية، ولعلّها العقدة الاساس، فستتبدى حول من سيدير هذا الحوار.

الجمهورية

مقالات ذات صلة