حزب الله صاحب اليد العليا ميدانياً وامنياً وعسكرياً: إنتظروا جولة جديدة باتجاه بلدة الغجر!
تثبيت وقائع جديدة جنوباً تتجاوز الحدود: “العبور” بلا حرب!
في الوقت السياسي الرئاسي الضائع، يتقدّم الجنوب اللبناني إلى واجهة الأحداث. ما يشهده الجنوب منذ أيام، هو عبارة عن تحركات تسلسلية لن تتوقف عند حدود. كما لا وجود لمؤشرات بأنها ستستمر بوتيرة تصاعدية، لتصل إلى حدود المواجهة أو اندلاع معركة عسكرية واسعة. كل ما يجري مدروس، ويبقى في إطار العمليات المضبوطة، هدفها تثبيت وقائع على الأرض، كما يريد حزب الله توطيدها. ولذلك أكثر من هدف. بعض الأهداف يرتبط في استمرارية الصراع مع العدو الإسرائيلي، وشرعية المقاومة. وبعضها الآخر يتعلّق بتأكيد وقائع ميدانية بما يُظهر الإصرار على لبنانية تلك الأراضي.
ضمن قواعد الاشتباك
ليس من الوارد أن تتوقف التطورات عند هذا الحد، إنما ستكون مستمرة في المرحلة المقبلة، بشكل لا يخرج عن نطاق قواعد الاشتباك المفروضة. ولكنها أحداث تفتح الأبواب على جدالات متعددة، حول أسبابها وخلفياتها، وإذا ما كانت عملية استباقية لأي طرح قد يتم التقدّم به في المرحلة المقبلة لترسيم الحدود البرية.
كما أنه بالارتكاز إلى هذه الأحداث، يؤكد الحزب مجدداً على استمرار عمله المقاوم في سبيل تحرير الأرض. لم تبدأ القصّة بمسألة إنشاء الخيمتين خارج الخط الأزرق، بل سبقتها تطورات متعددة، كان أبرزها تحركات شعبية من قبل أهالي المنطقة، لإزالة الشريط الشائك وتجاوزه باتجاه الأراضي اللبنانية المحتلة، والمطالبة بتحريرها. لتأتي بعدها عملية إنشاء الخيمتين، بهدف التأكيد على لبنانية تلك الأراضي والحرص على السيادة، بالإضافة إلى دعم الفلسطينيين. كذلك فإن هذا الجهد والتطور ينطلق من قناعة ثابتة بأن الأمور لن تذهب إلى تطورات دراماتيكية، لأن لا الظروف الدولية ولا الإسرائيلية تسمح بذلك.
نحو مخيم.. إسمنتي؟
كل الوساطات التي أدخلها الإسرائيليون على خطّ إزالة الخيمتين باءت بالفشل. فيما تؤكد مصادر قريبة من حزب الله، أنه غير مستعد على الإطلاق لإزالتهما. وهذا أمر غير مطروح للنقاش أبداً. لا بل إن ردّ الفعل الإسرائيلي قدم المزيد من الإغراءات للحزب، من أجل زيادة عدد الخيم في تلك المنطقة، وربما تحويلها إلى مخيم قائم بذاته، وومن ثم تحويلها أيضاً إلى مخيمات اسمنتية. ذلك سينطوي على ردّ فعل إسرائيلي أيضاً، ولكنه سيكون مضبوطاً وتحت سقف قواعد الاشتباك القائمة، والجدال الميداني المستمر.
يريد حزب الله من خلال هذه التطورات إبراز حقائق محددة، منها أنه صاحب اليد العليا ميدانياً وامنياً وعسكرياً على طول الحدود، بغض النظر عن عمل قوات الطوارئ الدولية، اليونيفيل، والإصرار الغربي على ضرورة تعزيز صلاحياتها وتوسيع نطاق عملها. هذا الأمر يردّ عليه الحزب ميدانياً، بالقول: “الأمر لي”. وهو ما يفترض أن ينطبق على أي محاولة لإعادة إحياء المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية. حتى وإن كانت العملية متأخرة، ولن تصل إلى نتيجة في هذه المرحلة، إلا أن الأساس يبقى مرتكزاً على أن حزب الله هو الذي يملك القرار بهذا الشأن، ولو واستمر التفاوض لعشر سنوات على غرار عملية الترسيم البحري.
معادلة الجيش والشعب والمقاومة
جزء من الوقائع التي يريد الحزب تثبيتها أيضاً، هو معادلة الجيش والشعب والمقاومة. وهي الصورة التي أظهرتها عدسات الكاميرات في كل الفترة السابقة، أثناء تحرك المواطنين اللبنانيين بتجاوز الشريط الشائك والخط الأزرق، والمطالبة بتحرير هذه الأراضي واستعادتها. ومن خلال تحركات حزب الله عبر إنشاء الخيم وما سيليها من تحركات، بالإضافة إلى استنفار الجيش اللبناني الدائم، ومنعه الإسرائيليين من القيام بأي تحركات لخرق الخط الأزرق باتجاه لبنان. إعادة تكريس هذه المعادلة ميدانياً لا بد أن يكون له انعكاسه السياسي في المرحلة المقبلة على أي تسوية ستكون مطروحة.
وعليه، لا بد من انتظار جولة جديدة هذه المرّة باتجاه بلدة الغجر، التي لن يكون هناك أي موافقة على التطبيع مع الأمر الواقع الذي يحاول الإسرائيليون فرضه هناك.
منير الربيع- المدن