اغتصبت حتى الموت في العيد… هل سيُعرف من الجاني أم تتم “لفلفة القضية”؟
ينتظر اللبنانيون نتائج التحقيقات التي تُجريها وزارة الصحة والنيابة العامّة شمالاً، للكشف عن تفاصيل الاعتداء الجنسي الذي طال الطفلة لين طالب ابنة بلدة سفينة القيطع العكارية، إذْ لا يُمكن إغفال أنّ هذه الجريمة الغامضة التي هزّت الشمال وتحديداً عكار والمنية حيث توفيت طالب، تحمل الكثير من الأسرار وعلامات الاستفهام التي لا تزال تُطرح حتّى اللحظة، على أمل إصدار أيّ بيان أو رواية توضح حقيقة ما جرى.
يتكتّم المعنيون بهذه القضية عن تفاصيل هذه الجريمة خوفاً من المساءلة القانونية التي تُشير معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّها مشدّدة للغاية ولا ترغب في تسريب أيّ معلومة لا سيما الى الاعلام، فيما تلفت معطيات أخرى إلى أنّ التحقيقات “الشكلية” لا تزال قائمة للكشف عن سبب الوفاة المباشر وللوصول إلى نتيجة يرغب في معرفتها كلّ المقرّبين الذين شيّعوا أمس جثمان الطفلة في بلدتها وسط أجواء غاضبة وحزينة في آن.
من هنا، يُوضح الطبيب الشرعي المعاين للحالة سامي الأحدب لـ “لبنان الكبير” أنّ التحقيقات لا تزال مفتوحة، لافتاً إلى أنّه يلتزم بقرارات القضاء وإجراءاته التي لا تسمح لأحد بالتصريح عن مستجدّات التحقيقات التي أدلى بها قضائياً أيّ “أنّنا قمنا بما يلزم أمام القانون الذي نأتمر بأمره، ولينتظر الجميع المستجدّات”.
هذه المستجدّات التي يُمكن أن تستغرق يومين للادلاء بنتيجتها عملياً بعد إجراء التحقيقات اللازمة مع الوالدين، المقرّبين، والطاقم الطبّي في مستشفى المنية الحكوميّ حيث نقلت الجثة، تحتاج إلى تحلّي العائلتين بالمسؤولية والقدرة على تحديد الجاني مع أهمّية التزام القوى الأمنية بواجباتها للحفاظ على الاستقرار أيّاً تكن النتيجة التي قد تكشفها الأيّام المقبلة.
لذلك، يُشير أحد الأطباء شمالاً لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ فعل الاغتصاب والاعتداء يظهر عبر العنف المرتكب لإتمامه، وأنّ الهدف من الكشف الطبيّ يكمن في توثيق الجريمة بالأدلة للتبرئة أو الاتهام. ويقول: “في حال حدوث اغتصاب، يجب أن يعقبه فحص سريري سريع وعاجل لمعرفة المرتكب ولإثبات الجريمة من الحيوانات المنوية الموجودة أو الآثار المتبقية مثلاً، وغيرها من التفاصيل التي يُدركها المعاين أو الطبيب الشرعي في وقتٍ لا يحتمل التأجيل، أمّا في حال الطفلة فنترك المسألة للقضاء وحده منعاً للتشويش”.
هذه الواقعة التي لا يُمكن تحليلها بمعطيات غير مثبتة وبدلائل غير واقعية، ضربت عائلتي طالب (الوالد) وبو خليل (الوالدة)، فابنة الستة أعوام التي توفيت ثاني أيّام العيد عقب جريمة لا تغتفر، لم يكن يتوقّع أحد أن تتعرّض لاعتداء جنسيّ عنيف “مزّق أعضاءها التناسلية عبر الاعتداء عليها من الخلف”، حسب المعطيات الطبّية التي شدّدت على أنّ ما حصل معها كان “اعتداءً متكرّراً لم يحصل للمرّة الأولى، وأدّى إلى حدوث نزيف مع التهابات رفعت حرارتها وأدّت فيما بعد إلى وفاتها نتيجة هذا الاعتداء”.
في الواقع، لم تسلم هذه القضية الملحة من الاتهامات التي طالت عائلة الوالدة وعد بو خليل، إذْ وجهت أصابع الاتهام ضدّها وضدّ عائلتها مباشرة بعد معرفة خبر الاعتداء، وبالتالي إنّ عائلة طالب التي أكّدت أنّها تلقّت خبر وفاة الطفلة بحادث سير أوّلاً ليتضح فيما بعد تفاصيل هذه الحادثة بعد المطالبة بوجود طبيب شرعي وآخر لإثبات هذه الواقعة التي بدت غير طبيعية مع وجود كدمات على وجه الطفلة وجسدها، دفعت هذه القضية إلى هامش آخر جديد يشمل سلسلة اتهامات متبادلة بين العائلتين وصلت إلى حدّ اتهام عمّ الفتاة بالاعتداء عليها، الأمر الذي زاد المسألة تعقيداً.
وكان صدر بيان عن عائلة بو خليل، يلفت إلى الافراج عن والدة لين، “بعدما أثبتت التحقيقات النهائية أنّ ليس لها أيّ علاقة بمقتل طفلتها لين، فيما تبيّن أنّه اعتدي على الطفلة أكثر من مرة من عائلة والدها من آل طالب في محلة سفينة القيطع…”، مشيراً إلى ترك القضية “رهن التحقيق بعد تحويل كامل الملف إلى مكتب الآداب لمتابعة التحقيق”.
وفي التفاصيل، يُوضح مختار سفينة القيطع العكارية محمّد عباس أنّ طالب كانت طلبت من والدها إرسالها منذ أيّام إلى والدتها لتقضي معها عطلة العيد، وبقيت الطفلة 8 أيّام في المنية حيث تعيش الأم المنفصلة عن والدها منذ عام تقريباً. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “يُقال إنّ مضاعفات أصابتها مع درجة حرارة مرتفعة دفعت والدتها إلى نقلها إلى مستشفى المنية الحكوميّ ثمّ إعادتها إلى المنزل، لتعيد نقلها إلى المستشفى من جديد الساعة السابعة مساءً لكنّها كانت متوفية، وما كان مستغرباً أنّ إدارة المستشفى كانت مصرّة على تسليم جثة الطفلة بالسرعة القصوى، وأنّ الخبر الأوليّ الذي تلقيناه كان وفاتها بحادث سير، لذلك كان الإصرار على أهمّية معرفة سبب الوفاة الذي بدا غير طبيعيّ وناتجاً عن اعتداء أحدث نزيفاً شديداً”.
ويضيف: “طالبنا بطبيب آخر للفحص في اليوم التالي وأكّد نتيجة التقرير الأوّل، فتدخلت النيابة العامّة وطلبت التحقيق مع الوالدين اللذين أوقفا 24 ساعة على ذمّة التحقيق وأخلي سبيلهما لاقامة العزاء، وبالتالي إنّ هذه القضية التي أحيلت على قاضي التحقيق الشمالي للتوسع في التحقيق عبر طلب كلّ المقرّبين، يُمكن أن يصل إلى نتيجة نستعيد معها حقّ الطفلة”.
ويُؤكّد عباس أنّ الوالدة هي من اتهمت عم الفتاة الذي تمّ التحقيق معه بأنّه ارتكب هذه الفاحشة، متسائلاً: “إذا كان عمّها من ارتكب الجرم، لم كلّ هذا الصمت من الوالدة؟ وإذا كان الجرم متكرّراً فكيف يحصل نزيف؟ كلّ هذه الاتهامات أو المعطيات تبقى رهن التحقيق هو من يثبتها أو ينفيها”.
وكان بعض المتابعين اتهم مستشفى المنية الحكومي بالتقاعس عن متابعة هذه الجريمة، كما تحدّث آخرون عن دعم سياسيّ دعا إلى “لفلفة القضية”، ليُشدد المختار على أنّ ليس هناك رجل سياسي واحد يطمس هذا الفعل، وفي المنية تحديداً جمعيهم “أخوتنا ويخشون الله بضمير، لذلك ننتظر التحقيقات الجارية ولا نتهم أحداً ولا غطاء على أحد من الطرفين مهما حدث”.
اسراء ديب- لبنان الكبير