مطلب “الشيعة” يخرج للعلن … مُكتسبات مكتوبة لمشاركة كاملة!
قبل شهر حزيران الماضي، كانت كل المؤشرات تدل على وجود مساع جدية لانتخاب رئيس للجمهورية قبل منتصف حزيران 2023، وكانت المؤشرات نفسها تُشير الى أن الفشل في تلك المحاولة، سيعني صيفاً من الفراغ وإطالة أمد الشغور في سدة الرئاسة، وهو بالفعل ما دخل لبنان فيه، بعد فشل محاولات انتخاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، وتوحّد المعارضة والأكثرية المسيحية بوجه فرنجية.
دخلت الأزمة السياسية عطلة صيفية قد تستمر طويلاً، بحال لم يأت الخلاص من الخارج، فالداخل أعلن عجزه عن تدبير أموره وتسيير عجلة الدولة، والخارج لا يزال ينتظر تقاطعات معينة بغية إنتاج حلّ في لبنان، يُثمر تغييرات دستورية ولا يقتل النظام.
في هذا السياق، نقل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى قيادته أجواء قاتمة حول الأزمة الرئاسية، فبحسب مصادر سياسية متابعة فإن لودريان خرج بعد لقائه بحزب الله بانطباع واحد، وهو أن الحزب ليس بوارد التخلي عن مرشحه الرئاسي مقابل مكتسبات بسيطة، وبمعنى أدقّ فإن الحزب أعاد التذكير بمواقف سابقة حول المؤتمر التأسيسي، دون أن يسميه.
عندما يتحدث حزب الله عن مؤتمر تأسيسي، فهو يعني رغبته بتعديلات دستورية تُدخل مكتسبات الشيعة ضمن الدستور المكتوب، وعند الحديث عن هذه المكتسبات، تقول المصادر، بأن أساسها المقاومة، وهو ما يحتاج الى بحث مفصل، يتعلق بقوة لبنان ومنعته وضرورة المقاومة في ملفات أساسية كتحرير الأرض وحمايتها وحماية حقوق لبنان النفطية في البر والبحر، وتفاصيلها تتعلق بالسياسة، ومن هذه التفاصيل المشاركة الشيعية ضمن الحكومة على سبيل المثال، لأن الشيعة يعتبرون مشاركتهم هذه شبه رمزية. ومن هنا كان تمسكهم خلال الفترة الماضية بالتوقيع الثالث في وزارة المال، والهدف لم يكن التوزير بقدر ما هو المشاركة بالحكم، وذلك بعدما شعر الشيعة بعد تسوية الدوحة تحديداً، أن الصراع الطائفي الذي كان مكبوتاً خلال الوجود السوري في لبنان، ومضبوطاً بوجود رفيق الحريري، خرج الى العلن.
في الوقت الذي يحاول فيه البعض طرح “المداورة” في الوزارات، بغية سحب وزارة المال من الطائفة الشيعية وعدم تثبيت هذه الأعراف، ويُريدون فرض التمسك بالمداورة على أي رئيس جمهورية مقبل، خرج سليمان فرنجية بشكل واضح ليؤكد أنه لم يُقدم ضمانات من هذا النوع للفرنسيين والسعوديين، فالرجل يُدرك أن المداورة بالوزارة قد لا تكون ممكنة في المستقبل، وأن الامر متروك لوقته ولهوية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وبحسب المصادر يسعى “الثنائي الشيعي” لتثبيت هذا الحق من خلال تعديلات دستورية بحال كان الحكم في لبنان بحاجة الى تسويات دائمة، خاصة مع اعتباره أن المرحلة التي تمر بها المنطقة اليوم هي لصالحه.
وضع “الثنائي” لودريان أمام خيارات ضيقة، فهم مع تأييدهم للحوار غير المشروط، يؤكدون أن التوجه نحو رئيس توافقي يُرضي الجميع، لا لون له ولا رائحة، وإلباس الأزمة اللباس الطائفي، يعني ضرورة السير بتعديلات جوهرية في النظام، لا تُغيّر اتفاق الطائف الذي يتمسك به “الثنائي” وتحديداً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إنما تواكب التغيرات السياسية في لبنان خلال الـ 32 عاماً الماضية، لضمان مشاركة كاملة “للشيعة”.
محمد علوش