الرئاسة في عنق الزجاجة: حزب الله “مزروك” والمعارضة لن تتنازل للثنائي!
لا يزال الملف الرئاسي اللبناني عالقاً في عنق الزجاجة، فيما الأزمات تطوّق لبنان بشكل غير مسبوق وآخرها تقرير صندوق النقد الدولي المحذر من الانهيار الكبير.
وفي حين يبدو أن التقاطع المسيحي – المسيحي على اسم الوزير السابق جهاد أزعور أتى بنتيجة شبه منقوصة، فالنتيجة الأولى والأكيدة أن التوافق المسيحي، ولو انه حذر، فهو أربك الثنائي الشيعي رئاسياً، فيما النتيجة الثانية تأتي على الشكل الآتي، وهو أن التقاطع أجبر الثنائي على مغادرة الجلسة الأخيرة مع عدم الوصول الى خواتيم سعيدة، ما دفع بفرنسا الى إرسال مندوبها الخاص الى لبنان جان إيف لودريان لبحث آخر التطورات الرئاسية.
التقدمي مع مصلحة البلد
في السياق، أكّد عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله في حديث لموقع نداء الوطن الإلكتروني أن الموقف الفرنسي المؤيد للوزير السابق سليمان فرنجية قد تبدّل مع نتائج الجلسة الرئاسية الأخيرة بعد حصوله على 51 صوتاً مقابل 59 صوتاً لأزعور، إذا لم نحسب الصوت الضائع.
ولفت في سياق حديثه، الى ان جولة لودريان كانت استطلاعية بامتياز، واستمع في خلالها الى الآراء السياسية المختلفة وعاد الى بلاده، مؤكداً ان التسوية الرئاسية لم تنضج بعد، ومن الواضح ان ما بعد زيارة لودريان، كما قبلها، بحيث نرى الجمود السياسي المهيمن على المشهد العام.
وأشار الى ان فرنسا وكل دول الخارج تحاول مساعدة لبنان على الخروج من أزمته الراهنة، ولكنها لن تنجح إذا لم يساعد لبنان نفسه، مؤكداً أن فرنسا ليست الوحيدة التي تتعاطى في الملف الرئاسي وبالتالي القرار ليس فرنسياً بحتاً، وسأل: “ما المانع من أن ندعو الى حوار داخلي ونتفق على اسم جديد للرئاسة، وعندها نطلب من الخارج مساعدتنا؟”.
وحول ترشيح قائد الجيش جوزاف عون، أكّد عبدالله ان اسم قائد الجيش كان من ضمن السلة الرئاسية التي طرحها النائب وليد جنبلاط في البداية وتشاور بها مع حزب الله، قائلاً: “إذا حصل التقاطع على اسم قائد الجيش، فاللقاء الديقراطي سيصوت له لأن الهم الأول مصلحة لبنان واللبنانيين والخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية، لأن كلما طالت الأزمة سيزداد الوضع سوءاً”.
وحول موقف وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب عن المفقودين والمخفيين في سوريا، أشار الى ان هذا الموقف يجب ان يخرج عن لسان الحكومة اللبنانية آخذاً في عين الاعتبار معاناة المفقودين وأهلهم، وهناك لجنة وزارة تواصلت مع الحكومة السورية من قبل، ويجب استكماله من دون إثارة أي حساسية مع النظام السوري وغيره.
الكتائب قدّم ورقة خطية للودريان
عضو كتلة الكتائب اللبنانية النائب الياس حنكش، أكّد بدوره ان لودريان كان مستمعاً أكثر مما كان متكلماً، وحزب الكتائب بدوره قدّم ورقة ببنود واضحة عما يحصل في البلاد من مشاكل وأسباب للدولة الفرنسية، وعاد بها الموفد الى بلاده.
ولفت، في حديثه لموقعنا، الى أن “المشكلة تبقى لدى الثنائي الشيعي وتحديداً حزب الله الذي يوهم الشعب بالانتصارات وهو يتلقى الهزائم بشكل متتالٍ، بدءاً بحرب تموز عام 2006 وصولاً الى الجلسة الرئاسية الأخيرة، حيث حصد مرشحه 51 صوتاً وخرج ليقول إنه انتصر”.
وأردف حنكش: “رئيس الجمهورية يجب أن يكون رمزاً للدستور، وحزب الله لا يعترف بالدستور، كما ويجب أن يمثل لبنان في المحافل الدولية، في حين أن الحزب وضع لبنان في عزلة خارجية بسبب ارتهانه لإيران ومشاركته في معارك سوريا واليمن وغيرها، وإبداعاته الأخيرة تتمثل بالحوار، والمقصود هنا أن يحاورنا لإقناعنا بمرشحه فقط”.
وحول ترشيح قائد الجيش جوزاف عون، أكد أن الأخير مرشح قوي وثابت، ولكن انتخابه بحاجة الى نقاش جدي وحتى الآن مرشح الكتائب الأول والأخير هو جهاد أزعور.
القوات رأس الحربة ولن تتراجع
وحول موقف القوات اللبنانية، اعتقد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب سعيد الأسمر بأن لودريان سيعود بطرح فرنسي لرئاسة الجمهورية يرضي مختلف الأطراف خصوصاً بعد تخلي فرنسا عن مرشحها سليمان فرنجية، بعد توازن القوى الذي فرضه التقاطع المسيحي على ترشيح أزعور، وأثبتت خلاله القوى السيادية أن حزب الله لن يستطيع فرض مرشحه على اللبنانيين بعد الآن.
الأسمر وفي حديث لموقعنا، لفت الى ان جولة لودريان كانت تحت عنوان: “إيجاد الوسائل الفضلى لإخراج لبنان من أزمته”، مشيراً الى عدد من المبادرات الخارجية تُدرس في الأثناء وسيتم طرحها على اللبنانيين في القريب العاجل.
وشدد على أن حزب الله “مزروك” بعد التقاطع على أزعور، مشيراً الى ان “مبادرة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لم تكن ببريئة، بل كانت لطرح الثنائي الشيعي على لسانه لإيصال رسالة الى النائب جبران باسيل مفادها بأننا أعطيناك نواباً وسنأخذهم ساعة نشاء”، مؤكداً في الوقت عينه أن حزب الله يعطّل الجلسات ويزيد من وجع الناس، ويهاجم من يطالب بالفيدرالية أو اللامركزية الإدارية والمالية وهو يطبقها داخلياً بأمنه وتمويله ومؤسساته.
وحول ترشيح قائد الجيش، اعتبر الأسمر أنه مرشح قوي وهو شخص يتصرف مؤسساتياً كرجل دولة ولا مانع لدى القوات لانتخابه ما إذا تم التوافق عليه جدياً، معتبراً ان رفض قائد الجيش يأتي من الثنائي الشيعي بالدرجة الأولى، غامزاً من قناة تقديم بعض الدول العربية مبادرة لحلحلة قضية ترشيحه لدى الثنائي.
وعن موقف الوزير بو حبيب، استنكر الأسمر الموقف الأخير للوزير مؤكداً ان هذا الموقف لا يخدم لبنان، بل أتى خدمةً لأسياد بو حبيب، بحسب قوله.
وقال: “ويلٌ لسياسة خارجية تضحّي بأبنائها إنبطاحاً لأسيادها، إن صفعة قرار إنشاء لجنة مستقلة للتقصي عن مصير المفقودين في سوريا هي مستحقّة لمن منع وتمنّع لأن معرفة مصير أهلنا واجب مستحقّ”.
إذاً، الزيارة الأولى للودريان لم تكن على قدر تطلّعات اللبنانيين الذين يتوقون الى الخروج من هذه الدوامة المفرغة، على أمل أن تحمل الزيارة الثانية في تموز أملاً بإنهاء الشغور الرئاسي ووضع لبنان على سكة الإصلاحات.
جيلبير متري- نداء الوطن