في غياب الحريري… كلٌ يغني على ليلاه!
تتخبط الطائفة السنية كل يوم أكثر فأكثر في ظل غياب زعيمها الوحيد الرئيس سعد الحريري، وعلى الرغم من أن هناك من حاول أن يكون “زعيماً” للسنة وتحديداً مع إستمرار تعليق الرئيس الحريري عمله السياسي، الا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل لأن الشارع السني أثبت أنه لا يرضى بديلاً عن نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
سعد الحريري الذي أعاد توازنات الموقف السني في المعادلة الوطنية، واستطاع أن يتحاور مع كل الأطراف من أجل مصلحة البلاد وخيرها، و”ساير” الاجماع المسيحي ورغبته في الرئيس السابق ميشال عون، وهو من أدخل التسويات والأموال الى لبنان من “سيدر” الى غيرها، ومن أطفأ نار الفتنة ودعم شارعه السني ونادى بالعيش المشترك وعمل لمصلحة جميع الطوائف والمذاهب، وساهم في تأمين المناصفة بين الجميع على عكس من أراد اليوم تقسيم بيروت، وهو من دفع أثماناً كثيرة نتيجة صدقيته وشفافيته وإيمانه بمقولة “لبنان أولاً”.
صحيح أنه اختار الابتعاد عن الحياة السياسية مؤقتاً واتضح أن قراره صائب جداً، لكن في المقابل فان الطائفة السنية مبعثرة وحال الصوت السني تائه لا أحد يدري ما حلّ به، بحيث انقسم النواب جماعات كل منها على حدة، الأولى المؤلفة من ثمانية الى تسعة نواب باتت تنتمي الى محور الممانعة، والثانية إنتماؤها غير معروف وبعيد عن المعارضة، والثالثة مستقلة. هذا هو واقع النواب السنة الذين خرجوا عن الحريرية السياسية وعن مبادئ هذه المدرسة التي بنت لبنان وساهمت في إزدهاره وجعلته من أهم بلدان العالم، فأين الموقف والصوت السني اليوم في البرلمان؟ وماذا عن واقع هذه الطائفة؟ وهل هناك بلوك سني؟
الوزير السابق رشيد درباس وصف عبر “لبنان الكبير” الصوت السني في البرلمان بأنه “صدى لغياب الرئيس سعد الحريري”، معتبراً أن “هذا الصوت تراجع منذ موافقته على هذا القانون الانتخابي الذي جعل إمكانية كبيرة لاختراق المدن السنية ووضع سداً منيعاً على أي طائفة أن تدخل الى الدوائر الشيعية، وهناك نفوذ شعبي لم يعد موجوداً لأن الرئيس الحريري علق عمله السياسي وأصبح خارج البلاد ولم يعد هناك زعيم للطائفة، مع العلم أنهم حاولوا كثيراً أن يقوموا بزعامات لكنهم لم ينجحوا فيها”.
ورأى أن هناك “ضموراً في عدد النواب السنة وبات كل نائب اليوم يغني على ليلاه، ولمسنا على الأقل أنهم ليسوا ضمن تأييد المعارضة، واستخدموا الورقة البيضاء وشعار لبنان الجديد توطئة للذهاب الى المكان الآخر، بالاضافة الى وجود ثمانية نواب يؤيدون علناً محور الممانعة، وثمانية نواب لا موقف لديهم، وستة منهم قاموا بتأييد الوزير السابق جهاد أزعور، وثلاثة منهم موجودون في أماكن مختلفة ولم تعد هناك حالة سنية سياسية تعبّر عن نفسها بينما كانت خلال أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري تمسك بزمام الأمور، وفي المرحلة الأولى بعد وفاته كان لها دور كبير وساهمت في نجاح عدد كبير من النواب في مختلف المناطق اللبنانية”.
وأكد أن “الطائفة السنية من الناحية السياسية تراجعت من الصفوف الأمامية الى صفوف خلفية ودورها لم يعد محورياً، وبالتالي يبدو أنها تتنظر شيئاً أو انتخاب رئيس جديد يمكنها من استعادة دورها، لكنها لم تعد تملك أي خطاب سياسي ولا أحد يعّبر عن مواقفها أو مصالحها بأي خطاب سياسي، بحيث بات الخطاب مبعثراً في لبنان ومُبهماً وكل طرف يتحدث بكلام غير مفهوم”، معتبراً أن “العمود الفقري والعقل المدبر عندما يغيب عن أي فريق تصبح الساحة مستباحة”. ونفى وجود بلوك سني نتيجة غياب الخطاب السني الواحد.
وعن الثلث الضامن الذي يعوق عمل الحكومة، أوضح أن “الثلث الضامن بمثابة تعطيل، والحكم يجب أن يكون تناسقياً بين رئيس الجمهورية حتى آخر وزير، واذا كان أي مسؤول يريد الدخول كمتراس لا تمشي البلاد، ومن دون الثلث الضامن اذا كانت القوى العسكرية المتمثلة بحزب الله قالت لا حتى لو كان بيدها الثلث الضامن فسيوقف كل شيء، وبالتالي لا يجب الوقوف عند الألفاظ لأن المسألة قائمة على ما يلي: هل هناك استيعاب عند القوى السياسية كلها بأنه لم يعد هناك امكانية لهذه المراوحة ولهذا الفراغ والتعطيل؟”.
وأشار درباس الى أن “الانقاذ يقتضي خطة قوامها مؤلف من عدّة نقاط، أولها الخروج من لعبة المحاور، الحياد، وجود حكومة مستوردة من خارج الطبقة السياسية أي حكومة إدارة وخبراء في السياسة وفي أعمالهم، وجود هيكلة الاقتصاد والمصارف، وامكان الافادة من أملاك الدولة، وعندما تتفق القوى السياسية على خطة من هذا النوع يأتي أي رئيس للجمهورية وللحكومة ويتمكنان من العمل لمصلحة البلاد”.
ورأت أوساط مطلعة أن “ليس هناك بلوك سني عكس ما يجري تداوله خصوصاً في ظل تشتت النواب السنة، وبالتالي لا أحد يعيد توازنات الموقف السني في المعادلة الوطنية سوى الرئيس سعد الحريري، والسنة والتوازنات اللبنانية في خطر اذا لم يكن الحريري في لبنان لأنه الوحيد الذي كان قادراً على التواصل مع الأطراف كافة وقام بربط النزاع مع حزب الله مطفئاً لهيب الفتنة الطائفية”، متسائلةً: “من هو النائب السني اليوم القادر على أن يحدد هذه المعايير؟”.
اية المصري- لبنان الكبير