“التشليح” اصبح من دون أقنعة أو قفّازات: اللبنانيون ينامون عَيْنٌ مُغمَضَة وعين مفتوحة؟

كافِحوا الإرهاب حتى النهاية، واضربوا كافّة أشكال وأنواع العصابات الكبرى بقساوة، ولكن لا تنسوا أن السواد الأعظم من اللبنانيين بات ينام ولا ينام ليلاً، وأنه قد ينام بعَيْن مُغمَضَة واحدة ربما، نظراً لاستفحال عَدَم الأمان، وكثرة السرقات، حتى تلك المُضحِكَة منها.

فمن يصدّق مثلاً، أن السرقات باتت تطاول كل ما يبدو مُقفلاً، حتى علبة كرتون مثلاً، تحوي بعض النفايات؟ ومن يصدّق أن بعض محاولات “التشليح” بدأت تلامس الوقوف أمام أبواب المنازل، من دون أقنعة أو قفّازات؟

تبريرات

هذه الممارسات قد نتفهّمها من زاوية استفحال الأزمة المعيشية والحياتية. ولكن ما لا نفهمه هو تفهّم الدولة لما يحصل، وعَدَم شعورها بالحاجة الماسّة الى التحرّك.

فمسؤول أمني أو قضائي مثلاً، قد يتحدّث متفهّماً، وحتى إنه يبرّر، ويقول إن من لا يجد ما يُطعمه لابنه “بدّو يسرق أكيد”. وهذه قمّة انعدام المهنيّة.

وانطلاقاً مما سبق، ماذا يهمّنا إذا كافحتم الإرهاب، وضربتُموه بأيدٍ من حديد، إذا كانت النتيجة أننا نعيش في بلد “التشليح”، وتفهُّم السارق أمنياً وقضائياً، وفي بلد لا يمكننا أن ننام فيه؟ والتبريرات جاهزة دائماً، وهي أن لا قدرة للدولة على فعل أكثر مما تحاول أن تقوم به.

تعويض العناصر

أكد مصدر مُواكِب لهذا النوع من الملفات أن “عدد العناصر الأمنية بات قليلاً. ولا مجالات حقيقية لزيادتها، أو لتعويض العناصر الذين يخرجون للتقاعد سنوياً. فضلاً عن زيادة أعداد الذين يغادرون، ويرحلون من البلد عموماً بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية”.

وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى “مشاكل جوهرية من نوع آخر أيضاً، وهي أن لا مبالغ مالية كافية لصيانة آليات قوى الأمن والجيش بشكل دائم، ولا لإصلاح الأعطال فيها بالسرعة المطلوبة. فضلاً عن أن لا مجالات لاجتذاب عناصر جديدة بتقديمات اجتماعية، أو طبية، أو بمنح مدرسية وجامعية للأولاد، بالشكل المطلوب. وهذه كلّها عوامل مُعرقِلَة للنشاط الأمني في البلد”.

تدهور إضافي

ورأى المصدر أن “القوى الأمنية والعسكرية تقوم بواجباتها على مستوى ملاحقة الجرائم الكبرى، ولا شكّ في ذلك. فالملاحقات والاشتباكات مع المسلّحين والمجرمين والمخلّين بالأمن، تحصل بوتيرة يومية. وهذه أمور يمكننا ان نؤكّدها تماماً. والوضع الأمني العام مضبوط، أي ان الأمن مقبول، ولكن المواطن اللبناني لا يشعر بالأمان”.

وأضاف:”صحيح أن العسكري أو رجل الأمن يقوم بواجبه، والمواطن يدرك ذلك، ويعلم أن السلطة الأمنية موجودة، ولكنه (المواطن) لا يشعر أنه بأمان في الوقت نفسه. وهذه مشكلة كبرى تنطلق من أسباب سياسية واقتصادية في الأساس”.

وختم:”الحلول الجذرية تبقى بيد المجموعة السياسية. فلا بدّ من التوقّف عن التراشُق السياسي بأسرع وقت، تمهيداً لتوفير مناخ عام من الاستقرار يفتح الطريق لانتخاب رئيس، ولتشكيل حكومة. فبتلك الطريقة ستتجدّد السلطة، ويسهل الخروج من هذه الدوّامة. هذا مع العلم أنه إذا لم تُصحَّح الأوضاع المعيشية والاجتماعية للعناصر الأمنية والعسكرية، فإن لا مجال لتجديد العمل في المؤسّسات الأمنية والعسكرية، وهو ما يهدّد بمزيد من التدهور الأمني”.

اخبار اليوم

مقالات ذات صلة