إطلالة باسيل… الهدف الأساس مراضاة سوريا: فهل سترحب دمشق بعودة الابن الضال؟

في أول إطلالة إعلامية له بعد جلسة الانتخاب الأخيرة والتطورات التي أعقبتها، أطلق رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عدة مواقف، من الاستحقاق الرئاسي إلى سير عمل البلد تشريعياً وحكومياً، متقمصاً دور السيادي الحريص على المسيحيين الرافض للتعطيل. وأبرز نقطة في كلامه يجب التوقف عندها هي أن تياره خسر شعبياً لأنه “حقق أموراً كثيرة وقام بواجبه”. وتحدث باسيل أيضاً عن العلاقة مع “حزب الله”، موجهاً اللوم اليه بسبب تدهور العلاقة. ولكن باسيل حرص على التودد الى الرئيس السوري بشار الأسد، معتبراً أنه أكبر حليف للتيار في “موضوع المشرقية”. أما اللافت في مواقفه فهو نعيه ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، إن كان عبر التعبير عن عدم امكان الاستمرار في ترشيحه، أو عبر الهجوم على “القوات اللبنانية” التي تقاطع معها عليه.

قبل إطلالته أول من أمس، كان واضحاً غضب القيادة السورية من باسيل، وقد شن إعلاميون وناشطون يدورون في فلك سوريا هجوماً لاذعاً عليه شخصياً، وذلك بعد أن وصلت أصداء إلى سوريا مفادها أنه يحاول استدراج أكثر من جهة خارجية إلى دهاليز الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وهي كلها جهات على علاقة سيئة بالنظام في سوريا حتى بعد إعادة تطبيع العلاقات العربية. وبينما كانت القيادة السورية ترى في رفض باسيل لصديقها رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية خلافاً يمكن حله، إلا أنها اعتبرت “الحج” إلى سفارات الدول المعادية لها، غدراً وخيانة من حليفها الذي تعتبر أنها أعطته الدنيا بما فيها، ولم تضغط عليه لزيارة رسمية خلال 6 سنوات من العهد منعاً لإحراجه محلياً وإقليمياً. لذلك، كان أول هدف لباسيل في إطلالته هو محاولة ترميم علاقته مع سوريا، بعد فشله في الدول التي زارها، وعدم قبول سفارات دول أخرى حتى أن تعطيه موعداً مع قيادتها، ويبقى أن نرى إن كانت سوريا سترحب بعودة الابن الضال بسبب فشله في دول أخرى، أم ستبقى على خلافها معه؟

بالنسبة الى “حزب الله”، علّقت مصادر تدور في فلكه لموقع “لبنان الكبير” على كلام باسيل، بالقول: “منذ اليوم الأول نحن دعونا حليفنا إلى حوار لنؤمن اتفاقاً حول الرئاسة، ولكن هو الذي رفض التحاور قبل أن نتخلى عن ترشيح الوزير فرنجية، فأي حوار هذا؟ كان عليه أن يقبل أن يتحاور معنا، فربما استطاع إقناعنا، ولكن مشكلته أنه يريد حواراً من منطلق سلبي، لا إيجابي، فهو فعلياً لا يمتلك مرشحاً يكون مقبولاً لدينا، وله المواصفات المطلوبة للرئاسة، جل ما يريده هو قطع الطريق على فرنجية، وهذا أمر لا يمكن أن نقبل به”. ولفتت المصادر الى أن “الحزب بعد أن أعطى وجهة نظره في الملف الرئاسي، وأبلغ باسيل رفضه الحوار بشروط، شن التيار حملة شعواء تتهمه وحركة أمل بمحاولة فرض رئيس على المسيحيين، وأصبحت الأبواق التي تدور في فلك التيار ترمي أبشع الاتهامات على الحزب، حتى أن بعضها تخطى الخطوط الحمر وتعرض للسيد حسن نصر الله بشخصه، وعلى الرغم من ذلك ما زلنا نعطب قيمة للعلاقة التي كانت تجمعنا، ولم نقبل أن يتعرض أحد منا للتيار، ولكن لا يمكننا أن نكم أفواه جمهورنا الذي يرد على الاساءات التي تعرضنا لها، وما يتحدثون عن أنه هجوم مدبر من الحزب في احدى الصحف ليس دقيقاً، فالصحيفة نفسها فيها من يؤيدون التيار وينتقدون الحزب، وهي اَراء كاتبيها”.

أما عن الحل، فتؤكد المصادر أن الحزب يتعامل مع باسيل اليوم “كالمراهق الذي ما لبث أن اشتد عوده فتمرد على أهله، لا بد من أن يعود يوماً إلى الصواب، والحزب لا يطالبه بشيء ولا يحاول أن يفرض عليه شيئاً، كل ما ينادي به هو الحوار معه، والوقت يضيع من أمامه، تحديداً في ظل توجه خارجي للتدخل المباشر في الأزمة الرئاسية، وهو ليس تدخلاُ لصالحه، وقد لا يكون حتى لصالحنا، ولكنه سيكون الخاسر الأكبر في كلتا الحالتين”.

أما عن خسارة التيار شعبياً لأنه حقق أموراً، فهذا أمر ينافي المنطق، فهل كان سيعاقبه الشعب في صناديق الاقتراع لو أن الكهرباء مؤمنة؟ أو لو كانت السدود تطفح بالماء؟ هل كان سيهتف ضده في الساحات لو أن ودائعه لم تطر في عهد عمه، عدا عن عشرات حالات التعرض لحرية التعبير بسبب تقديس التيار لرئيسه؟ لا يمكن أن يعاقب الشعب من ينجز، بل يعاقب الفاشلين، فكيف لو كانوا فاشلين وأوصلوه إلى جهنم؟

محمد شمس الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة