“أربعاء الرئاسة”….ولا خيار إلا خيار المقاومة: هل يصمد التمرد على مشيئة حزب الله؟

“أربعاء الرئاسة”: هل يصمد التمرد على مشيئة حزب الله؟

معادلات كثيرة ستؤسس لها الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية. لا سيما على وقع الانقسام السياسي، والذي يأخذ بعداً أوسع من المعركة الرئاسية فقط.

إزاحة السنّة وتغييبهم
ما تؤسس له هذه الجلسة، هو وجود إرادتين سياسيتين، الأولى للثنائي الشيعي، والثانية للقوى المسيحية بالتحالف مع قوى متعددة. فيما يبقى السنّة في حال غياب كبير عن المعادلة والتأثير فيها. ولا بد لما تسرّب عن مضمون لقاء أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله مع المطران بولس عبد الساتر، حول عدم تكرار الحزب لتجربة حكومة فؤاد السنيورة في العام 2006 و2007 و2008، تكشف معياراً أساسياً حيال معادلة حزب الله السياسية في لبنان، لا سيما أنه حاول التركيز على الاجتماع مع المسيحيين في مواجهة السنّة، وهذه معادلة تم تكريسها بعد تفاهم مار مخايل، وبعد اندلاع الثورة السورية، من خلال إعلاء مفهوم تحالف الأقليات ووسم السنّة بصفة الإرهاب.

حالياً، تتكرر هذه المحاولات في السياسة، من خلال سعي حزب الله لاستعادة المسيحيين، وإيقاظ مخاوف وهواجس كثيرة في نفوسهم، تحاكي تخيلات وأوهام وجود مخططات لتهجيرهم، علماً أن من هجّر أو أصبح في حالة فقر مدقع هم السنّة أنفسهم في لبنان، وامتداداً لما شهدته سوريا والعراق من قبل.
وفي ظل إعطاء هذا الطابع لتلك المعركة يختار السنّة الوقوف على الحياد في تكريس وتثبيت مستمرين لتغييب دورهم وقرارهم وتأثيرهم. علماً أن المعركة ستكون متجاوزة لعملية انتخاب رئيس للجمهورية، في ظل صراع كبير حول وجهة البلاد وهويتها.

امتيازات حزب الله
التقاء المسيحيين على دعم مرشح، ربطاً بالاتفاق أو بالتقاطع مع قوى أخرى، كالحزب التقدمي الاشتراكي وبعض التغييريين والمستقلين، يعطي طابعاً سياسياً أوسع لرفض محاولة حزب الله الاستمرار بالتمتع بامتيازات عمل على تكريسها طوال السنوات الماضية، في فرض رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة وآلية تشكيلها. وهذا أيضاً جزء من الكلام الذي ورد في مضمون لقاء نصرالله مع عبد الساتر. فاستحضار تجربة السنيورة لم تكن عن عبث. وهي دليل على أن الحزب لن يكتفي فقط بتحديد هوية رئيس الجمهورية، إنما يطال شخص رئيس الحكومة وكيفية تشكيلها وتوزيع المقاعد الوزارية فيها والحقائب. لأنه خلال فترة السنيورة كان إميل لحود رئيساً للجمهورية. وبالتالي، لم يكتف الحزب بشخص الرئيس.

في مقابل اتفاق المعارضين لفرنجية على جهاد أزعور، يؤكد حزب الله أنه لا يرضى بأي خيار إلا خيار المقاومة، فيما الآخرون يقولون له نحن نضع فيتو على مرشحك. الاتفاق على ترشيح جهاد أزعور هو نقلة سياسية، تقول للحزب إنه لا يمكنه فرض مرشحه، وهو ما دفع الحزب إلى اعتماد خطاب خلاصته: “كيف تجرؤون على تسمية مرشح غير مرشح الحزب”. أما الموضوع الأساسي فهو أن الطرف الآخر امتلك قدرة على تعطيل مشروع الحزب سياسياً من الناحية الرئاسية. أكثر ما فاجأ حزب الله هو قدرة قوى سياسية متعددة على الاتفاق ضده، فيما كان قد نجح في تشظيتها وزرع التفرقة والخلافات فيما بينها. وعليه لا بد من الانتظار مجدداً المزيد من التحركات التي سيقوم بها الحزب، في سياق إعادة فرط عقد هذه القوى والتقائها.

استدراج العروض
لا شك أن الجلسة ستؤسس لنوع جديد من النقاش السياسي، لا بد أن يرتبط بالنتائج التي ستخرج بها. ففي حال تم رفع نسبة أصوات جهاد أزعور، سيعطي ذلك بعض الأمل لدى العديد من النواب، والقوى السياسية والاجتماعية، والقول للقوى الخارجية إن هناك رغبة في لبنان لتقديم صورة مختلفة عن ما كان عليه الوضع سابقاً. وهذا قد يستدعي المزيد من الاهتمام الخارجي. أما في حال نجح الثنائي الشيعي في تهميش السنّة أكثر، وتخفيض نسبة أصوات أزعور، فإن ذلك سيمنح الحزب قدرة أكبر على الذهاب باتجاه استدراج العروض من قبل المفاوضين الكثر، وبما فيهم رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. إذ يعتبر الحزب أن تبني باسيل لخيار أزعور يهدف إلى قطع الطريق على فرنجية، وبعدها يذهب باسيل للتفاوض مع الحزب.

في هذه المعادلة، سيكون موقع المعارضة ضعيفاً، كما أن تهميش السنّة والتغييريين والمستقلين سيزداد أكثر، فيما سيكون باسيل هو اللاعب الأبرز في حينها، وسيكون قادراً على التفاوض والاختيار بين مرشحين. صحيح أنه لن يكون قادراً على فرض مرشح آخر يريده وربما لا يزال يضمره، طالما أن الآخرين لن يوافقوا عليه، إلا أن الواقع يمكن أن يعزز من حظوظ قائد الجيش جوزيف عون. ما يضع باسيل في خانة السعي للتفاوض وعقد الاتفاقات معه، لا سيما أن الذهاب إلى خيار قائد الجيش سيكون مشابهاً إلى حدّ بعيد بتسوية اتفاق الدوحة عام 2008، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب. أو أن يستغل الحزب هذا الوضع للضغط على باسيل في سبيل السير باتجاه فرنجية بناء على اتفاق وضمانات لقطع الطريق على قائد الجيش.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة