قصّة شيكات “الفريش”: “ضربة معلّم” في هذه المرحلة؟
يُعتبر تعميم مصرف لبنان الجديد الذي حمل الرقم 165 والصادر بتاريخ 19 نيسان 2023 مهماً بالنسبة الى تنظيم التداول بالشيكات “الفريش” أو ما يُعرف بـ”الشيكات النقدية” عبر المصرف الواحد، وقوننة تبادلها عبر مصرف لبنان، خصوصًا أن تنظيمها يساهم في تسهيل العمليات التجارية والعقود، ويسمح بعودة السيولة الى النظام المصرفي. فما هو هذا التعميم؟ وهل كان “ضربة معلّم” في هذه المرحلة؟
يعلّق الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي على آراء المحلّلين والمشكّكين في تعميم مصرف لبنان قائلاً: “هناك ظلم كبير وتجنٍّ، إذ لا يمكننا التحدّث بشعبوية لحل المشكلة المالية والنقدية، كون لبنان كان سيوضع منذ فترة على اللائحة الرمادية في ما يتعلّق بمخاطر تبييض الأموال ودعم الإرهاب، لأن هناك “cash economy” يُقدّر بين 8 الى 10 مليار دولار في السوق، وهذا ما يقلل الثقة في التعاطي مع المصارف اللبنانية ويولّد شكوكاً لدى المصارف المراسلة بهذه الأموال المحوّلة”.
ويُتابع جباعي، في حديث لموقع mtv: “هذا ما يضع لبنان في نقطة صعبة جداً ويمنعه من العودة السريعة للحلول، حتى لو برزت تسويات سياسية واقتصادية وخطة تعافٍ. فمن أكبر مشاكلنا الـ”cash economy”، وجاء التعميم 165 ليُعطي ضمانة وأمناً وأماناً للمجتمع الدولي في الدرجة الأولى وللاقتصاد اللبناني في الدرجة الثانية ليخفف من سيطرته على السوق. وهذا التعميم كان السبب الرئيس لإعطاء لبنان مهلة سنة لتسوية أوضاعه النقدية قبل إدراجه على اللائحة الرمادية، أي أنّه منع اللائحة الرمادية بعدما أعطيت ضمانات للبنك الدولي وللمجتمع الدولي ولصندوق النقد بأننا نقوم بإجراءات نحاول عبرها جمع الكتلة النقدية الموجودة بالدولار في السوق وتنظيمها ضمن عمل مصرفي مُحدّد، اذ لا يُمكننا تنظيمها في العملية القديمة لأن لا ثقة مُطلقة بالقطاع المصرفي”.
ويُشدّد على أنّه من الضروري القيام بمناقصة في البنك المركزي تنظّم عملية السحب بالدولار وطرح شيكات بالدولار، لأن التعامل بالشيكات أفضل من التعامل بالنقد. وهذا ينظّم العملية ويكون هناك مراقبة لحركة الأموال.
ويُضيف: “يتم التمهيد لتطبيق التعميم بشكل جيّد، إذ هناك أمور لوجستية وتقنية يجب إنجازها كإنشاء مقاصة في المصرف المركزي تختص بـ”الفريش” دولار وتصدر الشيكات والبيانات اليومية، إلى جانب الربط الالكتروني مع المصارف العاملة في البلد، وخلال الأسبوع المقبل سيتم العمل فيه. ويتوقع أن يشهد اقبالاً من قبل التجّار والشركات، خصوصاً إذا كانت الأموال ستُحوّل من وإلى، ولن تودع في المصارف، ما سيُؤثر إيجاباً على لبنان”.
وعمّا إذا يُمكننا اعتبار هذا التعميم مُحاولة لإنشاء كيان مصرفي جديد، يرفض جباعي هذه الفكرة تماماً، قائلاً: “إن القيّمين على البنك المركزي والمصارف اللبنانية والمعنيين يعرفون أن هذا الأمر غير ممكن، لأنّ لا إعادة ثقة بالقطاع المصرفي من دون أن تكون هناك خطة شاملة للتعافي الاقتصادي تتضمّن خطة إعادة تكوين الودائع وإعادة هيكلة القطاع المصرفي”.
ويجزم: “نحن أمام مرحلة سياسية واقتصادية صعبة يجب أن تترافق مع إجراءات رادعة تُخفف من خطورة الأزمة وتُحافظ على أموال المودعين، إذ نحتاج لإعادة الثقة عبر إنشاء صندوق لإعادة تكوين الودائع وفق آليات محدّدة”.
ويختم جباعي: “نمرّ بأزمة متنوّعة ترمي بثقلها على القطاع العام، إذ من دون تفعيل مؤسساته وتسيير العملية الاقتصادية لا يوجد خلاص وأمل للحلول. وننتظر الحلول السياسية من الحكومة الجديدة وإقرار خطة التعافي وكيفية التعامل وغيرها”. ويقول: “منصة صيرفة على سلبياتها، ورغم الانتقادات الموجّهة لها، إلّا أنّها قادرة على ضبط الوضع النقدي وتهدئة الوضع الى مرحلة مقبلة”.
دارين منصور- MtV