أيٌّ شواطىء صالحة للسباحة في لبنان؟

يعد تلوث الشواطئ من الملفّات الشائكة في لبنان التي لم ولن تحلّ على ما يبدو في القريب العاجل. إنّ التلوث ينهش لبنان بدءاً من جباله، مروراً بأنهاره، وصولاً إلى شواطئه، فاستغلال الطبيعة في أوجّه وما من حسيبٍ أو رقيب. فالحفاظ على الشواطئ ليس ضرورة بيئية فحسب، بل هو أيضًا خطوة حاسمة نحو ضمان استدامة وازدهار الأمة على المدى الطويل.

أيّام قليلة تفصل اللبنانيين عن افتتاح موسم السّباحة رسميّاً، والجميع يتساءل عن الشواطئ التي هي نوعاً ما “صالحة للسباحة” وفيها أقلّ نسبة من التلوّث، لارتيادها هذا الصيف. وفي هذا الصدد، كشف الخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل أن الشواطئ التي ينصح بالارتياد إليها من الناحية البيئية هي شاطئ العقيبة، جبيل، البترون، السعديات، وصور، كونها لا تحتوي على نسب تلوث عالية، وفي حال وُجِدت فنسبتها لا تذكر ولا تشكّل خطر على البشر.

أما بالنسبة للثروة السمكية، فلفت إلى أنها ليست بخطر، لأن الثروة السمكية تكون في قعر البحر، وبالتالي لا تصل إليها الملوّثات، بينما الأسماك التي تكون على الشاطئ وتتغذّى على الملوّثات الناتجة من مياه الصرف الصحي أو النفايات الصناعي والعضوية، فبالطبع ستتأثّر وتؤثّر سلباً في صحة الإنسان في حال تناولها.

أسباب تلوث الشواطئ

وبحسب الخبير البيئي ان هناك أسباب عدّة تساهم في تلوث الشواطئ اللبنانية تعود بشكل رئيسي إلى إهمال الدولة وعدم سنّها قوانين تحمي البيئية والثروة المائية، وهذه أبرزها:

– سوء إدارة النفايات: تساهم البنية التحتية والممارسات غير الملائمة لإدارة النفايات في تلوث شواطئ لبنان. كما تؤدي مرافق إعادة التدوير غير الكافية وغياب أنظمة فعالة لجمع النفايات إلى التخلص من القمامة في الأماكن المفتوحة أو إيجاد طريقها إلى البحر.

– تصريف مياه الصرف الصحي: تعتبر المعالجة غير السليمة لمياه الصرف الصحي عاملاً رئيسياً في تلوث الشواطئ. فيؤدي تقادم أنظمة الصرف الصحي أو تعطلها، إلى جانب تصريف المياه العادمة غير المعالجة أو المعالجة جزئيًا في البحر، إلى تلويث المياه الساحلية وتهديد الحياة البحرية.

– الجريان السطحي الصناعي والزراعي: إنّ التلوث الناجم عن الأنشطة الصناعية والزراعية، بما في ذلك إطلاق المواد الكيميائية والأسمدة ومبيدات الآفات، يجد طريقه إلى الأنهار والجداول، ويصل في النهاية إلى البحر. فهذه الملوثات تضر بالنظام البيئي البحري وتساهم في تلوث الشواطئ.

آثار خطرة

ويقول كامل انه بالنسبة لآثار تلوث الثروة المائية، فنتائجها وخيمة وتبعاتها مضرّة جداً وحتى قاتلة للبشر، الحيوانات والبيئة، أهمها:

– العواقب البيئية: يؤثر التلوث سلبًا على الحياة البحرية، مما يؤدي إلى انخفاض التنوع البيولوجي. فالانسكابات النفطية والحطام البلاستيكي والملوثات الكيميائية تلحق الضرر بالأنواع المائية وتعطل النظم البيئية الحساسة، ويؤثر فقدان الموائل وتدهور الشعاب المرجانية على التنوع البيولوجي الساحلي في لبنان، مما يؤثر في توازن النظام البيئي البحري.

– المخاطر الصحية: تشكل الشواطئ الملوثة خطراً على الصحة العامة، فيمكن أن يؤدي ملامسة المياه الملوثة إلى تردّي صحة الجلد والإصابة بأمراض الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي. بالإضافة إلى ذلك، يشكل تراكم النفايات البلاستيكية على الشواطئ خطرًا على الحيوانات البحرية، وعند تناولها، تدخل في السلسلة الغذائية، مما قد يؤثر في صحة الإنسان أيضًا.

– التداعيات الاقتصادية: يعتمد قطاع السياحة في لبنان بشكل كبير على الشواطئ لجذب الزوار. فتلوث المناطق الساحلية يشوه صورة البلاد ويقلل من إمكاناتها السياحية. وتشمل العواقب الاقتصادية للشواطئ الملوثة انخفاض عدد السياح الوافدين، وفقدان عائدات المنتجعات الشاطئية، والآثار السلبية في الشركات المحلية التي تعتمد على الأنشطة المتعلقة بالسياحة.

الحلول

أمّا بالنسبة للحلول، فشدد الحبير البيئي على ضرورة اعتماد معايير وحلول عدة بهدف تعزيز البيئة وتنظيفها من النفايات التي تفتك بها:

– أولاً: يجب تعزيز إدارة النفايات من خلال الاستثمار في البنية التحتية والمرافق الحديثة لإدارة النفايات. ويشمل ذلك تحسين برامج إعادة التدوير، وزيادة خدمات جمع النفايات، وإقامة حملات توعية عامة معززة لتعزيز ممارسات التخلص المسؤول من النفايات.

– ثانياً: يجب وضع أنظمة معالجة لمياه الصرف الصحي، فيعد تطوير وتوسيع مرافق معالجة مياه الصرف الصحي أمرًا بالغ الأهمية لضمان المعالجة المناسبة لمياه الصرف الصحي قبل تصريفها في البحر. فالاستثمار في البنية التحتية والإنفاذ التنظيمي ضروريان للتخفيف من تلوث مياه الصرف الصحي على الشواطئ اللبنانية.

– ثالثاً: يعد تنفيذ اللوائح البيئية الصارمة أمرًا بالغ الأهمية لمكافحة تلوث الشواطئ. فيجب اتخاذ تدابير صارمة لمنع الجريان السطحي الصناعي والزراعي من الوصول إلى المناطق الساحلية، ويمكن أن تكون المراقبة المنتظمة والعقوبات للمخالفين كرادع.

– رابعاً: إنّ زيادة الوعي العام حول أهمية الحفاظ على شواطئ لبنان وآثار التلوث أمر حيوي. يمكن للحملات التعليمية التي تستهدف الأفراد والمدارس والمجتمعات أن تعزز السلوك المسؤول، بما في ذلك الحد من استهلاك البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة والمشاركة في مبادرات تنظيف الشواطئ.

شانتال عاصي

مقالات ذات صلة