إخبار: أدوية تباع في الـ “وان دولار” منتهية الصلاحيّة!
لا شك ان الازمات الاقتصادية والمعيشية والأمنية والسياسية، هي من الأسباب الرئيسية التي زادت من انتشار الفساد، حتى وكأن لبنان اضحى كسوق سوداء مفتوحة امام التجار والمهربين والمحتكرين والمتلاعبين بأرواح الناس.
وفي هذا السياق، بدلا من ان يكون الدواء في مكانه الطبيعي، اي الصيدلية او المراكز الطبية، بات يباع في حوانيت ودكاكين “على عينك يا دولة ويا نقابة الصيادلة”! وأصبحت كل الشعارات والحملات الدعائية والترويجية التي تنادي بضرورة حماية صحة المواطن، مجرد هتافات تطلق بين الفينة والاخرى، و”التجار” المعنيين بهذا الموضوع بشكل رئيسي، يسرحون ويمرحون ولا سلطة عليا يمكن ان تردع هؤلاء وتوقف استغلالهم. ويبقى التهويلُ تهويلا الى حين اثبات العكس، وعلى ما يبدو ان العكس بعيد المنال، لان المتاجرة بالأدوية تحدث بالتشارك ما بين المسؤولين و”تجار الشنط” وتقسّم الأرباح مناصفة فيما بينهم.
إخفاء الادوية عمداً!
ان تفاقم الأوضاع شدّةً في القطاع الصحي، لا يقتصر على فقدان الادوية من الصيدليات والمستشفيات كونها غير سانحة، وانما السبب يعود الى اخفائها قسراً بغية اعادة بيعها بسعر أعلى، والسعي عن قصد الى استغلال وجع المريض في سبيل تحقيق المزيد من الأرباح.
في هذا الإطار، وبعد متابعة دقيقة لملف الادوية حصلت “الديار” على أصناف اختفت لفترة وعادت اليوم تتكشف في السوق، والسبب هو بيعها قبل انتهاء تاريخ صلاحيتها، ومن هذه العقاقير “البروميتال تاب” وهو صناعة محلية ويوصف للحساسية، وتاريخ صناعته 11/2020 والانتهاء 11/2023 ، فقد اختفى لفترة طويلة من الصيدليات، وعاد اليوم ليظهر بعد ان شارف تاريخه على الانتهاء.
وللمفارقة، ان هذا الدواء بعد ان كان سعره بـ 3000 ليرة لبنانية، بات اليوم بـ 160000 ، وما يؤكد ان هذا الدواء تم اقصاؤه عن اللبنانيين عمداً، هو السعر القديم الذي عليه، بحيث يقوم الصيدلي بشطبه يدويا ووضع السعر الأغلى مكانه. والسؤال الذي يطرح نفسه: من المسؤول عن ضبط هذا القطاع ومراقبته، إذا كان من اقسم يمين الشرف هو من يشارك اليوم في تدهور صحة المريض!
إخبار!
بالموازاة، ضبطت “الديار” بالجرم المشهود ادوية منتهية الصلاحية تباع في أحد الدكاكين في كل من منطقتي فرن الشباك وبرج حمود – النبعة، هذه الكارثة نقلناها الى نقيب الصيادلة جو سلوم الذي على ما يبدو “خارج السمع”، فارسلنا له صورة عبر تطبيق “الواتساب” تُظهر ان البلسم انتهت صلاحيته منذ أشهر وما زال موجوداً في الاسواق، ويباع في محل “وان دولار” بـ “1 دولار”! ولا نزال ننتظر جوابه…
وفي سياق متصل، تقدمت “الديار” بإخبار الى جهاز امن الدولة، ووعد الأخير بملاحقة كل من يتعدّى على صحة المريض بالدرجة الأولى والمواطنين عموما، خاصة أولئك الذي لا شأن لهم في هذه المهنة.
الصحة قبل المال
قد يفكر الانسان في تناول دواء منتهي الصلاحية لأسباب مختلفة منها، إذا كان الدواء مفقودا في الصيدليات ومتاحا في دكان او حانوت، او عدم القدرة على شرائه بسبب سعره الباهظ. وفي هذه الحالة، فان الخطر يكمن في احتمال لجوء الناس الى الدواء المتوافر دون الاكتراث للمكان الذي يبيعه او لصلاحيته، وبذلك يسلّم المريض روحه للتاجر الذي يسوق عقاقير لا معرفة او علم له بها او بخصائصها ودواعي الاستخدام.
في هذا السياق، قال الصيدلي فريد رعد لـ “الديار”، “ان طباعة تاريخ الصلاحية تعود الى عام 1979 عندما فرضت إدارة الغذاء والدواء الاميركية رسميا قانونا يفرض على شركات الادوية وضعه على العقاقير كافة سواء كانت عبر وصفة طبية او غير موصوفة من قبل طبيب. والهدف من كل ذلك هو ضمان سلامة البلسم وفاعليته التامة منذ لحظة تصنيعه حتى تاريخ انتهائه، وتتراوح مدة انتهاء معظم الادوية بين 12 و60 شهرا”.
أضاف “الخوف ليس فقط من تناول هذه الادوية المنتهية الصلاحية، وانما ايضاً من عدم تخزينها في مكان مناسب لا يجعلها عرضة للتلف بسبب الحرارة الشديدة او الرطوبة الزائدة، وهذان العاملان من أكثر العوامل ضررا بالدواء، وهو ما قد يؤثر في صحة المريض ويؤدي الى التسمم والوفاة، مشدداً على ضرورة الاخذ بالاعتبار الشروط المتعلقة بالترياق، خاصة إذا كان يباع في غير مكانه الطبيعي”.
على خطٍ موازٍ، قامت منظمة الصحة العالمية بإرشاد الناس عبر موقعها لجهة التيقظ في التفريق بين عبارة “تاريخ الصلاحية” و”الاستخدام قبل” تاريخ معين. وبحسب المنظمة ان كان تاريخ صلاحية الدواء أيار، فلا يجب استهلاك الدواء بعد 30 منه، وان كانت العبارة التي كتبت على العقار “الاستخدام قبل أيار فيجب استهلاكه قبل هذا التاريخ المدرج على العلبة”.
خطر على الصحة ام بلا نتيجة!
وعما اذا كانت الادوية منتهية الصلاحية تكون خطرا على الصحة ام بلا نتيجة، اعتبر رعد “ان هذا السؤال على بساطته قد يبدو سطحيا، لكن الإجابة عنه ليست بهذه السهولة، بحيث ان الادوية السائلة، الكبسولات والابر خاصة “الانسولين” المخصصة لمرضى داء السكري، عندما ينتهي مفعولها فان بعضها يمكن ان يتحول الى مادة سامة، او ان يسبب اضرارا تؤثر في الجلد، او تدفع الى الإصابة بحساسية مزمنة، وقد يصل الفرد الى الموت، لذا لا يجب الاستسهال ابدا في هذا الجانب”.
تأثير الدواء المنتهي الصلاحية
وأوضح ان “الأطباء يجمعون على ان المادة الفعالة في الدواء قد تصبح غير مستقرة كيميائيا، مما يؤدي الى تغيير في فعالية الترياق، كما ان تحلل العقاقير قد ينتج منه مواد سامة وسيئة تزيد من فرصة تلوث الدواء”.
ودعا رعد الناس الى “الحكمة وعدم تناول ادوية مشكوك في أمرها او منتهية الصلاحية، خاصة تلك التي تعالج امراضاً مستعصية وخطرة وقد تؤثر في الحياة، لذا الأفضل عدم استعمالها او شربها ما دامت جاوزت تاريخ صلاحيتها، كونها ان لم تنفع فستضر وربما تقتل، خاصة ان الدواء تنخفض فعاليته تدريجيا بدءا من لحظة تصنيعه، والتاريخ الذي يتم وضعه عليها هو للتأكيد ان الفاعلية المحددة سوف تستمر على الأقل حتى هذا التاريخ فلا تتخطوه، لأننا في زمن نفتقد فيه الى الضمير لجهة عوامل الحفظ والتوضيب من جهة، والمصدر الأساسي لهذه العقاقير من جهة ثانية”.
الديار