إنسحاب «بيك المختارة» من المشهد… يُسهّل الحلّ أم يُعقده؟
لا انتظام العمل المؤسساتي المعلق على حبال الشغور الرئاسي في بعبدا، ولا الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يعم البلاد، ولا ادراج لبنان على القائمة الرمادية ماليا، ولا حتى ازمة النزوح السوري الخانقة، «زحزحت» الطبقة السياسية عن تموضعاتها، او حتى اقله «ان تستحي» عن تراشق الاتهامات بين اطرافها.
ففي غياب أي تطور داخلي بارز على صعيد التحركات والمواقف المرتبطة بالأزمة الرئاسية، على رغم انحسار مهلة 15 حزيران التي حددها «استيذ عين التينة»، الذي اكد ان ابواب المجلس ليست موصدة ، مقابل دعوة معراب الى تعيين جلسة انتخاب «اليوم قبل بكرا»، يقف لبنان شعبا ودولة على مشارف ازمة بالغة التعقيد، في ظل مشهد يصعب تحليله او تبيان خطوطه.
سبب ذلك الخطوة المفاجئة التي اقدم عليها رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الذي قرر الخروج من آخر مواقعه السياسية باستقالته من رئاسة الحزب، في توقيت لافت، وبعدما مهّد لذلك باشارة اطلقها من عين التينة، يوم قال ان عليه مراجعة تيمور قبل حسم خيار انتخاب فرنجية، وفقا لمصادر سياسية، رأت في الخطوة فضا للاشتباك، وهروبا ذكيا من ازمة قد تطرأ على العلاقة بين المصيلح والمختارة، الحليفتين اللدودتين.
ليست الاولى من نوعها، فقبل سنوات قليلة عمد جنبلاط الى قرار مشابه، قبل ان يعود ويتراجع عشية انتخابات الـ2009، والتي اعاد ترشيح نفسه يومذاك، صارفا النظرر عن دخول تيمور الساحة السياسية، تحت حجة حاجته الى مزيد من «الدعك»، رغم ان اصدقاء النائب الحالي اكدوا يومذاك عدم رغبته وحماسته لدخول المعترك السياسي.
في كل الاحوال ، تجمع الاوساط السياسية على ان خروج «بيك المختارة» من المشهد، لا يعد تفصيلا في الحياة السياسية اللبنانية، ولا «مزحة» او «زركة» لاحد في سبيل المساومة، وفقا لما يراه البعض، اذ يدور الحديث حول سيناريوهين متناقضين:
– الاول: يرى في الانسحاب دفعا نحو مزيد من التعقيد، خصوصا اذا كان الامر مرتبطا بتسليم الحزب لتيمور، بعدما ورث الكتلة النيابية، على اعتبار انه من المعارضين لخيار انتخاب رئيس «تيار المردة» رئيسا للجمهورية، رغم ما يحكى في الكواليس عن علاقة صداقة بين وريثي المختارة وزغرتا من جهة، وتأكيد عمة «سليمان بيك» على الرابط الاقطاعي الذي يجمع بين المختارة وزغرتا.
– الثاني: يرى في المشهد حلحلة واضحة المعالم وتسهيلا للحل، ووسيلة ناجحة «لتكويعة» جديدة بطلها جنبلاط كالعادة، على ان تكون عندئذ قيادة انتقالية للحزب، تتخذ قرار التصويت لفرنجية، وهو الامر المرجح، خصوصا ان جنبلاط غير مستعد لكسر بري في معركته، على ما تشير اوساط مطلعة.
وبعيدا عما يتردد عن ان ما يجري لا يعدو كونه زوبعة في فنجان، محدود المفاعيل في الزمان والمكان، باعتبار انه «مخرج» التحاق «الاشتراكي» بالتسوية على مضض، وفقا لمصادر سياسية متابعة، الا ان فريقا كبيرا من الملمين بالتفاصيل يضعون الامر في باب الصراع الدرزي – الدرزي، في ظل توازنات القوى الاقليمية الجديدة والاتفاقات الجارية في المنطقة، وما يحكى عن عودة سوريا، مع ما تعنيه من «كسرة» للمختارة لمصلحة تقدم لكل من خلدة و الجاهلية، في ظل تراجع التأييد لـ «الاشتراكي»، بعد «تهزهز» الثقة بالجيل الحاكم راهنا، وهو ما بينته نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة.
ميشال نصر- الديار