“حكومة الجبناء” ترفض إقالة سلامة وتحمي التحايل القضائي المفضوح
انتهت مداولات الوزراء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس في اللقاء التشاوري كما بدأت: رياض سلامة حاكم مصرف لبنان باقٍ في موقعه حتى انتهاء ولايته، خصوصاً وأنّ ميقاتي أنهى الجلسة بالإشارة إلى أنّه بناء على المواقف التي تمّ استعراضها في الجلسة والاتصالات التي سبق وأجراها، لا وجود لثلثي أعضاء مجلس الوزراء يؤيد الإقالة، وهو الشرط المطلوب لاتخاذ القرار. ما يعني أنّه لا يجوز عقد جلسة لمجلس الوزراء تحت هذا العنوان تكون نتيجتها سقوط قرار الإقالة، وتتحول بالتالي بمثابة تغطية لسلامة.
وفي التفصيل، تبيّن أنّ وزير المال يوسف الخليل (وزير الثنائي) قدّم مطالعة مفادها أنّ تعيين بديل لا يحصل بين ليلة وضحاها، ويفترض أن يكون هذا القرار مقروناً بخطة مالية – نقدية يعمل الحاكم الجديد على تنفيذها. ويحتاج وضع هذه الخطة نحو شهرين من الزمن. وقد فهم الحاضرون أنّ وزير المال يقف صراحة على الضفة الرافضة لإقالة سلامة، ولم تستبعد المصادر المعنية ان يكون موقف الخليل منسقاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري غير الراغب في “تنقيز” سلامة.
في المقابل، تبيّن أنّ الوزراء العونيين ليسوا جميعاً على الموجة ذاتها. فوزير العدل هنري خوري لفت إلى أنّ قانون النقد والتسليف لا يسمح بإقالة سلامة وفق المعطيات القضائية كون التهم غير مثبتة بشكل نهائي، وبالتالي يمكنه أن يطعن بالقرار، ليعود ويضيف: “اذا كان التوجه لإقالته فليتخذ القرار وليطعن به، خصوصاً وأنّ اجراءات الردّ تحتاج إلى وقت يكون سلامة قد أنهى ولايته”. وكان لوزير العدل تصريحات أخرى أمس تطلب تنحي سلامة “فلملاحقته في فرنسا تداعيات على الوضع النقدي”، وأضاف “ما نخشاه هو ان يتدحرج الوضع وتقوم دول أوروبية أخرى بالخطوات الفرنسية نفسها، لذا يجب ان يتدارك الحاكم الوضع ويستقيل”.
بالتوازي كان لوزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار موقف مغاير حيث سأل: “من انتظر كل هذا الوقت، ألم يعد بمقدوره انتظار شهرين إضافيين مع انتهاء الولاية”؟ فبدا كأنه غير متحمس للإقالة.
أمّا الموقف الأكثر حسماً فأتى على لسان نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الذي اعتبر أنّه على الحكومة اتخاذ قرار الإقالة حتى لو بقي من ولاية سلامة يوم واحد.
قضائياً، مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات كلف القاضي قبلان دعوة سلامة الى جلسة يوم غد الأربعاء، وتم إبلاغه بالجلسة. ويتوقع حضوره بعد تطمينات ستصله اليوم . وتؤكد معلومات قضائية “أن القضاء اللبناني لن يبادر إلى توقيف سلامة بناء لمذكرة التوقيف الدولية، بل سيبقيه رهن التحقيق، ويمنعه من السفر بانتظار وصول الملف من القضاء الفرنسي والذي سبق لعويدات أن طلبه بعد تبلغه بمذكرة الانتربول”. ولم يعرف ما اذا كان القضاء اللبناني سيسحب جوازات سفر سلامة فعلاً، فلذلك دلالات كثيرة ابرزها رغبة إبقائه هنا. وحذرت مصادر متابعة للتحقيقات الأوروبية من “تداعيات وخيمة نتيجة استمرار أطراف في المنظومة بحماية سلامة بتحايل سياسي قضائي بات مفضوحاً بالنسبة للأوروبيين”.
وإنفاذًا للاستنابة القضائية الفرنسية، كلّف قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، فصيلة الأشرفية وفصيلة انطلياس تبليغ كلّ من رجا سلامة وماريان حويك موعد جلسة باريس. وأفاد مصدران مطلعان لـ “رويترز” بأنّ القضاء الفرنسي استدعى شقيق رياض سلامة ومساعدته، في الوقت الذي يواصل فيه تحقيقه في مزاعم اختلاس وغسل أموال بحق سلامة. وقال مصدر مقرب إن فرنسا حددت جلسة استماع في باريس لرجا في 31 أيار ولحويك في 13 حزيران، واذا تخلفا عن الحضور يرجح صدور مذكرات توقيف دولية بحقهما على غرار ما حصل مع رياض سلامة.
وأكدت مصادر مطلعة ان السبحة ستكر لاستدعاء مسؤولين آخرين في مصرف لبنان، بالاضافة الى عدد من المصرفيين المشتبه بتورطهم في عمليات غسيل الاموال. وعلمت “نداء الوطن” أن عدداً ممن يرجح استدعاؤهم يدرسون مع محاميهم التعاون مع القضاء الاوروبي، كما فعل رئيس بنك الموارد مروان خير الدين ونبيل عون المعني بعمليات مالية متشابكة او متقاطعة مع المشتبه بهم.
تبقى الاشارة الى ان مصارف اوروبية تدرس قطع علاقاتها مع عدد من البنوك المحلية، اما البنوك المراسلة في الولايات المتحدة فهي تستشير الخزانة الاميركية، لأن قراراً كهذا هو قرار سياسي.
نداء الوطن