هل بدأت بالفعل “المباراة الكبرى” بين الغرب والصين؟
قال الجيوسياسي الفرنسي رينو جيرار في مقال بصحيفة “لوفيغارو” إن الغربيين أرادوا من خلال قمة مجموعة السبع في اليابان، أن يبعثوا برسالة تاريخية إلى بقية العالم: ثقة في النفس تاريخية والوحدة والصرامة فيما يتعلق برؤيتهم للقانون الدولي.
وأضاف جيرار أنه من خلال دعوتهم للرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى قمة هيروشيما، أوضح قادة مجموعة السبع للرئيس الروسي بوتين أنهم لن يتركوا أوكرانيا. فمن خلال تبادل المعلومات العسكرية وإرسال الأسلحة باستمرار والذخيرة، وتدريب طواقم الدبابات والقوات الخاصة، وتدريب الطيارين المقاتلين على طائرات F-16، يعتزم الغربيون تحويل الأراضي الأوكرانية إلى معقل منيع. بالنسبة لهم، يجب أن تصبح أوكرانيا مثل إسرائيل في بلاد الشام.
غير أن روسيا- يوضح الكاتب- لم تكن الهدف الأول لمجموعة السبع. فاقتصادها ضعيف للغاية وحربها الإمبريالية قد فشلت بالفعل مع أو بدون السيطرة على باخموت. فقد كانت الصين المستهدفة بشكل أساسي من القوى الاقتصادية الغربية السبع الكبرى، والتي انضمت إليها الهند، كوريا الجنوبية، أستراليا والاتحاد الأوروبي.
طلب الغربيون من الصين العودة إلى صفوف النظام الدولي كما يتخيلونه. فهذه الدول لا تقبل فكرة أن الصين تستخدم التجارة لمعاقبة الجيران الذين يتخذون مبادرات سياسية لا تحبها. في عام 2016، عوقبت كوريا الجنوبية بمقاطعة منتجاتها من قبل الصينيين، بعد تثبيت بطاريات Thaad الأمريكية المضادة للصواريخ على أراضيها. ومع ذلك، كانت هذه الصواريخ ضرورية في مواجهة التهديدات المنبثقة عن النظام الشيوعي في كوريا الشمالية.
مثال آخر، أستراليا التي ما يزال الصينيون الشريك التجاري الرئيسي لها، فقد تعرضت للتهديد بالمقاطعة في أبريل عام 2020 بعد أن طلبت تحقيقا دوليا في ظهور فيروس كورونا وظروف انتشاره في جميع أنحاء العالم. كما يلقي الغربيون باللوم على الصين في الطريقة التي تنشئ بها طريق الحرير التجارية إلى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. بحسبهم، تستغل الصين نقاط الضعف الاقتصادية للدول الصغيرة من أجل بسط سيطرتها على البنية التحتية أو السكك الحديدية أو الطرق أو الموانئ. هذه هي حالة ميناء كولومبو في سريلانكا، البلد الذي تمتلك فيه الصين ثُمن الديون.
وتابع رينو جيرار القول إن الصينين يعتقدون أن الغرب ليس في وضع يسمح له بإعطائهم دروسا في الأخلاق الدولية، كما يلقي الصينيون باللوم على الغرب بسبب “المعايير المزدوجة” عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي، المغلف بنفاق أخلاق حقوق الإنسان والديمقراطية. أليس هو (الغرب) الذي شن حربا على صربيا بدون تفويض من الأمم المتحدة لمساعدة الانفصاليين الناطقين بالألبانية في كوسوفو؟ أليس هو الذي دمر العراق وليبيا بدون تفويض من الأمم المتحدة؟
وأشار الكاتب إلى رفض الصين الشديد لبيان مجموعة السبع. ولكنها لا تريد المبالغة في ذلك، لأنها تريد الاستمرار في التجارة مع الغرب. في عام 2022، بلغ الفائض التجاري مع أمريكا حوالي 320 مليار دولار.
ستركز الصين أولا على تعزيز مواقعها في جوارها المباشر، كما أظهرت قمة 19 مايو 2023 بين شي جين بينغ، ورؤساء الجمهوريات السوفياتية الخمس السابقة في آسيا الوسطى. كما ستكون حذرة فيما يتعلق بتايوان، التي سيكون اندماجها بالقوة في الصين محفوفا بالمخاطر. وبالتأكيد تؤيد أمريكا ”فصل” الاقتصادات الصينية والغربية، لكن أوروبا راضية عن منع النقص في المنتجات الاستراتيجية.
وخلص رينو جيرار إلى القول إنه خلال الأربعين عاما بين نهاية الماوية وظهور كوفيد، عمل الغرب جنبا إلى جنب مع الصين. هل نهاية التعاون تعني الحرب؟ ليس بالضرورة. لكن لعبة الغرب والصين القاسية للسيطرة على بقية العالم قد بدأت بشكل جدي وحقيقي.
القدس العربي