إنسحاب جنبلاطي مُؤقت: متى يحسم «الإشتراكي» ؟
لا يزال المشهد الإنتخابي على حاله من المراوحة القاتلة التي تستنزف الوقت، على الرغم من حركة الإتصالات والمساعي التي ظهر مؤخرا انها تدور في حلقة فارغة، في ظل تمسك الأطراف بشروطها، وبعد ان خرجت الى العلن ملامح انتهاء مفاعيل المساعي للم شمل المعارضة مع «التيار الوطني الحر»، مما ينذر بعودة الأمور الى نقطة الصفر الإنتخابية.
التباين الرئاسي ورسائل السقوف العالية التي اندلعت في الساعات الماضية بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات أكدت المؤكد، وهو استحالة تقارب الحزبين المسيحيين والتقائهم حول مرشح واحد، على الرغم من اجتماعهما معا لرفض ترشيح سليمان فرنجية، الإختلاف ايضا مستقر مع الموقف «الإشتراكي» الذي لا يزال محيرا، فلا أحد يعرف اليوم ماذا يريد رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، الذي كان أول من تبنى النائب ميشال معوض وأول المنسحبين من معركته، ليطلق مبادرة رئاسية وحركة سياسية، قبل ان يعود وينسحب مجددا الى الخطوط الخلفية للاستحقاق، مطلقا شيفرات رئاسية لم يستطع أحدا ان يفك ألغازها بعد. فجنبلاط يرفض سليمان فرنجية، ويرفض التلاقي مع المعارضة، ولديه مرشحه الخاص شبلي الملاط الذي طرحه في المقابلة الأخيرة له من خارج السياق الرئاسي.
قبل فترة، عبّر جنبلاط عن استيائه من كل ما يجري حوله، فقرر ترك الساحة لكل من سمير جعجع وجبران باسيل وحزب الله و»التغييريين» لتحديد المسار الرئاسي.. انسحاب جنبلاط التكتيكي، كما تقول مصادر سياسية، هو خطة مدروسة بدقة هدفها النأي بالنفس مؤقتا وانتظار ما سيحصل على الساحة المسيحية من توافق او اختلاف، فجنبلاط يمكن ان يكون بيضة القبان في الاستحقاقات المفصلية، لكن حركته اصـطدمت بالموانع السياسية والمطبات، فهو لا يمكن ان يسير ضد خيار الحليف الاستراتيجي في عين التينة، ولا يقبل ان يتبنى مرشحا غير مرغوب من الفريق الأكبر لدى المسيحيين.
تعاطي جنبلاط مع المسار الرئاسي بدأ بدعم النائب ميشال معوض، وبعدها نفذ جنبلاط انسحابا لائقا من معركة معوض لانعدام حظوظه، بوصفه من المرشحين من فئة «التحدي»، ووضع سليمان فرنجية في الخانة نفسها ايضا، مما حتم البحث عن رئيس من خارج الاصطفافات السياسية.
انطلق جنبلاط في بحثه عن رئيس للجمهورية من نقطة أساسية، وهي مراعاة الهواجس المسيحية أولا، فقام بممبادرات رئاسية هدفها التوافق مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وبكركي وبري، تزامنت مع حركة خارجية الى عدد من الدول بهدف إيجاد آلية تلاقي مع القوى السياسية لإنتاج رئيس جمهورية توافقي، فلا يمكن الذهاب الى رئيس تحد بـ ٦٥ صوتا، كما لا يمكن إنتخاب رئيس للجمهورية من دون موافقة أكبر كتلتين مسيحيتين.
المسعى الجنبلاطي تركز على المرشح التوافقي الذي يجمع التناقضات، فلا «يطعن المقاومة» ويتمتع بمواصفات سيادية، ولديه خطط إقتصادية وانقاذية بالدرجة الاولى، ورمى الطابة في ملعب القوى المسيحية المختلفة على «جنس» الرئيس، فيما بقي على مسافة من «التغييريين» بسبب تشرذهم الى أكثر من فريق.
ومع ان جنبلاط أوقف محركاته الرئاسية لأن أحدا لم يتلقف مبادراته الرئاسية، لكنه لم ينسحب بالمطلق من المعركة، وتعاطى بمرونة وهدوء لتجنب الاصطدام مع اي طرف، بانتظار الضوء الأخضر الإقليمي وتبيان مسار التسوية، مع تأكيد مسألتين اساسيتين بالنسبة له وهي عدم تبني أي مرشح لا توافق عليه القوى المسيحية، وعدم معارضة التسوية الدولية حين يحين الوقت.
مسألتان أخريان يرفضهما جنبلاط اليوم، الدخول في استقطاب سياسي وسيناريو المواجهة مع أي طرف، بانتظار جلاء الصورة الرئاسية ونضوج اي تسوية محتملة.
ابتسام شديد- الديار