«المناورة العسكريّة ـ الإعلاميّة» للحزب اليوم… لمن رسالتها؟
منذ 23 عاماً، و»حزب الله» يقيم فعاليات ذكرى التحرير، الذي اصبح يوماً وطنياً، وهو الاستقلال الثاني للبنان، المعمّد بالدم، منذ اول غزو صهيوني في آذار عام 1978، واقتطاع العدو الصهيوني جزءاً من الارض في الجنوب، تحت اسم «الشريط الحدودي» الذي اوكلت قيادته للرائد في الجيش اللبناني سعد حداد، الذي ارتضى ان يكون عميلاً، ثم توسع هذا الاحتلال شمال الليطاني في حرب بدأت في 5 حزيران 1982، ووصلت الى بيروت، بعد ان كان مقرراً لها ان تصل الى نهر الاولي، على مسافة 45 كلم، وهو مدى صاروخ «الكاتيوشا»، الذي كان يطلق على المستوطنات اليهودية في الجليل الاعلى، الذي سميت العملية العسكرية الاسرائيلية باسمه «سلامة الجليل»، لكن تقدم الجيش الاسرائيلي الى جبل لبنان وصولا الى العاصمة، هو لطرد منظمة التحرير الفلسطينية منها، وتمكين بشير الجميل المتعاون مع العدو الصهيوني، من ان يصبح رئيساً للجمهورية ويوّقع «اتفاق سلام»، سيكون الثاني بعد مصر التي ذهب رئيسها انور السادات الى القدس المحتلة، ووقع في «كامب دايفيد» الصلح مع الكيان الصهيوني، لكنه اغتيل بعد ذلك.
فلبنان مارس شعبه او قواه الوطنية والقومية المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، فتمكن من طرده من بيروت، بعد عمليات للمقاومة فيها، ابرزها عملية «الويمبي» في الحمراء، التي نفذها خالد علوان، احد المقاومين في الحزب السوري القومي الاجتماعي في 23 ايلول 1982، ليبدأ جنود الاحتلال الاعلان عبر مكبرات الصوت «لا تطلقوا النار علينا اننا راحلون».
فالتحرير الاول بدأ من بيروت على يد المقاومة، التي صعّدت عملياتها، لا سيما منها الاستشهادية، وبدأت قوات الاحتلال تتراجع من الجبل وشرق صيدا والزهراني والنبطية وصور وجزين، وبقيت في «الشريط الحدودي» المحتل، الى ان اخرجتها المقاومة التي اصبحت بقيادة «حزب الله» مما تبقى من ارض محتلة، فكان التحرير في 25 ايار 2000.
هذا التحرير، الذي حاول العدو الاسرائيلي، ان يكسره بعد ست سنوات في عدوانه صيف 2006، فلم يتمكن بعد 33 يوماً، وسجّل جيشه هزيمة مدوّية، فلم يعد الجيش الذي لا يُقهر وفق تأكيد مصدر في المقاومة، التي لم تتراجع عن بناء جهوزيتها القتالية، وتطوير وتخزين قدراتها العسكرية، التي ظنّ العدو ان المقاومة بعد التحرير ستتقاعد، لكنه فوجىء باستعدادها لمواجهة اي عدوان، كما على نوعية الاسلحة التي استخدمت من صواريخ يصل مداها الى حيفا وما بعد حيفا، وصولا الى تل ابيب، اضافة الى القاذفات الصاروخية من نوع «كورنيت» التي طورتها المقاومة، وانزلت خسائر بدبابة «الميركافا» من الجيل الرابع، لا سيما في سهل الخيام ووادي الحجير، حيث سجل في اثناء عدوان تموز 2006، هروب الاف المستوطنين من شمال فلسطين الى اماكن آمنة، وقد تركوا بلا ملاجىء ولا حماية، حيث سقطت نظرية «الدولة ـ الثكنة»، و»الحزام الامني» من تل ابيب الى باكستان الذي ادعى ارييل شارون ان كيانه الغاصب يمتلكه، فشكّلت القيادتان السياسية والعسكرية الصهيونية لجنة تحقيق باسم «فينوغراد» لمعرفة اسباب الهزيمة، حيث ركز التقرير على ترهل الجيش الاسرائيلي، ورفض قوات الاحتياط الالتحاق بالحرب، وتحلل الجبهة الداخلية، ثم قوة الردع لدى المقاومة، التي كانت تطلق نحو مئة صاروخ يومياً.
لذلك قررت «العلاقات الاعلامية» في «حزب الله»، ان يكون الاحتفال بالتحرير هذا العام مختلفاً عما سبقه، حيث سيكون موقع عرمتى في «اقليم التفاح»، مكانا سيحضر اليه نحو 500 اعلامي دولي وعربي وعالمي، في تظاهرة اعلامية لم يسبق لها مثيل، حيث ستزور نحو مئة مؤسسة اعلامية اجنبية معسكراً للمقاومة، الذي يُفتح للمرة الاولى، ولن يتم الكشف عن الاسلحة، التي لا تظهرها المقاومة، لا كماً ولا نوعاً، بل تقوم بما يسمى «استعراض قوة»، وسبق «لحزب الله»، ان نظم استعراضات عسكرية من دون اسلحة لقطعاته الحربية البرية والبحرية والصاروخية، حيث دخلت الطائرات المسيرة عليها، وقد باتت ترسانة الصواريخ بما يفوق 150 الفاً، وفق تقارير عسكرية واستخبارية صهيونية.
وهذه المناورة العسكرية ـ الاعلامية، لها هدف عند «حزب الله»، الذي يقول مسؤول العلاقات الاعلامية في الحزب محمد عفيف لـ «الديار»، ان المناورة لها رسالة واحدة، موجهة للعدو الاسرائيلي فقط، وهي اظهار المزيد من قوة الردع عند المقاومة، التي لن تلقي السلاح، ما دامت توجد ارض محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر، اضافة الى استمرار عدوانه على فلسطين، لا سيما في غزة التي لا يمر عام منذ 15 سنة الا وتكون تحت مرمى نيرانه، وآخرها مقتل ثلاثة من قادة «الجهاد الاسلامي»، حيث يشعر «حزب الله» بضرورة ان يكون متأهباً، اذا ما تطورت الاوضاع في غزة تحديداً، والضفة الغربية، وهذا ما لمح اليه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله اثناء عملية «السهم والدرع» الاسرائيلية.
فالمناورة العسكرية، التي جرى تضخيمها من قبل بعض وسائل الاعلام واعلاميين، فان عفيف اوضح في بيان له، ان الهدف منها يختصر في جواب واحد، هو التأكيد على جهوزية المقاومة، وانها في موقع الردع، ولتطمين الفلسطينيين، بانهم ليسوا وحدهم في معركة الوجود مع العدو الصهيوني الذي بات في مرحلة التآكل.
وبعد ترسيم الحدود البحرية بشأن النفط وحق لبنان، تدخل «حزب الله» وراء الدولة، وارسل طائرة فوق حقل «كاريتش»، مما دفع بالعدو الصهيوني، ان يخفف من شروطه، في وقت روّج خصوم المقاومة في لبنان، بانها اعترفت بالعدو الصهيوني، وسلاحها سيصدأ، وانتهى زمن الحرب لتأتي المناورة، وترد على الباطل.
كمال ذبيان- الديار