مرحلة مفصليّة للرئاسة: مُفاوضات بالقفّازات بين «القوات» و«الوطني الحرّ»!
لم تتوصل المفاوضات الجارية بين الاطراف المعارضة لانتخاب سليمان فرنجية حتى الآن الى الاتفاف على اسم المرشح المنافس، رغم الحديث عن تقدم ملحوظ في هذا الاتجاه. وفيما تنشط الجهود لتذليل الصعوبات امام التوصل الى اتفاق نهائي بين هذه الاطراف، تؤكد مصادر مقربة من عين التينة ان محاولة رمي الكرة في ملعب الرئيس نبيه بري، هي محاولة فاشلة وفي غير محلها، لانه لا يزال ينتظر تسمية المرشح المنافس لفرنجية من اجل الدعوة الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
وتبدي المصادر ارتياحها للاجواء الخارجية المشجعة لحسم الاستحقاق الرئاسي، مشيرة الى ان رئيس المجلس تحمّل ويتحمّل مسؤولياته منذ اللحظة الاولى، ولم يتخلف عن دعوته لجلسات اسبوعية متتالية حتى الجلسة الحادية عشرة، عندما اقر الجميع بعدم جدوى الاستمرار بها ما لم تحصل تطورات جدية باتجاه إحداث خرق جدي في جدار المراوحة. وتشير المصادر في هذا المجال، الى موقف «اللقاء الديموقراطي» على لسان النائب هادي ابو الحسن في الجلسة الاخيرة، الذي عكس بصدق الحاجة الى الخروج من المشهد المتكرر والممل للجلسات، والرغبة في الانتقال الى مرحلة جديدة مبنية على الحوار والتفاهم.
وتضيف المصادر ان افشال دعوة بري للحوار اكثر من مرة، ساهم في تأخير حسم الاستحقاق الرئاسي، لكن اعلان الثنائي «امل» وحزب الله دعم ترشيح فرنجية، ثم التطورات الايجابية الاخيرة على الصعيد العربي ومع ايران، اوجدا مناخا جيدا لوضع الاستحقاق الرئاسي على المسار، وهذان عاملان مهمان لتحفيز الآخرين على حسم امورهم، بدلا من رمي المسؤوليات والاتهامات بشكلٍ عشوائي وغير موضوعي.
وبرأي المصادر ان الكرة ما زالت في ملعب هذه الاطراف، لافتة الى ان ما يكتب او يقال من قبل البعض، لا يعفيهم من المسؤولية الحقيقية من تأخير حسم الاستحقاق الرئاسي. ما هي المستجدات على صعيد هذا الاستحقاق؟
تقول المعلومات، وفقا لمصادر مطلعة، ان المفاوضات بين الاطراف المعارضة لانتخاب فرنجية، لا سيما بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» مستمرة، لكنها لم تنته الى اتفاق بعد، وان الكلام عن الاتفاق على اسم الوزير السابق جهاد ازعور ليس دقيقا، فالطرفان لم يعطيا جوابا نهائيًا في هذا الاتجاه. وما يؤكد عدم اتفاقهما ان الطرفين يجريان مفاوضات بالقفازات في هذا الشأن.
ولا تخفي اوساط «القوات» انتقاداتها لرئيس «الوطني الحر» جبران باسيل، وتتهمه بالاستمرار في المناورة ومحاولة تحسين موقعه التفاوضي مع حزب الله.
اما اوساط التيار فتتحدث عن تقدم في المفاوضات، لكنها تتحفظ في الوقت نفسه في الكلام عن التوصل الى اتفاق نهائي، رافضة الاتهامات الموجهة الى باسيل بانه يناور، بدليل ان التيار هو اول من دعا الى حوار مسيحي- مسيحي للتفاهم على مرشح موحد لا يستفز الاطراف الاخرى، او يسمى تحت عنوان مرشح المواجهة ضد حزب الله.
وفي اعتقاد مصدر سياسي مطلع، ان هذا التجاذب الحاصل بين الطرفين مرشح للاستمرار في الايام المقبلة، وان نتائجه لن تظهر قبل القمة العربية التي ستنعقد في ١٩ الجاري في المملكة العربية السعودية. ويضيف ان الاسبوع المقبل ربما يحمل تطورات جديدة على هذا الصعيد، مع العلم ان «التيار الوطني الحر» حريص على عدم الذهاب الى تزكية مرشح مواجهة مع حزب الله، ويسعى الى نقطة التقاء معه على مرشح تفاهم غير فرنجية، رغم صعوبة هذا الهدف.
ويشير المصدر الى ان مرحلة ما بعد القمة العربية ستكون مهمة، وربما حاسمة لانتخاب رئيس للجمهورية، لافتا الى انه حتى الآن هناك اختلاف واضح بين المناخ الخارجي الايجابي لمصلحة الاسراع في الحسم، وبين الاجواء الداخلية الملبدة بسبب استمرار الانقسام الحاد حول هوية الرئيس وخياراته.
وبانتظار ما ستحمله الايام التي تلي القمة، يعتقد المصدر ان الموقف السعودي الذي نقله السفير البخاري للاطراف اللبنانية هو موقف ايجابي، لانه يشكل ضغطا اضافيا على سائر الافرقاء من اجل حسم الاستحقاق من منطلق التفاهم والتسوية، لا من منطلق التحدي والمواجهة، لان الرياض تريد هذا الاستحقاق مدخلا لعودة الاستقرار في لبنان، في ظل سياسة اليد الممدودة التي تعتمدها في الوقت الحاضر على المستوى العربي، لا سيما مع سوريا وكذلك على صعيد العلاقة مع ايران.
وفي خصوص الموقف الفرنسي، يشير المصدر الى ان الكلام عن تغيره هو كلام غير دقيق، فباريس ما زالت مقتنعة بمبادرتها الاخيرة الرامية الى انتخاب فرنجية في اطار تسوية تشمل رئيس الحكومة المقبلة، وقد ابلغت من يهمه الامر ان هذه المبادرة ما زالت على الطاولة، ومن لديه البدائل فليقدمها او يطرحها. وبسبب اللغط والاعتراضات عليها من اطراف لبنانية، اكتفت فرنسا بالتوقف عن الاستمرار في مسعاها هذا، لكنها لم تصرف النظر او تتخل عن قناعتها بواقعية هذه المبادرة.
محمد بلوط- الديار