!المعارضة مربكة… ماذا بشأن باسيل وجعجع؟

تظهر المواقف انّ التباعد ما زال كبيراً بين مكونات المعارضة، ما يعوق إمكانية اتفاقها على مرشح موحد، فمرشحها النائب ميشال معوض أطلّ تلفزيونياً مساء امس وأعلن: «لن أسحب ترشيحي رسميا قبل أن يذهب هذا الترشيح الى مرشّح جامع لقوى المعارضة سيادي إصلاحي، وأتحدّى بري أن يدعو غداً الى جلسة لانتخاب رئيس».

وقالت مصادر مواكبة للاستحقاق الرئاسي ان كلام معوض بعدم سحب ترشحه قبل اتفاق المعارضة على اسم بديل «يدلّ على مدى التخبط داخل صفوفها، اذ ان كلامه هذا هو موجّه الى حلفائه قبل خصومه».

وينقل عن اوساط في المعارضة قولها انه لم يتم التواصل مع معوض حتى اللحظة لمفاتحته في امر سحب ترشيحه، وان المعنيين يتعاملون مع ترشيحه على انه في حكم المنتهي، ولكن كلامه يكشف مدى صعوبة اتفاق المعارضة على مرشح بديل، اذ ان تتعدد الرؤوس المارونية فيها يعوق مثل هذا الاتفاق.

وعلمت «الجمهورية» ان هذا الامر يثير استياء جنبلاط مثلما استاء قبله السفير السعودي وليد البخاري، والذي يعبر عن هذا الاستياء في مجالسه.

وتوقفت مصادر داعمة لترشيح فرنجية عند تحدي معوض رئيس المجلس النيابي نبيه بري لدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، وسألت: «هل نسي معوض كلام رئيس حزب القوات اللبنانية الدتور سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل اللذين هددا بتعطيل نصاب الجلسة التي يمكن انتخاب فرنجية خلالها؟».

الى ذلك، نُقل عن جعجع انه يعتبر بأن السعودية ليست مسهّلة لانتخاب رئيس فحسب وانما مسهّلة لانتخاب فرنجية بالتحديد. الامر الذي جعله في موقع المُربك والمرتبك، خصوصا ان ليس مؤكداً لديه ان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل يريد ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور الذي يتردد انّ المعارضة قد تجمع عليه.

ومن هنا يأتي تريّث «القوات اللبنانية» في دعم ازعور، لأنها تخشى من باسيل وتتوقّع ان يذهب الى التفاهم مع «حزب الله» في ضوء التطورات الجارية في المنطقة. ولا يجب ان يُنسى في هذا السياق ما قاله باسيل في اطلالته الاعلامية الاخيرة من ان هناك خطاً انتصر «وانهم اذا وافقوا على اللامركزية الادارية الموسعة والصندوق الائتماني» فإنه لن يناقش في اسم الرئيس.

ولذلك يبدو جعجع مُربكاً بسبب ضيق الخيارات لديه بعدما تفاجأ بالموقف السعودي الذي لم يكن يتوقعه. كذلك فإنه لا يرى أن الموقف الاميركي يمكن ان يبنى عليه للمواجهة، اذ ان الاميركي لا يهمه سوى تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بالتنسيق معه قبل حلول موعد نهاية ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة. كما ان جعجع لا يعوّل على موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لأنّ الاخير بطبيعته لا يعاكس التسويات الكبرى وتداعياتها الداخلية، وحتى الخارجية.

ومن جهة اخرى ثمة من يعتبر انّ جعجع والجميل ذهبا بعيداً في ردة فعلهما على موقف المملكة العربية السعودية الرافض استمرار الفراغ في سدة الرئاسة ويستعجل انجاز الاستحقاق الرئاسي بالتوافق على رئيس او بمنافسة ديموقراطية بين مرشحين، فهناك كلام عن استياء سعودي نتيجة ما قاله الاول في حق الرئيس السوري بشار الاسد لحظة وجود وزير الخارجية السعودية الامير فيصل بن فرحان في دمشق. اما الجميّل فقد استخف بالموقف السعودي وعكسَ عدم اهتمامه به بعد سؤاله عن زيارة فرنجية الأخيرة للبخاري في اليرزة.

اما بالنسبة الى ما يتعلق بترشيح أزعور فقد فتحت امكانية الاتفاق عليه كتاب «الابراء المستحيل» واستحالة تبنّي باسيل لترشيحه لأنه يُعاكس ما طرحه تكتله عبر هذا الكتاب، كَون ازعور كان جزءاً من سياسة الحريرية السياسية.

كذلك توقف المراقبون عند امكانية دعم جعجع لأزعور واصفين موقفه ان حصل بمثابة تراجع تدريجي كبير يعكس عدم تمتّعه بالقدرة على القراءة الإستراتيجية كزعيم ماروني كبير. فبعد ان كان يُحضّر لترشّحه للرئاسة بعد الانتخابات النيابية انتقل الى طرح «رئيس سيادي»، وجاء اليوم ليتبنى مرشح باسيل ويخسر تحالفه الاستراتيجي مع السعودية التي تلعب دورا مهما في رسم سياسة المنطقة للعقود المقبلة.

اما عن ترشيح الدكتور صلاح حنين، فتقول المصادر المطلعة لـ«الجمهورية» ان هذا الامر يبدو معقدا جدا في اعتبار ان باسيل لا يرغب، كما تقول أوساطه، بـ«تسليم البلد الى جنبلاط وجعجع، وبالتالي لا يريد استفزاز «حزب الله».

اضف الى ذلك، انّ كل هذه الترشيحات لا تتفق مع القدرة على جذب النواب «التغييرين» الذين لا يريدون تأييد ايّ من المرشحين ذوي الارتباط بالمنظومة القديمة، باستثناء الوزير السابق زياد بارود الذي يقبلون به، لكن جعجع يرفضه لاعتبارات تتصل بقُربه من باسيل والرئيس ميشال عون، الا ان المصادر المطلعة تعتبر «انّ بارود لا يخالف التوجهات الفرنسية مهما غَلت المغريات».

على انّ المصادر نفسها ترى ان ترشيح فرنجية يسير ايجاباً على وقع المنطقة التي ستتوج حركتها بالقمة العربية التي ستشهد حضور حليفه الشخصي الرئيس بشار الاسد، ما يمكن تفسيره على ان الموقف السعودي مرشح للتقدم خطوات اخرى في اتجاه دعم ترشيحه، ما يعكس توجّهاً عاماً لأن يكون الرئيس المقبل على قاعدة تطبيق أجندة المنطقة المرسومة للمقبل من السنين.

الجمهورية

مقالات ذات صلة