السعودية وزواريب لبنان الضيقة: هل تغيّرت تفاصيل العلاقات بين البلدين؟
السعودية لا تدخل بالزواريب اللبنانية الضيقة
يقف البلد الجميل، لبنان، اليوم على مفترقٍ خطير محاطاً بالمطبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة. أطرح هنا انعكاسات الوضع على الأصعدة المحلية والعربية والعالمية.
في أب (أغسطس) 2022، طالب السفير السعودي في بيروت وليد بخاري الحكومة اللبنانية بترجمة التزاماتها تجاه دول الخليج إلى واقع سياسي ملموس. هذا هو وضوح الموقف السعودي؛ مطالبة الحكومة اللبنانية بالقيام بواجباتها لوقف الأنشطة العدائية تجاه المملكة ودول الخليج، التي تهدد منظومة الأمن القومي العربي.
إضافة إلى التحريض السياسي ضد السعودية، يجتهد مهربو المخدرات في لبنان لإرسال الكبتاغون والمؤثرات العقلية إلى الأراضي السعودية. نتحدث هنا عن مئات ملايين الحبوب المخدرة ومئات الكيلوغرامات من الحشيش المخدر خلال سنوات قليلة. النفي من “الضاحية” جاء كالعادة كاذباً ومناوراً، ولا يتجاوب مع المطالب السعودية المُحقة. للأسف، تعاطي “بلاد الأرز” مع الأحداث المتردية، يعني حرفياً إثراء مشروع التهجير القاتم. هل هذا هو تفسير “انتفاضة الاستقلال”؟
هل تغيّرت تفاصيل العلاقات السعودية – اللبنانية؟ الأحداث الأخيرة واضحة، ومن ضمنها الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي تقوم بها المملكة لمساعدة ذلك البلد الشقيق، ودور الرياض الإيجابي لتقريب وجهات النظر بين مكونات المجتمع اللبناني. هذه فرصة ثمينة لإنقاذ ما تبقى من الجبل والحمرا وبحمدون قبل طمسها فكرياً وعقائدياً. نعم، بل هذه ربما الفرصة الأخيرة لإيقاف الانهيار الاقتصادي والمالي العام، وإعلاء مصطلح “لبنان أولاً”.
إضافة لتَعَقد الأمور داخلياً وعربياً وإقليمياً، فهناك أيضاً مواضيع “مجمدة” مثل تمسك الأطراف السياسية اللبنانية بترشيح أحد أعضائها رئيساً للجمهورية العتيدة. في الطرف الآخر من المعادلة، يعتقد البعض أن وصول هذا المرشح أو ذاك الى قصر بعبدا، يشكل خطراً على المجتمع وعلى الأرزة الجميلة.
إدخال لبنان في المعامل والتجارب القاسية تحت سطوة الثنائي، أو الثلاثي، أو الرباعي، يعني استمرار تفشي الوصاية والانقلاب على الطائف. في المقابل، يقول الحكماء إن السعودية هي الحاضنة للبنان والمحفّزة على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.
داخلياً، يعاني لبنان من معضلة تشكيل الحكومة، وعدم الاتفاق على رئيسٍ للجمهورية، وملف النازحين السوريين في لبنان، والأزمة الاقتصادية الخانقة، والحجز على ودائع البنوك، وتراكم الديون على الحكومة، وخسارة الليرة قرابة 98 في المئة من قيمتها، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي، وانهدام الخدمات العامة، وانقطاعات الكهرباء، ونقص مياه الشرب، وتفشي الأمراض. باختصار، يعيش أكثر من خمسين في المئة من السكان في لبنان تحت خط الفقر.
عربياً، التطورات في قطاع غزّة، ونتائج الاتفاق السعودي – الإيراني، وعودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، كلها تؤثر في الوضع اللبناني.
أما عالمياً، فهناك اتهام فرنسا لحاكم مصرف لبنان بالتزوير وغسل الأموال، من ضمن أمور أخرى.
هل هذه مبادئ “العيش المشترك”؟ ألا يكفي كيف حفرت جريمة 4 آب (أغسطس) 2020 عميقاً في وجدان المواطن اللبناني الآمن؟
آخر الكلام. أعجبت بتغريدة لرئيس تحرير موقع “لبنان الكبير” الأستاذ محمد نمر، أن “السعودية لا تدخل بلعبة الأسماء وبالزواريب اللبنانية الضيقة”.
عبدالله العلمي- النهار العربي