المسيحيون على توقيت جبران باسيل: قفوا فيقفون… اجلسوا فيجلسون!
لائقة.. آمنة.. كريمة، ثلاث كلمات مستجدّة على قاموس جبران باسيل عندما يتناول النزوح السوري.
حمل لواء النزوح السوري على أنّه تهديد وجودي للمسيحيين في لبنان. قال به ما لم يقُله أحد قبله أو بعده، وعندما اطمأنّ إلى أنّ القطيع بأحزابه وكنيسته ومجاله العامّ بات في الصندوق، خرج متحدّثاً بلغة لم يستعملها من قبل، داعياً إلى الاستفادة من الحوار والتفاهم السوري السعودي الإيراني لتأمين عودة لائقة آمنة وكريمة للنازح السوري من خلال إعادة إعمار سوريا ولبنان.
متعب هو جبران باسيل، قادر أن يقول للمسيحيين أحزاباً وتيارات وبيئة شعبية قفوا فيقفون، وقادر أن يقول لهم اجلسوا فيجلسون.
تتحرّك البيئة المسيحية في لبنان، وتحديداً المارونية، وفقاً لتوقيت جبران باسيل. يجيد اللعب على الخطوط الحمر، لا بل يجد نفسه ومتعته بذلك. يُهاجم أصدقاءه دون تخلٍّ، ويغازل أخصامه دون معاشرة.
باسيل.. المرشّح الرئاسيّ
من جزّين أراد جبران باسيل أن يقدّم نفسه مرشّحاً رئاسياً من دون إعلان ومن دون تخلٍّ. من يعرف هذا الرجل يدرك أنّه لا يتخلّى عن أحلامه، صغيرة كانت أم كبيرة، مستحيلة كانت أم ممكنة. قدّم برنامجاً رئاسياً مفنّداً جاء كالتالي:
1- تمسّك بلبنان الموحّد أرضاً وشعباً، رافضاً كلّ الأشكال التقسيمية من فدرالية وغيرها، مستعيداً شعار بشير الجميّل: “التيار الوطني الحرّ سيبقى مع لبنان الكبير الموحّد بالـ10,452 كلم2”.
– الدعوة إلى اللامركزية واعتبار أيّ خيار آخر مدمّر للمسيحيين وللبنان.
3- لم يذكر باسيل في خطابه اتفاق الطائف بل تناوله بشكل غير مباشر بثلاث نقاط على قاعدة نأخذ منه ما يناسبنا ونُسقط منه ما لا يناسبنا. تمسّك باللامركزية التي رآها في صلب الدستور وبرفض التوطين كما ذُكر في مقدّمة الدستور. تمسّك بالشراكة مردفاً إيّاها بـ”لكن”، مؤكّداً أنّ الخلاف محصور بموضوع الدولة والنظام والنموذج.
4- تجديد المبايعة لمقاومة الحزب بإطارها اللبناني ومعارضة انحرافاتها التي تشوّه فكرتها كما حصل مع مقاومة اسرائيل أيام اتفاق القاهرة، الكلام هنا لباسيل.
أراد جبران التأكيد للحزب أنّه ما يزال حاجة ملحّة بالنسبة له كصلة وصل ما بين الحزب والمسيحيين. شبّه نفسه بجزّين التي يراها “نقطة تقاطع بين جنوب المقاومة وبقاع الخير وجبل لبنان الصمود”.
جبران دائماً يسبق الجميع
أراد جبران باسيل مخاطبة الحزب وأمينه العامّ من جزّين تحديداً. الكلام من الجنوب هو حديث داخل البيت وليس صراخاً من خارجه. ووضع معادلة للاتفاق مع الحزب في الاستحقاق الرئاسي مخيِّراً الحزب بين أمرين:
1- انتخاب رئيس لديه كتلة نيابية مسيحية كبرى. وبما أنّ الحزب لا يتفق مع القوات اللبنانية فالكتلة المقصودة هي كتلة التيار.
2- انتخاب رئيس من خارج هذه الكتلة، لكنّ الكتلة هي التي تسمّيه. واضحة قالها باسيل، “الرئاسة لي أو لشخص أنا أسمّيه” حين قال: “نريد رئيس جمهورية يمثّل الشراكة الفعليّة بالحكم، رئيساً قوياً بشخصه، والأهمّ أن يكون قوياً بدعم الناس له (المسيحيين) والكتل النيابية الممثِّلة للناس، وإذا لم يتوفّر هذا الشخص بذاته يمكن الاستعاضة عنه بشرعية نيابية داعمة له”.
هل ينفع كلّ ذلك جبران باسيل؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ جبران باسيل يدرك الصعوبات والعوائق التي تقف بوجهه ابتداء بالعقوبات الأميركية الصادرة بحقّه وإلى مفاعيل عهد عمّه الذي كان هو نفسه في الظلّ يمارس صلاحيّات الرئيس. وهنا يُطرح التساؤل المركزي: هل ينفع كلّ ذلك جبران باسيل؟
من الصعوبة بمكان اليوم تخيّل جبران رئيساً للجمهورية، لكنّ الرجل ما زال فتيّاً وأمامه من الأيام الكثير الكثير. ومن المنطق أن نفترض أنّه رجلٌ ذكيّ يخوض معركته الرئاسية المقبلة، وبدايتها أن يصنع هو الرئيس البديل.
زياد عيتني- اساس