الثنائيّ يرفع سقفه: دبلوماسي غربي لهاشم صفي الدين “احذروا ما سينقلب عليكم”!
قال السيد هاشم صفي الدين: “إذا لم يسارع بعض اللبنانيين إلى (تلقّف) ما يُعرض عليهم الآن، فسيأتي وقت لن يحصلوا فيه على ما يعرض عليهم اليوم”. في الداخل كانت الردود على هذا الكلام برفض التهديد والاعتراض على سعي الحزب إلى “فرض” رئيس بالقوّة. وكان ردّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تصعيدياً جداً، فأكّد أنّ البلد أصبح منقسماً بشكل حادّ يصعب فيه على أيّ فريق أن يفرض مرشّحه.
أمّا في الخارج، وفق ما قاله دبلوماسي غربي لـ”أساس”، فإنّ هذا الكلام، الذي يتردّد في خطابات مسؤولي الحزب، يقرأ المعادلة “بالمقلوب”. وتابع: “احذروا من أنّ ما تقولونه اليوم سينقلب عليكم غداً”.
الثنائيّ يرفع سقفه
في لقاءاتهم الخاصة، يعترف مسؤولون في الحزب بصعوبة وصول مرشّحهم إلى رئاسة الجمهورية. بل يتحدّثون عن أنّ الخطّة “ب” لحزبهم هي عدم تبنّي أو طرح أيّ مرشّح آخر، على أن يطرح الفريق المعارض أسماء للاقتراع عليها في مجلس النواب لاحقاً.
أمّا رئيس مجلس النواب نبيه برّي فيعمّم على الصحافيين والنواب الذين يزورونه: “لا خيار سوى سليمان فرنجية”. هو الذي سبق أن امتنع عن خوض معركته أو تسميته حتى في لقاء جمعه مع مسؤول عربي، كما جاء في مقال الزميل سامي كليب في “أساس”.
ماذا يعني هذا؟
يقول دبلوماسي غربي في عاصمة أساسية، إنّ “الثنائي الشيعي” يرفع سقوفه إلى الحدّ الأقصى، مهدّداً بالفراغ، إلى أن يختار التوقيت المناسب ويذهب إلى الانتخاب بشروطه: “لكنّ ما يهدّد به الثنائي قد ينقلب عليه لأنّ رفعه السقوف إلى الحدّ الأقصى قد يطيح بطرق العودة، فيخسر هذا الفريق ما هو معروض عليه اليوم.”
ليس كلام صفيّ الدين يتيماً. فقد سبقه كلام لنائب الأمين العامّ للحزب الشيخ نعيم قاسم. ينطلق الرجلان من موقع ثقة بأنّ الحزب يمسك بالتوقيت وبالتسوية المقبلة. ويقول الدبلوماسي الغربي، إنّ المتاح اليوم للحزب قد لا يعود متاحاً له في الأيام المقبلة في حال استمرّ برفع السقوف. في الواقع ليس المجتمع الدولي مهتمّاً كثيراً بلبنان. وهو لا يملك الوقت الكافي لوضعه على سلّم الأولويّات المزدحم حالياً. لذا على اللبنانيين، ولا سيّما الفريق الداعم لفرنجية، أن ينتبهوا إلى أنّ المجتمع الدولي سيقول لهم: “افعلوا ما تشاؤون وانتخبوا من تشاؤون، فنحن غير معنيّين بلبنان”. تماماً كما حصل في سيناريو عام 2016 عند انتخاب الرئيس ميشال عون.
يومذاك قرّر عون أن تكون زيارته الأولى للمملكة العربية السعودية حيث سقط في الامتحان السياسي فانهار عهده في أزمة سياسية داخلية وخارجية هي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث.
هل يستطيع هذا الفريق أن يتحمّل مسؤولية خياره هذه المرّة أيضاً؟ هل يستطيع تحمّل إغراق لبنان بالمزيد من الانهيار؟ هذا هو السؤال الذي يفترض أن يطرحه الفريق عينه على نفسه، خلال تصعيده إلى حدّ حرقه طرق العودة إلى ما هو مطروح عليه اليوم.
عروض بالجملة
في معلومات “أساس” أنّ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لا يريد أن يكون رئيساً بلا غطاء عربي ودولي للبنان. وهو سيؤكّد ذلك في حديثه ليل الأربعاء مع الزميل جورج صليبي على “الجديد”، وسيعرض خطّة عمله “الإصلاحية”.
لكنّ هذا لا يقدّم ولا يؤخّر في أعراف الدول. فالسبيل الوحيد لانتخاب فرنجية هو الموافقة السعودية. وحتى الساعة تشير المعطيات إلى عدم توافرها. أمّا مَن يتحدّث عن “مرونة سعودية” فينطلق من أنّ المملكة لا تدخل بالأسماء وتقول: “في حال انتخب نحكم عليه بعد تسلّمه السلطة”. وهذا ما حصل في عهد عون. أمّا الأميركيون فلا يدخلون في الأسماء أيضاً، وليست لديهم مقاربة رئاسية. وهم لا يهتمّون كثيراً في حال انهار البلد على مَن فيه، على أن يتدخّلوا في اللحظة التي يرونها مناسبة. لذلك لا يعوّل أحد على “تمريقة” لأنّ كلفتها مرتفعة جدّاً على فرنجية نفسه والفريق الذي يدعمه.
عروض كثيرة مطروحة اليوم للرئاسة. بعضها جدّيّ وأخرى لملء الوقت الضائع. يعرف الحزب جيّداً الخيارات الجدّية المطروحة عليه. وهو مدعوّ إلى التوقف عن إحراق جسور العودة.
فرنسا لا تدفع بل تقبض
أمّا التعويل على الدور الفرنسي فحديث آخر. قد يكون صحيحاً الكلام عن تمسّك باريس بفرنجية في غياب توافق القوى المارونية على اسم حتى هذه الساعة. لكن على الجميع إدراك أنّ الدور الفرنسي لا يعني غطاء دولياً، بل يعني أنّ انتخاب فرنجية بغياب الدعم الأميركي والخليجي سيورّط القوى الداعمة لفرنجية وفرنسا على حدّ سواء. لذا لا يمكن أن ينجح العهد إلا من خلال استكمال الدور الفرنسي بموافقة ودعم خليجيَّين.
في آخر التقارير المالية، يملك مصرف لبنان حوالي 9 مليارات دولار، وهو يستعملها لضبط سعر صرف الدولار. يدرك الثنائي أنّ فرنسا التي تخوض معركة فرنجية، لا تدفع المال بل تسعى إلى الحصول عليه من خلال مشاريعها في لبنان.
قطر عائدة
من يضع إمكاناته لمساعدة لبنان هي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر. وهي حتى هذه اللحظة لا تبارك رئاسة حليف الثنائي، بل تفضّل وصول رئيس لا يحمل تحدّياً لأحد، حتى للثنائي، وبمواصفات تعكس المرحلة المقبلة المفترض أن تكون مدخلاً لحلّ الأزمة.
في المعلومات أنّ الموفد القطري عائد إلى بيروت في الأيام المقبلة بعد تفويضه من المملكة العربية السعودية لمقاربة الملف الرئاسي.
بغياب أيّ تسوية لمصلحة الثنائي، هل يقتنع بالنزول عن الشجرة؟
جوزفين ديب- اساس