قبلان: “لن نقبل بتسوية رئاسية على ظهر الدبابة… ولن يتقسّم لبنان حتى لو كلّف ذلك حرباً كونية””!
ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة العيد لهذا العام بعدما أدى الصلاة في مسجد الإمام الحسين، في منطقة برج البراجنة.
وقال: “بلدنا بالقعر، والانهيار متعمّد فيه، والمشروع الدوليّ له أيادٍ داخلية خطيرة، وبعض السفارات تحوّلت إلى غرف عمليات، ومفوضية اللاجئين تدير النزوح على طريقة أوكار سفارات، فضلاً عن الإنهاك الشامل للبنية التحتية والقدرات الوظيفية للدولة والبلد. وهنا أقول وبشكل واضح وصريح: واشنطن تعمل على طبخة تريد معها لبنان بلد نزوح، وفوضى منظّمة، ومن ضمنها خريطة حرب أهلية وتجمّعات إرهابية، والخطر يمرّ بدمج النازحين، ودمجُ النازحين يعني نهاية لبنان”.
وسأل: “هل تعي القوى السياسية أننا أمام واقع كارثي؟! وأن لبنان على شفير الانهيار الكامل الذي يطال أصل وجوده؟ وأن الفدرالية واللامركزية تمرّ بالحرب؟ أيها الإخوة إن لبنان ليس ضعيفاً بالخيارات، والحلّ بالتلاقي والشراكة لانتشال الدولة من الفراغ، وسيكتب التاريخ يوماً ما، أن أي قطيعة سياسية بسياق خرائط طائفية وجداول دولية ستأخذنا نحو حرب أهلية، لن يربح فيها المشروع التقسيمي، ولن يتقسّم لبنان حتى لو كلّف ذلك حرباً كونية”.
وأضاف: “من هنا، أقول ان منطقتنا تعيش على صفيح متحرك، والبلديات ليست بديلاً عن الدولة، والبديل الطائفي مشروع حرب، ولا نحتاج دوحة جديدة، ولا طائف جديداً، ما نحتاجه صدق وإخلاص وضمير وطني حيّ، ما نحتاجه دولة مركزية سياسياً وإدارياً ومالياً، ورئيس جهورية قوي وطنياً، يكون إلى جانب شعبه كلّه، ولا نريد رئيس جمهورية يباع بالمزاد العلني. ثانياً، لواشنطن ولمن يعمل لصالحها أقول: مصلحة الجميع بتسوية سياسية تحفظ الدولة ومشروعها، ولعبة الحصار والإنهاك الاقتصادي ليست لصالح واشنطن ومشروعها الإقليمي، والمنظمات غير الحكومية ما هي إلا جيوش ارتزاقية ليس أكثر، وعلى البعض أن يفهم أن اللعبة الأميركية في سوريا انتهت على شكل كارثة طحنت الشعب السوري وإمكاناته الوطنية، وحوّلت من لعب لصالحها إلى “نزوح في خيمة”.
وتابع: “لذلك مرشّح الفراغ دمار للبنان، ورئيس بلا نفوذ وطني سيزيد من جحيم الفراغ، “وما نريده رئيس مسيحي قوي بالقيمة لا قوي بالعدد، وحماية الوجود المسيحي إنما هو بالشراكة الوطنية والدولة المركزية، لا بخرائط بعض الرؤوس الحامية، ذات التاريخ الأسود، ولن نقبل بتسوية رئاسية على ظهر الدبابة، بل في مجلس النواب. وما نريده لبنان متعدد الخيارات. نعم الحلّ المجدي اليوم يمرّ في الصين وليس في واشنطن، وبالنهاية سيخرج لبنان من هذه الكارثة لكن ليس لصالح جماعة الخرائط الدولية، وبحمد الله قوتنا الوطنية كبيرة، وكذلك الحاضنة الشعبية كبيرة، الذي بتكاتف ناسه وأهله أن يخفف من ارتددات الأزمة، التي غيّرت طريقةَ تفكيرِنا، ونمطَ خياراتِنا، وسياسةُ عنق الزجاجة لم يعد لها محل في لبنان”.
وتوجه الى الرياض وطهران: “لبنان مفتاح حلّ لاستقرار وأزمات المنطقة، والكل يحتاجه، والشراكة السعودية الإيرانية ضرورة إنقاذية للبنان والمنطقة، والتأخير صاعق تفجير، وواشنطن الأحادية انتهت، والدور اليوم للتوازنات الجديدة في العالم والمنطقة، ودبلوماسية الصين الصادمة كشفت زيف واشنطن وحجم ضعفها، وهذا ما يجب على الحكومة اللبنانية الالتفات إليه، وكأساس لخط مصالح لبنان فإنها من مصالح سوريا، وكذلك العكس، ومصالح لبنان وسوريا من مصالح فلسطين، ولا سلام ولا استقرار إلا بزوال إسرائيل من الوجود، وما يجري بالأقصى يمس لبنان وأمنه ومصالحه وقضاياه القومية، فالعالم تغير جدا منذ وعد بلفور المشؤوم”.
وقال: “رغم الكارثة التي أصابت مالية الدولة إلا أن الحكومة ليست معذورة أبدا، وبعض الوزارات ما زال سوق ارتزاق، وما زال الفساد فيها يتنفس بشدة، والمصارف تنهك الدولة، والتعافي الاقتصادي لا يمر بابتلاع الودائع، واللوبي المالي التجاري يمارس أسوأ خيانة بحق لبنان وشعبه، والمطلوب أن نحمي هياكل لبنان، ومنها الودائع والأسواق والعامل اللبناني، وفرص العمل، والقطاع التعليمي والاستشفائي، والأساسيات المعيشية، وتكريس وجود الدولة النفسي، ومنها الحضور الإعلامي والمجتمعي، لأن النوم على فراش الفراغ والاستهتار بالمسؤوليات الحكومية إنهاء لما تبقى من بلدنا، والعالم تغير، والخيارات يجب أن تتغير، واستسلام لبنان ليس في الحسبان أصلا”.
وختم قبلان: “للبعض كلمة: تشريع الضرورة، وانعقاد الحكومة ضرورة وطنية محسومة، ودعونا من الحقد الطائفي، والارتزاق السياسي، ولا تقسيم ولا فدراليات ولا توطين ولا دمج ولا انتداب أمميا من خلال صندوق النقد، ولا شطب لدور الدولة المركزي ووظيفتها، ويبقى الحل بتسوية رئاسية في مطبخ مجلس النواب، ونفط لبنان ضمانة كبرى والضامن الأكبر لهذه الضمانة جيش وشعب ومقاومة، والعين دائما على الإلفة الكاملة للعائلة اللبنانية وأكبر طائفة في لبنان طائفة الإنسان الجامعة لكل طوائف لبنان، والسنوات العجاف بطريقها للنهاية”.