من هما الطرفان المتصارعان في السودان… وما هي أهداف كل منهما؟
يخوض الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، معارك دامية في الخرطوم ومدن أخرى منذ 15 نيسان/أبريل.
أدت الاشتباكات الى مقتل أكثر من 400 شخص وإصابة أكثر من 3500، في حصيلة مرشّحة للارتفاع.
من هما الطرفان المتصارعان، وما هي أهداف كل منهما؟
وفق قاعدة “ميليتاري بالانس بلاس” للبيانات العسكرية، والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (“آي آي أس أس”)، يقدّر عديد الجيش بمئة ألف عنصر، بينما تضم قوات الدعم 40 ألفا.
لكن بعض الخبراء يقدّرون عديد قوات الدعم بزهاء 100 ألف، الا أنهم يبقون التفوّق العددي قائما لصالح الجيش.
وبعد زهاء أسبوع من المعارك الضارية، لا يبدو أن أي طرف حقّق تقدما ميدانيا ملحوظا على حساب الآخر.
ويرى الباحث في الشؤون الإفريقية أليكس دو فال أن للطرفين “الحجم ذاته والقدرة القتالية ذاتها”.
اندلع القتال على خلفية تباين بين القائدين العسكريين على طريقة دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، علما بأن الآلاف من عناصر “الدعم” كانوا ضمن مجموعات متهمة بارتكاب تجاوزات عُرفت باسم “الجنجويد” شكلها الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي أطاحه انقلاب عسكري في العام 2019.
أراد البرهان أن تتم عملية الدمج خلال عامين، وتعتمد فيها معايير التجنيد في الجيش. من جهته، دفع دقلو في اتجاه امتدادها لعشرة أعوام، على أن يحتفظ المقتلون برتبهم بعد الدمج.
بينما اعتاد عناصر الجيش وقوات الدعم على أن يكونوا “رفاق سلاح” ضد مجموعات متمرّدة في محافظات السودان، الا أن المعارك الراهنة تضعهم ليس فقط في مواجهة بعضهم البعض، بل أيضا في ميدان لا يعرفونه بالكامل: الخرطوم.
ويرى الباحث في معهد “ريفت فالي” علي فرجي أن طرفي المواجهة الحالية “يبدوان غير راغبَين في الانكفاء”.
ويعتبر أن قوات الدعم السريع “تريد إطالة أمد النزاع” من أجل استنزاف القدرات المحدودة للقوة الجوية للجيش وتاليا نزع سلاح أساسي من يد الطرف المقابل، ألا وهو السيطرة على الأجواء.
في المقابل، يريد الجيش – بحسب الباحث – “إضعاف قوات الدعم السريع في أسرع وقت ممكن”، معتبرا أنه “في حال خفّف الجيش من الضغط، يمكن لقوات الدعم أن تصمد فترة أطول”.
تحذّر جيهان هنري، المحامية الأميركية المدافعة عن حقوق الانسان والمتابعة لملفّ السودان، من أكثر من “سيناريو كارثي”.
من هذه السيناريوهات “انتصار الجيش وقيام البرهان ورفاقه بإعادة تثبيت إسلاميي النظام السابق”، وتجاهلهم الضغط الدولي كما سبق للعسكر أن فعلوا خلال أعوام الحصار في عهد البشير الذي أقام نظام حكم إسلامي-عسكري الى حين الإطاحة به.
وترى هنري أن في إمكان هؤلاء اللجوء الى “مظاهر واهية مثل تعيين بعض المدنيين المتحالفين معهم”.
أما السيناريو الآخر المحتمل فهو عدم تسليم قوات الدعم السريع “بسهولة، وتمكّنها من إطالة أمد النزاع من خلال التحالف مع مجموعات مسلّحة أخرى في محافظات بعيدة من الخرطوم”.
تقاطعت العديد من الأدوار الاقليمية والدولية في الأزمات التي شهدها السودان على مدى عقود، وتولّت البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية تنظيم مباحثات، تارة بين الخرطوم ومقاتلي جنوب السودان لتقسيم البلاد، وتارة أخرى بين المدنيين والعسكريين لتقاسم السلطة بعد الإطاحة بالبشير.
ولا تعدّ الأزمة الراهنة استثناء.
فالجارة الشمالية مصر التي تتمتع بتأثير قوي “تدعم الجيش ولديها مصالح في السودان لاسيما في ما يتعلق بمياه النيل والقطاع الزراعي”، وفق ما ترى هنري.
أما الجارة الجنوبية إثيوبيا “فلديها مصالحها الخاصة، ومنها مواجهة مصر”، وقد تختار بالتالي الوقوف في صفّ قوات الدعم السريع، بحسب المحللة نفسها.
وتشير هنري كذلك الى أن الإمارات “التي تدعم دقلو لأنه شارك في التحالف العسكري الذي قادته السعودية (وضمّ أبوظبي) في اليمن، قد تكون زوّدت قوات الدعم السريع بالأسلحة”.
ولجهة الغرب، تشكّل صحاري تشاد وليبيا التي تحدّ معقل دقلو، إقليم دارفور، ممرات محتملة للذخائر والمرتزقة.
وكانت “مجموعة الأزمات الدولية” البحثية حذّرت من أنه “حتى لو استعاد الجيش في النهاية السيطرة على العاصمة وانسحب دقلو إلى دارفور فقد تنشب حرب أهلية” ومعها “احتمال زعزعة الاستقرار في البلدان المجاورة: تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان المتضررة بالفعل على مستويات مختلفة من العنف”.
لبنان الكبير