المعارضتان السورية واللبنانية في حالة يُتم: أتخذل السعودية حلفاءها؟
هل يمكن أن تتخلى السعودية عن حلفائها في لبنان والمنطقة، بانتهاج سياسة جديدة ومسار مختلف عن السابق؟ إنه السؤال الأكثر طرحاً في هذه المرحلة، خصوصاً بعد التحول السعودي باتجاه طهران وباتجاه النظام السوري. ليست المرّة الأولى التي يطرح فيها هذا النوع من الأسئلة، وخصوصاً على مستوى القوى اللبنانية.
طوال السنوات الماضية، كان حزب الله، وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، يؤكد أنه شريك طهران في اتخاذ القرارات، وأن إيران لا تملي عليه ما يتوجب فعله، كما أنها تضعه في تطورات مساراتها السياسية. وكان نصرالله يهاجم خصومه باعتبار أنهم غير شركاء في قرارات حلفائهم الإقليميين. ولطالما لمّح الرجل إلى أنه بتغير سياسات هذه الدول غالباً ما تكون النتائج على حساب حلفائها.
المعارضتان اللبنانية والسورية
على مراحل متعددة، كرر نصرالله تخلي خصوم إيران الدوليين والإقليميين عن حلفائهم، منذ تخلي واشنطن عن زين العابدين بن علي، وعن حسني مبارك، إلى التخلي عن حماية دول الخليج ومقومات التحالف بعد الاعتداءات على أرامكو وغيرها. وكان يستند إلى مثل الإشارات للتوجه إلى خصومه في لبنان، داعياً إياهم للذهاب إلى حوار وتفاهم معه، لأن الرهان على الخارج قد لا يفيد، بسبب احتمال تغير مواقف هذا الخارج. حالياً، يتجدد هذا النوع من السجالات لبنانياً، وعلى صعيد المنطقة أيضاً، خصوصاً في ظل التقارب السعودي مع النظام السوري.
كان هذا النوع من الأسئلة بدأ يُطرح بعد الإعلان عن الاتفاق السعودي الإيراني، وإذا كانت انعكاساته ستكون لصالح إيران وحلفائها. وما عزز هذه التساؤلات هو الملف السوري، خصوصاً بعد الانفتاح السعودي على دمشق. ما ترك المعارضتين السورية واللبنانية في حالة يُتم وترقب وانتظار لما ستؤول إليه التطورات، لا سيما أنه بنظر البعض فإن الرياض تسلك طريقاً مستعجلاً جداً للتطبيع مع النظام السوري، قبل الوصول إلى تحقيق أي تنازلات سياسية جدية منه. وهو ما دفع القوى الحليفة للرياض إلى التخوف، تحسباً لما سيكون هناك من نتائج لهذا التقارب. وفي موازاة هذا المسار، تستمر أجواء حزب الله وحلفاء طهران ودمشق بتسريب أجواء تشير إلى أن الرياض بتحولها الجديد تتخلى عن اعتبارات حلفائها.
“الحضن العربي”
من هنا يعطي المقربون من أجواء حزب الله الكثير من الأمثلة اللبنانية على ذلك، وتحديداً في العام 2008، عندما لجأت الرياض إلى مصالحة بشار الأسد في القمة الاقتصادية بالكويت، بمبادرة قام بها الملك عبد الله بن عبد العزيز، تحت شعار استعادة سوريا إلى الحضن العربي، فقام بمصافحة الأسد. ومنذ تلك المصافحة فتح مسار جديد في العلاقات أوصل إلى تسوية “السين- سين”، والتي توجت بزيارة أجراها الملك السعودي إلى دمشق، ومنها انتقل مع الرئيس السوري بشار الأسد إلى بيروت. وهو مسار دفع برئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى زيارة دمشق أيضاً ومصافحة الأسد، بالإضافة إلى موقف وليد جنبلاط في حينها بالذهاب إلى دمشق أيضاً. لم تستمر معادلة السين سين طويلاً. إذ حصل الانقلاب على حكومة سعد الحريري، ودخل لبنان وسوريا في مسار جديد زاد من ابتعادهما على “الحضن العربي” باتجاه طهران، وهو ما استمر إلى اليوم.
حالياً، تعود السعودية إلى مصالحة خصومها، من طهران إلى دمشق، وحركة حماس وغيرهما. وفيما هي تشدد على مسألة الاستقرار والتفاهمات السياسية، فإن أكثر ما يزدهر على الضفة الإيرانية هو منطق توحيد الجبهات، من خلال التكامل بين حماس، الجهاد الإسلامي، حزب الله، الحرس الثوري، والنظام السوري. وقد كان المثال الأبرز على ذلك هو عملية إطلاق الصواريخ الأخيرة من جنوب لبنان، بالتزامن مع المصالحة الإيرانية السعودية.
في مقابل هذه القراءة لدى حلفاء طهران، والتي يحاولون فيها إلحاق الوهن في عزيمة الخصوم، ثمة من يعتبر أنه لا بد من انتظار مسار التطورات ونتائجها وانعكاساتها، والتي تحتاج إلى مزيد من الوقت كي تظهر في مسار استعادة التوازن ومن دون التخلي عن الحلفاء.
منير الربيع- المدن