هذا ما ستفعله العشائر بعد أحكام خلدة «الجائرة»!
أثارت أحكام المحكمة العسكرية في حق 36 مدّعى عليهم في ملف أحداث خلدة غضباً بين أبناء عشائر عرب خلدة والسعديات الذين اعتبروها «مجحفة»، ومناقضة لما اتفق عليه. فاعليات العشائر تؤكد نيتها التصعيد، لكن من دون أن يؤدي ذلك إلى انفلات الوضع، مع غمز من قناة المزايدين الذين استفاقوا أخيراً على حق العشائر
لم تنتهِ تداعيات صدور الأحكام على المدّعى عليهم في أحداث خلدة التي وقعت في آب 2021، إذ تتواصل الاجتماعات بين أبناء عشائر عرب خلدة والسعديات مع إقدام أبناء العشائر على قطع أوتوستراد خلدة الساحلي يومياً، لأن «الأحكام كانت جائرة، فيما خرج مسلحو حزب الله مثل الشعرة من العجينة».
بعض فاعليات العشائر ترى أنّ نتائج المفاوضات التي جرت بين ممثلين عنهم وعن حزب الله في مديريّة المخابرات، «تم نقضها بالكامل والانقلاب عليها»، وكانت «خديعة» دبّرها الحزب في ظلّ غياب تيار المستقبل عن السّاحة السياسيّة وفقدان الغطاء السياسي – الطائفي وعدم ضغط مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان بـ«ثقله» في القضيّة (أوكل الشيخ خلدون عريمط متابعة الاتصالات باعتباره أحد أبناء العشائر). ويوضح هؤلاء أنه كان مفترضاً ألّا تزيد الأحكام عن 7 سنوات بحق اثنين من الموقوفين، ومن دون أن تصل إلى الإعدام بحق المدّعى عليهم غيابياً، على أن تتراوح الأحكام الأخرى بين البراءة و3 سنوات. ولكن «العكس حصل» بإصدار حكم على موقوف بالسجن 10 سنوات وعلى 5 آخرين بالسجن 9 سنوات وواحد لمدّة 7 سنوات. وما يزيد من غضب هؤلاء أنهم لم يسمعوا من النواب الذين شاركوا في المفاوضات إلا كلمات تُعبّر عن قلّة حيلتهم، وعن أنّهم أيضاً «خُذلوا من قبل حزب الله ومخابرات الجيش». في المقابل، بعض هؤلاء يقولون في الغرف المغلقة إنّ المحكمة التي «لعبت» على الأحكام، لم تدخل تعديلاً جوهرياً على الاتفاق الذي تم في مديريّة المخابرات. إذ إنّ 4 من أصل 7 موقوفين تمّ الحكم عليهم بأحكامٍ مُشدّدة هم: الشيخ عمر غصن (7 سنوات) وولداه الموقوفان غازي (10 سنوات) وإسحاق (9 سنوات). ويؤكد متابعون أنّ هذه الأحكام كانت خارج «سلّة الاتفاق» بموافقة المتفاوضين، باعتبار أنّ لغصن وولديه (خرج ابنه الثالث القاصر) ملفّات متشعّبة أمنياً. وبالتالي، تمّ الحكم على 4 موقوفين بأحكام مشدّدة (9 سنوات بدلاً من 7) وهو ما كان قد تم التداول بشأنه والتمهيد له أثناء المفاوضات عن إمكانيّة أن يكون المحكومون بأحكام مشدّدة أكثر من اثنين، والحديث عن فتح باب التمييز أمامهم كي يتم تخفيض الأحكام إلى ما دون 7 سنوات. أمّا في ما خص الموقوفين الآخرين، فإنّ الأحكام تم تخفيف بعضها إلى البراءة والاكتفاء بمدّة التوقيف بحق 17 مدّعى عليه؛ ولم تتوصل الوساطات إلى حل ينهي قضيّة المدعى عليهم غيابياً بعدما رفض هؤلاء تسليم أنفسهم إلى الجيش من دون ضمانات واضحة، فيما سيكون بإمكانهم تقديم اعتراض على الحكم لتتم إعادة محاكمتهم، بعد تسليم أنفسهم إلى القضاء.
هذا ما يؤكّده بعض المتابعين الذين يُشيرون إلى أنّ وقع الأحكام كان ثقيلاً، وخصوصاً مع عدم ملاحقة أي شخص من حزب الله، ولو أنّ حيثيّات الدعوى قانونياً تبدو مختلفة. ويلفتون إلى أنّهم دفعوا بكل ثقلهم في هذه القضيّة، من دون أن يكون بمقدورهم فعل المزيد. فيما يرى بعض أبناء العشائر أنّ تقصير المتفاوضين هو في عدم تحويل الضمانة الشفهيّة التي تلقّوها إلى ضمانة خطيّة موقّعة من سائر الأطراف، بما فيهم مخابرات الجيش.
رغم ذلك، يُدرك بعض أبناء عشائر عرب خلدة أن عمليّة «كبّ الزيت على النار» بدأت وستزيد في الأيّام المقبلة. وهذا ما يبدو واضحاً من خلال الحملات التي تقوم بها شخصيات سياسية ووسائل إعلاميّة، حتّى إن بعضهم ممن «غسل يده» من العشائر سابقاً ورفض الدّخول على خط المفاوضات، يتنطّح اليوم للدفاع عنهم وإصدار البيانات بالمفرّق والجملة، لتتحوّل الكثير من المواقف في هذه القضيّة إلى مواقف شعبويّة بهدف كسب شعبيّة في الشارع السني. وهو ما يحفظه بعض فاعليات العشائر عن ظهر قلب. ولذلك، يشددون على أنّهم لن يقبلوا بإراقة نقطة دماء واحدة أو الدخول في معارك دمويّة، مشدّدين على أنّ «التصعيد سيكون بسلاح الكلمة».
صحيح أنّ البعض يتخوّف من تصعيد مسلّح غير محسوب، وخصوصاً أنّ بعض المحادثات على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي دعت إلى ذلك، إلا أنّ الفاعليات تشدّد على أن «لا مكان للطابور الخامس بيننا، بل سنضبط ساحتنا جيّداً، ولن نقبل بالتفلّت، إذ إنّنا تحت سقف القانون والدولة، ولو أن هذه الدولة كانت مُجحفة بحقّنا».
وبناءً عليه، تدرس فاعليات العشائر خطواتها جيّداً، وتُحضّر لمؤتمر صحافي يُعقد في دار الفتوى أو في خلدة بعد عيد الفطر للإعلان عن مواقف تصعيديّة، مؤكدةً في الوقت عينه التزامها بالقانون، على أن يحضر المؤتمر الصحافي شخصيات سياسية وقانونيّة، بالإضافة إلى النواب الذين دخلوا على خط الوساطة سابقاً والمحامين الذين أوكلوا مهمّة الدّفاع عن الموقوفين.
في الوقت نفسه، يتحضّر وكلاء الدّفاع عن المدّعى عليهم لتقديم طلبات بالتمييز بالأحكام الصادرة، على اعتبار أنّ هناك الكثير من الثغرات القانونية في الأحكام. ويأمل أحد وكلاء الدفاع من اللجنة الثلاثية، المحامي محمد صبلوح، أن «يجد الموقوفون العدالة في محكمة التمييز بعدما فقدوها في الهيئة العسكرية الدائمة التي أصدرت أحكاماً مُجحفة».
لينا فخر الدين- الاخبار