بعد الاجتياح السعودي الكبير… قطر تسعى لاستقطاب السنة: لا لمرشح حزب الله

خلاف كل ما كان يميز الجانب القطري في علاقاته مع لبنان والقوى السياسية فيه، تتصرف الدوحة من وحي الاكتئاب الذي يسودها بعد خلوها من الناس بعد «نشوة» المونديال. وبعدما كانوا يعتقدون أن إدارة حل الأزمة ستؤول إليهم، اصطدم القطريون بالاجتياح الكبير للسعودية لكل مفاصل الحل والربط في المنطقة العربية والإقليم. ورغم عودة العلاقات بين الطرفين، لم تتوقف الدوحة يوماً عن أدوار تتمايز فيها عن بقية عواصم الخليج لإظهار نفسها في موقع الند للرياض.

منذ انطلاق المعركة الرئاسية في لبنان، كانت قطر في قلب الاتصالات إلى جانب فرنسا والسعودية والولايات المتحدة، وشعرت بأن دورها قد يتعاظم بعد مشاركتها في كواليس مفاوضات تفاهم الحدود البحرية، وبعدما مدت جسور التواصل مع عدد من القوى، مع اهتمام خاص بالعلاقة مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

في لحظة ما، بادر القطريون بفتح الملف الرئاسي مع باسيل، وسمعوا منه معارضته ترشيح سليمان فرنجية، وأنه أبلغ حزب الله هذا الموقف، لكنه أكد أنه ليس في وارد دعم مرشح يعارضه الحزب. فانتقل القطريون إلى الحديث عن قائد الجيش العماد جوزيف عون كأفضل الموجودين على الساحة اليوم، لكنهم فوجئوا بموقف باسيل الرافض بقوة لوصول عون إلى الرئاسة، وسمعوا منه مطالعة تتجاوز الكلام السياسي العابر، مع شروحات حول طريقته في إدارة المؤسسة العسكرية. وبعد جولات من اللقاءات، فقد القطريون الأمل في جذب باسيل إلى صفهم، خصوصاً أنه رفض فكرة أن تقدم الدوحة «ضمانات» نيابة عن عون، قال البعض إنها أرفقت بإيحاءات عن استعداد قطر لدعم التيار الوطني الحر في مجالات عدة.

فرمل موقف باسيل الاندفاعة القطرية بعض الشيء. لكن تطور الحراك الفرنسي وشعور الدوحة بأن اهتمام باريس منصبّ على موقف الرياض، دفعا القطريين إلى تحريك مسارات جديدة بمحاولة إحداث خرق في الكتلة النيابية السنية في لبنان.

وإلى جانب اتصالات بقيت بعيدة من الأضواء، تبين أن وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد عبد العزيز الخليفي الذي زار بيروت أخيراً والتقى كل القوى السياسية، لم يكن صريحاً إلا في لقاءاته مع المعارضين لترشيح فرنجية، وحرض على حزب الله الذي يريد «فرض فرنجية» وأنه «لا يمكن لكم أن تقبلوا أن يفرض الحزب رئيس مجلس النواب ثم يتدخل في تسمية رئيس الحكومة والآن يريد فرض رئيس الجمهورية»، مهدداً بـ«أننا لن نستثمر في لبنان إذا لم تسر الأمور بشكل صحيح». لكنه لم يخف في لقاءات ضيقة، بما في ذلك مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، همسه مجدداً باسم قائد الجيش.

كما دعا الوزير القطري عدداً من النواب السنة للاجتماع به في السفارة القطرية في بيروت، وكرر على مسامعهم رفض فرنجية وضرورة التوصل إلى خيار آخر. ووجه الدعوة إلى عدد من هؤلاء لزيارة الدوحة لاستكمال البحث في الملف. وفهم أن القطريين ربما يظهرون رغبة في عرض لائحة أسماء جديدة وأنهم لن يظلوا متمسكين بترشيح قائد الجيش إذا شعروا بإمكانية حصول تفاهم بين معارضي فرنجية على مرشح آخر.
وقال مصدر مواكب للاتصالات إن القطريين لا يريدون المساعدة في وصول فرنجية، وهم لا يرونه حليفاً قوياً لحزب الله فقط، بل حليفاً قوياً وصديقاً مدافعاً عن خصمهم الأبرز في المنطقة الرئيس السوري بشار الأسد، وقد أوحى القطريون بأن وصول فرنجية إنما هو عودة سوريا إلى لبنان من بوابة الرئاسة هذه المرة، وكرروا أمام من اجتمعوا بهم أنهم سيعارضون بقوة عودة الحكومة السورية إلى الجامعة العربية، وسيرفضون التطبيع مع الأسد.

الاخبار

مقالات ذات صلة