الدولة اللبنانيّة ساقطة في يد “حزب الله”: نصر الله يتوعّد بـ”حرب كبرى” ومعارضوه غارقون في “نكايات بلديّة”!

يوم الخميس الماضي، لبيتُ ومجموعة من الزملاء دعوة سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان إلى لقاء مقفل في دارته في باريس، مع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب الذي كان في زيارة خاصة لفرنسا “لم يلتقِ خلالها أيّ مسؤول فرنسي”.

بطبيعة الحال كان الحدث الإقليمي يفرض نفسه، فالجميع يريدون التعمّق في المعلومات عمّا يحصل بين “محور الممانعة” الذي “استباح” الجنوب اللبناني، وإسرائيل التي تترنّح مواقفها على موجات التهديد حينًا والتهدئة أحيانًا.

وحتى يأخذ الوزير اللبناني “راحته” في الكلام ونحصل نحن في المقابل على “كمشة أسرار”، كان الاتفاق على أن نمتنع عن أن ننسب إليه ما يقوله في “الجلسة المغلقة”.

وقد ندمنا على ما فعلنا، فالسر الوحيد الذي كشفه وزير الخارجيّة اللبنانيّة، بشخصيّته الهادئة والطيّبة، أنّه في كلّ ما يتعلّق بـ”حزب الله” ليس هناك فرق بين المسؤول والمواطن، فكلاهما يتقاسمان المعلومات نفسها، ويقدّمان التخمينات نفسها، ويتشاركان الآراء نفسها، ويخشيان العواقب نفسها.

وعلى الرغم من خبرتنا الطويلة بهذا الواقع، إلّا أنّ تلمّسه، في واحدة من أكثر اللحظات حرجًا في تاريخ لبنان، يترك ندوبًا عميقة في النفوس، إذ كيف يمكن لدول القرار أن تُعير اهتمامًا بالمسؤولين اللبنانيّين، وهم، عند كلّ مفترق طريق، يظهرون عاجزين ولا حول ولا قوّة لهم!

ومن دون خرق “بروتوكول” الجلسة المغلقة مع الوزير عبد الله بو حبيب، فإنّ ما انتهت إليه كلّ أفكاره وأخباره وقصصه ومواقفه بيّنت أنّ “حزب الله” يمسك بالقرار، فيما المسؤولون اللبنانيّون يمسكون بالمناصب على قاعدة “اسكتش البوسطجي”: إنتَ لا تفكّر، نحنا منفكر عنّك. إنتَ لا تتدخّل نحنا منتدخّل عنّك. انبسط، اشتغل، كول ونام، وطنِّش!

بطبيعة الحال، مدلولات كلام الوزير بو حبيب تؤكّد المقولة الثابتة في لبنان أنّ قرار الحرب والسلم هو بيد “حزب الله”، وما فعله الحزب، في الأيّام الأخيرة الماضية، تحت ستار نسب الصواريخ اللقيطة إلى “الفلسطينيّين”، يبيّن أنّ هذه المعادلة يجب أن تستمر، وهي التي تُملي هويّة رئيس الجمهوريّة الجديد وطبيعة تكوين حكومات العهد العتيد!

وفي الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، أمس بمناسبة “يوم القدس العالمي”، ظهر بوضوح أنّه يستثمر في تغييب السلطات الدستوريّة اللبنانيّة، إذ إنّه من موقعه كواحد من أبرز خطباء “محور الممانعة” الملتزم بالخطوط العريضة التي أملاها قائد “الحرس الثوري الإيراني” اللواء حسين سلامي، خاطب رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو وتبادل معه التهديدات، محذّرًا إيّاه من “حرب كبرى”.

ومخاطبة نصر الله لنتنياهو، على الرغم من أنّ الثاني مسؤول دستوري والأوّل لا صلة بينه وبين الدستور، تُظهر أنّ الوزير بو حبيب في ما بدا عليه في “الجلسة المغلقة” خير معبّر عن حال الدولة اللبنانيّة العاجزة والمغيّبة والساقطة، على يد “حزب الله”!

الغريب في هذا المشهد، أنّه فيما “حزب الله” بتوجيهات “الحرس الثوري الإيراني” يعمل على تثبيت مواقعه، مستفيدًا من “اتفاق بكين” بين المملكة العربيّة السعوديّة والجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، على اعتبار أنّه أحد عوامل “عزل إسرائيل”، تنشب معركة سياسيّة حامية الوطيس في لبنان بين القوى المناوئة لـ”حزب الله” عنوانها هذه المرة: التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة.

وهذه المعركة السياسيّة في ساحة الانتخابات البلدية والاختياريّة، برمزيّتها، تُعفي بو حبيب وسائر المسؤولين اللبنانيّين من “تبعات العجز”، لأنّها تظهر أنّ الطبقة السياسيّة اللبنانيّة “عن بكرة أبيها” تتلهّى مثل مرتا الإنجيليّة بأمور كثيرة عن الشيء الوحيد المطلوب: استعادة الدولة!

فارس خشان- النهار العربي

مقالات ذات صلة