“حزب الله” لعون: الاستراتيجية الدفاعية هي المقاومة!
ثلاثون عاماً عاشها اللبنانيون مع حروف بلا نقاط، عبثاً حاولوا، من مفكرين وسياسيين وحتى مواطنين عاديين إيجاد نقاط يضعونها فوق حروفهم، علهم يفهمون السبب وراء أزماتهم، ثم ظهر من قصر بعبدا رجل يدّعي أنه يحمل الإجابات، يحمل النقاط المناسبة للحروف المناسبة.
ظهر الرئيس ميشال عون في خطابه الأهم بعد 17 تشرين، بعدما حشره حلفاؤه في الزاوية، حمل النقاط وهدد بوضعها فوق الحروف.
ظهر ميشال عون كأي مواطن عادي آخر، يشاهد نشرات الأخبار عبر القنوات اللبنانية المحلية. مواطن لا علم له بخفايا السياسة وكواليسها. هو الذي ادعى امتلاكه للنقاط، راح يطرح الأسئلة نفسها التي يطرحها أي لبناني، من المسؤول؟ لماذا حدث كل هذا؟ من المعطّل؟ لماذا التعطيل؟ واشتكى، مثله مثل أي معذب على الأرض اللبنانية، أين هي الدولة؟
المفارقة أن هذه الأسئلة التي يطرحها رئيس الجمهورية اليوم، كان قد طرحها قبله ملايين اللبنانيين منذ عقود، وصدحوا بأجوبتها منذ 17 تشرين 2019، هتفوا بها في الساحات وفوق المنابر، غير أن الرئيس طلب إليهم الحديث، لكي يقنعهم ربما بأن العهد قوي، وأن الجبل صامد ولا تهزه الريح.
بعد فوات الأوان انتبه ميشال عون إلى أن النظام الذي أوصله إلى سدة الرئاسة، نظام معطّل ولا يصلح لإدارة بلد. الأمر الوحيد الجدير بالوقوف عنده أمس، هو أن الرجل الذي لطالما أدار ظهره لمواطنيه، في 17 تشرين، في الرابع من آب، الرجل الذي أغلق أذنيه أمام أصواتهم، بدا في إطلالته الاخيرة مهزوماً، يستعطي رضا الشعب، يناديهم بأحبائي. لم يوجه نداءه إلى “شعب لبنان العظيم”، كان منكسراً واعترف بذلك.
في مقابلته الأخيرة مع قناة “الجزيرة”، دافع عون عن “حزب الله”. قال أن الحزب لا يتسبب في أي مشكلة في لبنان، وأن سلاحه لا يتدخل في السياسة اللبنانية ولا يضعف الدولة. بالأمس قرر ميشال عون أن يضع النقاط على الحروف، من باب الابتزاز طبعاً وحصد المكاسب، فرفع الحقيقة التي يعرفها كل لبناني بوجه “حزب الله”. قال إن الدولة هي من يتحمل مسؤولية الدفاع عن البلد، وبأن الوصول إلى استراتيجية دفاعية أمر ضروري، ولمح إلى أن “حزب الله” بالتعاون مع “أمل” يقومان بتعطيل البلد.
هذه حقائق، جزء من النقاط الكثيرة التي يعتقد ميشال عون أنه الوحيد الذي يملكها، وكأنه لا يعلم أن اللبنانيين قد وضعوها فوق حروفها منذ زمن بعيد وانتهى الأمر. عون يكتفي بحمل النقاط والتهديد بوضعها فوق حروفها. أعطوني السلطة، وإلا سأضع كل نقطة فوق الحرف المناسب لها. الجواب أتى من جمهور “حزب الله” سريعاً: الاستراتيجية الدفاعية هي المقاومة، هي أبناء عماد مغنية ورفاق قاسم سليماني.
محزن بالنسبة لميشال عون، رأس الدولة، أن خطابه الأهم والذي وعدنا فيه بتفجير قنبلة، لم يحرك سعر صرف الدولار قيد أنملة، لم ينخفض ولم يرتفع، بقي ثابتاً في مكانه غير آبه برئيس الجمهورية ودعواته الحوارية وتذمره من الوضع الراهن، لم يتأثر سلباً ولا إيجاباً في بلد بات يعتمد فيه سعر الصرف على الاستقرار السياسي وليس على المعطيات الاقتصادية. لم يقدم المواطنون على بيع دولاراتهم اطمئناناً، ولم يشتروا الدولار خوفاً من القنبلة، مجرد خطاب آخر لن يغير شيئاً في حياتهم.
قاسم مروان- المدن