رئيس شغل برّا: يتفقون نمشي.. يختلفون نُحبط!
كتب لنا مؤرّخونا الأفاضل، أن اللجنة الدولية التي كُلّفت بتسوية المشكلة اللبنانية، تشكلت من مندوبي خمس دول أوروبية هي فرنسا وبريطانيا وروسيا وبروسيا والنمسا، وكانت برئاسة فؤاد باشا مندوب السلطان، أي ما يعادل عبد الحليم خدام في خلال وصاية حافظ الأسد على لبنان وعلى أيدي تلك اللجنة ولد قانون المتصرفية.
في ذاك الزمن أصبحت فرنسا ترعى الطائفة المارونية الكريمة، ويُسجّل لها أنها أرسلت إلى ربوعنا السوداء قوة حفظ سلام قوامها 6000 جندي وضابط، عقب المجازر الأخوية الكبرى في العام 1860، ونحن أبناء الطائفة الأرثوذكسية كنا محتضنين من روسيا القيصرية وتيتّمنا بتصفية عائلة رومانوف، فيما أخذت النمسا “الكواتلة” على عاتقها، وتبنّت إنكلترا في ذاك القرن الدروز بينما رعى العثمانيون مصالح الطائفتين السنية والشيعية.
بروسيا طلعت من المولد بحمص. لم يُترك لها أي طائفة من طوائف جبل لبنان. بعد الحرب العالمية الثانية تقاسمها جيرانها ولم يعد لتلك الدولة أي وجود قانوني. طلعت من الجغرافيا والتاريخ ولنا من بعدها طول البقاء.
في كل مراحله السياسية، منذ كان صغيراً إلى أن وسّعه الجنرال… (الجنرال غورو) مروراً بالإستقلال الأول والثاني، والتحرير الأول والثاني والثالث والرابع… وصولاً إلى أن أصبح بعون حزبه تعالى على ما هو عليه من عزّة وسؤدد وافتخار وفخّار وانهيار، ولبنان، بلدنا اللصيق بشُغاف القلب يحتاج إلى “كف صديق”. في الحقيقة يحتاج إلى كف “مطنطن” على بوزه…
منذ العام 1860، لا بل منذ أربعينات القرن التاسع عشر يا ناس يا هووو ونحن، كمنظومة وقوى حية، نتعكّز على الخارج. لا نخجل أن يعد لنا هذا الخارج المخارج لأزماتنا. لا نخجل من “الشحادة”، ولا يخجل مرشّحو الرئاسة من التقدم إلى امتحانات شفوية والرد على أسئلة وانتظار العلامات بالبريد المضمون، وليس بين الممتحنين من هو بحجم كمال جنبلاط.
خمس دول وقعت على قانون 1861 وخمس دول، يناقش مندوبوها مواصفات الرئيس اللبناني المقبل وقياساته. أميركا، فرنسا، مصر، قطر والسعودية. ثمة رغبة لضم ممثل عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اللجنة الخماسية. سورية كل عمرها تتدخل فما الذي تغير؟ هلا بسورية. ويا مرحبا بتركيا. وجود تركيا يريح المزاج السني العام بقدر ما يستفز الأرمن بوجه أخص. فلتكن أرمينيا الدولة التاسعة. وروسيا العاشرة. إبتعدت روسيا عن الأرثوذكس. نريد من يرعانا. إيدنا بزنار قبرص لدعم ترشيح أرثوذكسي إلى رئاسة الجمهورية من طينة شارل دبّاس، الأشرفية مستعدة للتضحية دائماً. لكن ماذا لو دخلت إنكلترا على لجنة المندوبين كناطق باسم الخط الدرزي التاريخي؟ لبنان مفطور على المساعي الخارجية الحميدة.
يتفقون نمشي. يختلفون نُحبط. مسؤوليتهم كلجنة دولية إختيار رئيس للبنان يرضي كافة الأذواق. هذا ما تقوله أكثرية نيابية تائهة وما يقوله رئيس المجلس دام ظلّه.
عماد موسى