سامي الجميّل: الذهاب إلى ما يشبه «الدوحة 2» وارد
رأى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل ان انتشار منصات الصواريخ غير الشرعية في جنوب لبنان ليس مستغربا في ظل تحول المناطق الحدودية إلى ساحة مفتوحة للمنظمات المسلحة الخارجة عن القانون، ومن الطبيعي بالتالي ان يدفع لبنان واللبنانيون ثمن هذه التصرفات الميليشوية التي تقرر الحرب والسلم نيابة عنهم ودون موافقتهم، معتبرا ان حزب الله وحلفاءه من الفصائل الفلسطينية يستخدمون لبنان منصة لتصفية الحسابات وتوجيه الرسائل، وما حصل خلال الأيام الخيرة أكبر دليل على ان إحدى مشاكل لبنان الأساسية هي عدم وجود قرار بضبط الحدود اللبنانية.
ولفت الجميل، في حديث لـ «الأنباء»، إلى ان حزب الله لا يستطيع تبرئة نفسه وساحته من وجود منصات صواريخ تابعة للمنظمات الفلسطينية، لكونه الناظم الأمني في جنوب لبنان، وهو بالتالي مسؤول مباشرة عن كل ما يحصل فيه من أعمال عسكرية وأمنية، خصوصا بعد ان تخلت الدولة اللبنانية وبطلب منه عن سيادتها ودورها في هذه المنطقة، مشيرا من جهة ثانية إلى ان الجيش اللبناني لا يتحمل أي مسؤولية في هذا السياق لكونه خاضعا للسلطة السياسية، ويلتزم بالتالي بأوامر السلطة التنفيذية التي تعطى له، فالمشكلة في لبنان ليست لدى الجيش اللبناني لا من قريب ولا من بعيد، انما في القرار السياسي الذي يأمر المؤسسة العسكرية ويمنعها، نتيجة خضوع السلطة السياسية لحزب الله، من الإمساك بأمن الجنوب وكامل المناطق الحدودية.
على صعيد مختلف وعلى خط الشغور في رئاسة الجمهورية، أكد الجميل ان دولة قطر لم تتقدم عبر موفدها إلى لبنان بأي مبادرة، وهي من ضمن اللجنة الخماسية، إلى جانب السعودية ومصر وفرنسا والولايات المتحدة، دخلت على خط الشغور الرئاسي في محاولة مشكورة منها لإيجاد حلول تنهي الأزمة، الا ان المشكلة الأساسية التي تواجه الخروج من النفق تكمن بوجود فريق سياسي لا يريد سوى فرض مشيئته واجندته واملاءاته على اللبنانيين، في وقت اكثر ما يحتاجه لبنان اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية لا يشكل في ظل الانقسام العمودي في البلاد عامل انتصار لفريق على فريق على قاعدة غالب ومغلوب، وذلك لاعتباره ان الخلاف السياسي مع حزب الله ليس خلافا عاديا او تقليديا في دولة طبيعية تحتكم إلى الديموقراطية لإنجاز استحقاقاتها الدستورية، انما هو خلاف حول مستقبل اللبنانيين ومصير لبنان، والقبول بالتالي بمرشح حزب الله، يعني القبول بإبقاء الدولة مخطوفة، وبإبقاء لبنان في عزلته العربية والدولية، وساحة مفتوحة للفوضى والفساد، ولهجرة اللبنانيين بشكل جماعي، من هنا خطورة وصول مرشح تابع لحزب الله.
وردا على سؤال، أكد الجميل ان إمكانية الذهاب إلى تسوية رئاسية، او ما يشبه ««الدوحة 2»، واردة كمخرج من نفق الشغور الرئاسي، لافتا إلى ان الوفد القطري، جال على الفرقاء اللبنانيين لاستطلاع آرائهم، والتحقق بالتالي من وجود إمكانية لفتح كوة في جدار الشغور الرئاسي، قد تتمثل لاحقا بمبادرة جدية ومقبولة، شرط ألا تكون قائمة على وعود وتطمينات وضمانات، لأن ضمانات حزب الله ومرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية، لا يمكن الركون اليها ولا قيمة لها بالأساس، وما انقلاب حزب الله على «اعلان بعبدا» بعد تقديمه الضمانات بتطبيقه، سوى شاهد ودليل على ان ضماناته كناية عن تملق وتضليل ليس إلا، ناهيك عن تنصل حليفه الرئيس السابق ميشال عون، من ضماناته ووعوده التي أطلقها في خطاب القسم، لاسيما ما يتعلق منها بالاستراتيجية الدفاعية، معتبرا من جهة ثانية ان ما ينطبق على ضمانات ووعود حزب الله، ينطبق على معادلة «فرنجية سلام»، لأن اسقاط الحكومات سواء في الشارع او في مجلس النواب او عبر أي وسيلة اخرى امر قابل للتحقيق، فيما رئيس الجمهورية لا يمكن اسقاطه وترحيله، فالمشكلة التي يواجهها لبنان، هي وجود فريق مسلح لا يعترف بالدستور، ولا يحترم دور المؤسسات، ويأتمر من الخارج، وينقلب على وعوده وضماناته، وهو بالتالي أقرب إلى الاحتلال من قربه إلى العمل الديموقراطي والمؤسساتي.
وأردف «نحن نعي ونعلم انه من الصعب على فريق المعارضة إيصال مرشحه النائب ميشال معوض إلى رئاسة الجمهورية، من هنا ضرورة إيجاد شخصية تحظى بثقة المعارضة، ومقبولة من قبل فريق حزب الله، شخصية قادرة على انقاذ لبنان، وتطبيق الإصلاحات المطلوبة من قبل المجتمع الدولي، وعلى فتح حوار جدي ومنتج حول الملفات الأساسية، وعلى مفاوضة حزب الله حول استعادة الدولة لقرارها وسيادتها، شخصية تصالح لبنان مع نفسه، ومع الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج العربي، إضافة إلى تصالحه مع المجتمع الدولي، فالضمانة بالنسبة لنا هي بشخص رئيس الجمهورية لا غير».
وعن مدى قبوله بقائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، أكد الجميل ان علاقة «الكتائب» ممتازة مع عون، الا ان ما ينطبق على كل المرشحين للرئاسة دون استثناء ينطبق عليه، ما يعني ان أي مرشح يسعى لنيل ثقة اللبنانيين عليه أولا ان يعلن عن برنامجه السياسي، لتبنى عليه المقاربة إما سلبا أو إيجابا، اذ لا يمكن انتخاب مرشح دون معرفة برنامجه السياسي وامكانياته في معالجة الوضع.
وعن علاقة الكتائب بالقوات اللبنانية، أكد ان التواصل والتنسيق قائم بين الحزبين، خصوصا في هذه المرحلة الصعبة، لاسيما على مستوى الانتخابات الرئاسية وغيرها من الملفات المصيرية، فالعلاقة جيدة ولن تكون هناك إشكاليات بين الطرفين ما دامت «القوات» متمسكة بموقفها الراهن من الاستحقاق الرئاسي. وقال «نحن لم نختلف سياسيا مع حزب القوات اللبنانية إلا بعد ان سار بميشال عون لرئاسة الجمهورية، موقعنا في السياسة واضح، ونتعاون مع كل فريق يشبهنا في الطروحات والخيارات والرؤية على المستويين السياسي والسيادي».
وعما اذا كانت أبواب المعارضة مفتوحة امام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، خصوصا بعد سقوط تفاهم مار مخايل بسبب ترشيح فرنجية، لفت الجميل إلى ان السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: «هل ابتعاد التيار الوطني الحر عن حزب الله تكتيكي ومرتبط فقط بترشيح فرنجية؟ وماذا لو استبدل حزب الله فرنجية بمرشح آخر؟ هل سيعود جبران باسيل إلى أحضانه، وتعود بالتالي المياه بينهما إلى مجاريها وسابق عهدها؟ نحن نتعاطى مع هذا الموضوع بحذر شديد، لأن كل استدارة بهذا الحجم على صاحبها أن يقنع الآخرين بمصداقيته وصدق نواياه، فالثقة لا تبنى بين ليلة وضحاها، خصوصا اننا نخوض مواجهة سياسية صعبة عنوانها «مصير لبنان».
وختم الجميل لافتا إلى ان الرأي العام اللبناني يرفض العودة إلى تجربة عهد الرئيس عون، فنحن ككتائب ومعارضة نتكل على انفسنا، وعلى كل الأصدقاء في كل العالم، الذين عليهم ان يفهموا ان لبنان لن يبقى منه شيء اذا استمر في قبضة حزب الله وتحت وصايته، بل سيتحول إلى دولة مارقة وفاشلة وساقطة ومتخلفة وتابعة إلى محاور لا علاقة لها بتاريخ لبنان، دولة مختلفة تماما عن صورته المعهودة التي أحبها العالم، بأنه دولة انفتاح وحضارة وتعليم واستشفاء واقتصاد وسياحة.
الانباء الكويتية