الانتظار سيد الموقف: الرئاسة في لبنان تدخل مرحلة نصف النهائي

تتسارع الأحداث في المنطقة باتجاه إتمام التسوية المرتقبة بتشعباتها وزحمة ملفاتها وفق أولوياتها، وكما بات معروفاً أن لبنان آخر الملفات المطروحة، وما عليه حتى اللحظة إلا مراقبة كيف ستسير الأمور مترقباً دوره…

الانتظار بات سيد الموقف، تقول مصادر سياسية، من لحظة حصول الاتفاق الإيراني – السعودي في بكين، وبدأ يُطرح سؤال: متى سينعكس على المنطقة وعلى لبنان تحديداً؟ وبما أن أول الملفات اليمن، فقد سبقه الملف السوري الذي بدأ حلّه قبل الاتفاق، وقَطَع شوطاً كبيراً، وصولاً الى المشهد الذي نراه حالياً، ما يعني إطالة أمد الانتظار، فالعلاقات الخليجية – السورية تتقدّم وتحديداً السعودية-السورية، اللتين دخلتا مرحلة ترتيب العلاقة بينهما، وحصل تقدّم كبير من زيارات متبادَلة على المستوى الأمني والسياسي، مروراً بفتح السفارات، وصولاً الى زيارة وزير الخارجية السعودية الى دمشق ليُقدِّم دعوة للرئيس بشار الأسد لحضور القمة العربية في الرياض الشهر المقبل، ما يعني أنه سيكون للرئيس الأسد دور أساسي في المرحلة المقبلة.

وتضيف المصادر ان الملف العراقي الذي كان في المُقدِّمة، التفاهم حصل والأمور تسير بشكل منتظم، وفي ما يتعلق بالملف الفلسطيني الذي فقدته المملكة، ولم تعد لاعباً أساسياً فيه منذ أن أخذت مسار التطبيع مع العدو الإسرائيلي وبقيت كذلك رغم تجميده حالياً، والملف الأبرز الذي تربطه الرياض ببيروت مباشرة هو الملف اليمني، الذي كان يسير ببطء وبات أمام أيام قد تحدث فيها تطورات سريعة، باعتبار أن السعودي «مستعجل» للحل في ظل الوضع الدولي والإقليمي الحالي، لكن لليمنيين مطالبهم من ناحية، والطرفان من ناحية اخرى يريدان ضمانات، فصنعاء تريد من المملكة ألا تتدخل بشؤونها الداخلية وأن تعترف بها كدولة مستقلة، بينما الرياض كل ما تريده الآن هو إنهاء النزاع من أجل الحفاظ على أمنها القومي.

ووفق هذا المسار، والذي إذا سار وفق ما هو محسوب، سيَحين وقت الملف اللبناني، تقول المصادر نفسها، والذي حرّكه الفرنسي في الآونة الأخيرة، ويتولى مهمة إقناع المملكة برئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وحالياً سيقوم بجولة إقناع جديدة بعد زيارة فرنجية الى باريس بإرسال موفد الى الرياض لنقل نتيجة اللقاء، لمحاولة معرفة موقف السعودية منه، الذي من الصعب أن تحدده بسهولة أو تعطي الأمان من خلاله في الوقت الحاضر، خاصة بعد تبريد مختلف الساحات. فالسعودية لم يعد أمامها إلا الساحة اللبنانية لتتعامل معها بشدّة من أجل الحصول على مكاسب أكثر، فالفرنسي عاد وطرح مجدداً معادلة فرنجية- نواف سلام، إلا أن الرياض لم تقبل، وما زالت تبحث عن اسم لرئاسة الحكومة.

واستكمالا لهذه الجولة جاءت زيارة الموفد القطري، الذي صحيح أنه جال على المسؤولين اللبنانيين، وقيل إنها زيارة جس نبض واستطلاع، إلا أنه يُعوَّل عليه، بحسب المصادر، بالتأثير في موقف «التيار الوطني الحر» نظراً الى علاقة رئيسه جبران باسيل بالدوحة، وباعتبار أن للرياض تأثيرا قويا في رئيس حزب «القوات اللبنانية»، لكن بانتظار أن تقتنع السعودية، يعوَّل عليها تغيير موقفه، فعطاؤها بالساحة اللبنانية مرتبط بما ستأخذه في المفاوضات مع اليمن تحديداً.

أما الثنائي الشيعي فيعتبر تمسّكه بدعم فرنجية مبدئيا، وما يُقوِّي موقف الثنائي هو عدم وجود مرشح جدي مقابل له حتى اللحظة، لكن هذا لا يعني أن التسوية المنتظَرة سيكون اسم رئيس «تيار المردة» محسوما فيها، برأي المصادر، فاحتمالية إرسائها على اسم آخر واردة بأي لحظة، وبخاصة أننا دخلنا مرحلة يمكن أن نعتبرها نصف نهائي، ومن الممكن أن يكون الحسم بلقاء دول ٥+١ في الرياض، الذي يرتبط توقيت عقده بالتطورات.

إذاً، الجميع يريد تسوية في المنطقة، حتى الأميركي الذي يضغط على نتنياهو من أجل توفير الظروف لها، إلا أن تبديل الملفات داخل التسويات وارد، كما العرقلة واردة أيضاً، لكن حين تتم التسوية على الجميع الالتزام بها وتحديداً في لبنان، وإلا أصبحوا خارجها أي خارج اللعبة السياسية… فمَن يتحمّل هكذا مسؤولية؟

الديار

مقالات ذات صلة