كوميديا بلا ضحكات في رمضان!
المسلسلات الكوميدية هي أكثر الأعمال التي ينتظر الجمهور عرضها في رمضان أو عبر مواسم أخرى، لأنها وجبة تناسب كل أفراد الأسرة، ويظل نجاح تلك الأعمال مستمراً ما دامت نسبة الضحك عالية، وفي رمضان انتظر الجميع منافسة قوية بين أكبر نجوم الكوميديا لكن جاءت النتائج صادمة، وفشلت الكوميديا حتى الآن في إثبات وجودها، وتدافعت الآراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتهاجم بعض المسلسلات وشخصيات بعينها.
صراع الكبار
أطلق بعض المتابعين على المباراة الكوميدية في رمضان، والتي كان ينتظرها الجميع مسمى صراع الكبار، نظراً إلى تنافس أكبر نجوم الكوميديا مثل أحمد مكي ومحمد سعد وأحمد أمين وشيكو وهشام ماجد ودنيا سمير غانم ومصطفى خاطر ومحمد عبدالرحمن، وانضمت إليهم يسرا، بحسب تصريحاتها، بمسلسل كوميدي هو “1000 حمد الله ع السلامة”.
كان مكي عاد العام الماضي بمسلسل “الكبير قوي 6” بعد غياب طويل، ونجح الجزء السادس بشكل لافت بسبب الأبطال الجدد الذين اكتشفهم مكي، مثل رحمة أحمد في دور مربوحة، وحاتم صلاح في دور نفادي، ومصطفى غريب في دور العترة، وهنا قرر صناع العمل استغلال هذا النجاح بتقديم جزء سابع، وبالفعل عرضت مع بداية رمضان أولى حلقاته، لكن كانت سهام النقد بالمرصاد، حيث طاول العمل اتهامات بالتكرار، كما شنت انتقادات واسعة على بطلته رحمة أحمد تتهمها بالمبالغة والصراخ ومحاولة التصنع لجلب الضحك، ووسط تلك الانتقادات خرج بعض زملاء رحمة من الفنانين المشاركين في العمل وغيرهم وأطلقوا على هذه الحال صفة “الحملات الممنهجة والمدفوعة” عبر لجان مأجورة تحاول هدم نجاح رحمة ومسلسل “الكبير قوي” لصالح جهات أخرى.
لكن كثيرين ما زالوا عند رأيهم في أن النسخة السابعة من المسلسل لم تقدم جديداً حتى الآن، بسبب عدم وجود حبكة درامية متماسكة، حيث تحول العمل إلى مجموعة من المقاطع (الإسكتشات) المكررة والمستنسخة من الموسم السابق.
السفر عبر الزمن
شارك أحمد أمين في الماراثون الكوميدي بمسلسل “الصفارة”، ويعتمد على فكرة السفر عبر الزمن، ويؤدي أمين دور شفيق الشاب الفقير الذي يسرق صفارة أثرية تتيح له اختيار ثلاث دقائق من ماضيه لتغيير ما جرى فيها، وبعدها يعود إلى الحاضر، فإذا لم يعجبه مصيره فإنه يستطيع العودة إلى الدقائق الثلاث نفسها واختيار مصير جديد.
وعلى رغم بعض الإشادات النقدية بالمسلسل فإن بعض المتابعين اعتبره “أفضل السيئين”، ولا يصل إلى مستوى أمين الكوميدي في أعمال أخرى مثل مسلسل “الوصية”.
وتصادف أن دنيا سمير غانم ستقدم الفكرة نفسها، وهي السفر عبر الزمن، في مسلسلها الذي سيعرض مع منتصف رمضان بعنوان “جت سليمة”، حيث ستنتقل عبر الزمن من خلال كتاب ينقلها إلى عصور مختلفة.
ولظروف غير معلنة كان من المفترض مشاركة شيكو وهشام ماجد في الجزء الجديد من مسلسل “اللعبة”، وهو الرابع، لكن الجمهور فوجئ بإذاعة الجزء الثالث الذي عرض مسبقاً على إحدى المنصات بشكل حصري.
صدمة الحناوي
أما محمد سعد فعاد ليقدم شخصية قديمة ظهرت من قبل في بعض أعماله، وهي شخصية الحناوي، الرجل العجوز سليط اللسان، من خلال مسلسل “إكس لانس”، مستعيناً بمجموعة من شباب الكوميديا مثل ويزو وعمر متولي، لكن المسلسل كان بمثابة صدمة لكثيرين، وانهالت الانتقادات عليه منذ الحلقة الأولى وحتى الآن.
وقدم نجما الكوميديا محمد عبدالرحمن ومصطفى خاطر مسلسلاً بعنوان “كشف مستعجل”، وتدور أحداثه حول قاتل مأجور يزور طبيباً نفسياً ليعالجه من شغف القتل والإجرام. وتشارك في المسلسل هنادي مهنا، ويعرض عبر إحدى المنصات، ويحقق نسبة مشاهدة جيدة إلى حد كبير.
وبعد نجاح المسلسل الكوميدي الاجتماعي “أحلام سعيدة” الذي شاركت يسرا به في رمضان الماضي، فضلت الفنانة المصرية تقديم كوميديا جديدة للمرة الثانية فشاركت في رمضان الحالي بمسلسل عنوانه “1000 حمد الله على السلامة”، وبحسب تصريحاتها لـ”اندبندنت عربية” فإن “الناس تحتاج إلى الابتسامة ولا تريد مزيداً من المواجع عبر الدراما، لذلك استبعدت تماماً تقديم عمل درامي”.
وأشارت يسرا إلى أنها اختارت هذا العمل بعد قراءة عشرات الأعمال التي وجدتها مكررة وغير مضحكة بالنسبة إليها حتى عثرت على هذا العمل، وفضلت أن يكون الأبطال نجوم كوميديا، بخاصة شيماء سيف التي تحبها كثيراً على المستوى الشخصي، وتراها من أفضل نجوم الكوميديا، لكن بعد عرض المسلسل قوبل بسيل من الانتقادات، بخاصة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
مفاجأة “كامل العدد”
من مفاجآت رمضان غير المتوقعة تحقيق مسلسل غير مصنف كوميدياً وهو “كامل العدد” نجاحاً كبيراً وإشادة نقدية وجماهيرية هائلة، بسبب جرعة الكوميديا التي تسيطر على أحداثه، وهو من بطولة دينا الشربيني وشريف سلامة وإسعاد يونس، وتدور أحداثه حول شابة مطلقة مرتين ولديها أربعة أبناء تقع في حب أرمل له العدد نفسه من الأولاد، ويقرران الزواج ودمج الأسرتين.
تعليقاً على مستوى الكوميديا في رمضان والاتهام بسقوطها في فخ الاستظراف والاستسهال، قالت الناقدة الفنية فايزة هنداوي إن “المسلسلات الكوميدية ليست سهلة في الكتابة، بل هي أصعب كثيراً من المسلسلات الدرامية التي تعتمد على مواقف وبناء يمكن أن يؤثر بسهولة في مشاعر وتعاطف الناس، لكن الضحك يحتاج إلى كتابة حساسة جداً حتى يكون مقنعاً وبعيداً من الاستظراف”.
وتابعت “في مسلسلات رمضان هذا العام توجد وجبة كوميدية من المفترض أن تكون مضحكة، لكن للأسف لم تكن على المستوى المتوقع حتى الأسبوع الأول من الشهر، فمسلسل (الكبير قوي) في الجزء السابع لم يجد جديداً يقدمه، وعندما عاد العام الماضي كان الناس متشوقين جداً لمكي ورحبوا بمربوحة أو رحمة أحمد بطلة المسلسل البديلة لدنيا سمير غانم في البطولة النسائية، وكان المسلسل (ترند) طوال الشهر، لهذا قرر صناعة عمل جزء سابع من دون أن يكون لديهم خطة أو هدف من الجزء الجديد، لذلك وضحت بشدة حال الفراغ في الجزء الجديد، وتكرار الإفيهات والشخصيات مثل قصة الأطقم التي ارتدتها البطلة رحمة أحمد في دور (مربوحة)، وغمزة عين صديق أحمد مكي في العمل (نفادي)، وإلقاء الإفيهات نفسها بالأجزاء السابقة، بل وتمت الاستعانة بنكات ومواقف من مواقع التواصل الاجتماعي مل منها الناس، وهذا يعني عدم وجود فكرة جديدة، والوقوع في فخ الإفلاس”.
وعن مسلسل “الصفارة” لأحمد أمين قالت هنداوي “السفر عبر الزمن موضوع ليس جديداً لكنه مصنوع بشكل جيد، وأحمد أمين ممثل موهوب وحقق نجاحاً كبيراً في أعمال كوميدية سابقة، وهذا العام اختار معه في البطولة مجموعة من الممثلين الجيدين، وقدم كوميديا بناءة وهادفة، أما دنيا سمير غانم فمن المتوقع أن تقدم كوميديا جيدة بمسلسل (جت سليمة) الذي سيذاع النصف الثاني من رمضان، وهي ممثلة موهوبة ومعروف عنها اختياراتها الذكية”.
مباراة رائعة
أشارت فايزة إلى أن مسلسل “كامل العدد” غير مصنف كوميدياً لكنه مضحك جداً وغير مبتذل، ولا يتعمد لي ذراع الدراما، وفيه ابتسامة لطيفة ومواقف جميلة، أما أبطاله دينا الشربيني وشريف سلامة وإسعاد يونس وأحمد كمال فقدموا مباراة رائعة في التمثيل المتقن والمواقف المنطقية التي تفجر الضحك من دون تعمد، لهذا فهو أكثر مسلسل تعتبره كوميدياً في رمضان، بحسب قولها.
وعن مسلسل “1000 حمد الله ع السلامة” قالت “يسرا هذا العام في أسوأ حالاتها، وكل عناصر العمل تتصنع حتى وصلت إلى درجة الاستظراف، والموضوع مكتوب بشكل غير جيد، ويبدو أن هناك استعجالاً، أما ميان السيد التي تقوم بدور ابنة يسرا فهي سيئة في الأداء جداً وفاهمة الكوميديا غلط”.
أما مسلسل “إكس لانس” لمحمد سعد فتقول عنه “هناك شعور بأن سعد يرتجل هو ومن معه، فلا توجد شخصيات محكمة أو إيقاع أو أحداث أو تسلسل درامي أو كوميدي، وللأسف محمد سعد فشل في إيجاد شخصية جديدة فأحضر واحدة من دولاب شخصياته القديمة وهي شخصية الحناوي”.
ووصفت هنداوي محمد سعد بأنه “للأسف ممثل جيد لكنه يعاني الغرور، ويتدخل في العمل بدليل ترك المخرجين معظم أعماله”، متابعة “عندما يكون الممثل في دور القيادة نخسره، وللأسف هذا ما حدث مع محمد سعد وأعماله الأخيرة، وهذه هي النتيجة”.
من جانبه يقول الناقد الفني محمد عبدالمنعم إن “ضيق الوقت والبحث في دوائر ضيقة من المؤلفين والنجوم والمخرجين كان السبب وراء خروج الأعمال جميعها من دون المتوقع، وبالنسبة إلى الكوميديا تحديداً فهي رهان صعب جداً، لذلك يبحث كل ممثل عن فكرة براقة يستطيع من خلالها خلق شخصيات مضحكة وأحداث متجددة، ونحن بكل أسف لا نملك كتاب كوميديا جيدين، لذلك نعاني بشدة قلة النصوص الكوميدية وضعف الأفكار، مما يضطر الممثل إلى وضع أفكار وتصورات خاصة به ويرتجل حتى يخرج بأية نتيجة، لذلك لا أتعجب من مستوى أعمال رمضان الكوميدية”.
ونوه عبدالمنعم بأنه “ربما تشهد الفترة المقبلة تنوعاً في الحلقات، فأحياناً وسط زحام المسلسلات نجد أن هناك ظلماً لبعض الأعمال بسبب عدم التركيز، وفي العرض الثاني تحدث طفرة في المشاهدة وينجح العمل.
اندبندنت