على وقع الانفراجات الإقليمية: هذا ما سمعه الموفد القطري في الغرف المغلقة
ماذا حققت زيارة الموفد القطري إلى لبنان على وقع الانفراجات الإقليمية؟ وهل يمكن أن تعطي قوة دفع للاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال يراوح مكانه، فيما أوضاع المنطقة تتبدّل؟
ملأ وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي، ولو ليومين، الوقت اللبناني الضائع، بمهمّة استطلاعية قادته إلى الاجتماع مع مروحة واسعة من القيادات السياسية التي تمثل المكونات الداخلية الأساسية، وذلك سعياً إلى استشراف مستقبل الوضع اللبناني وفرص انتخاب رئيس للجمهورية قريباً.
ووفق بعض الذين تسنّى لهم الاجتماع مع الزائر القطري، فهو بدا ملمّاً بخصوصيات الملف اللبناني وبالتوازنات التي تحكمه، علماً انّ الرجل يمثل الدوحة في اللقاء الخماسي المواكِب لأزمة الاستحقاق الرئاسي، والذي يضمّ إلى جانب قطر كلاً من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر.
ويبدو انّ الموفد القطري كان يميل خلال لقاءاته إلى الاستماع اكثر من الكلام، بهدف تكوين صورة «سكانر» تفصيلية عن الاصطفافات الداخلية في الشأن الرئاسي وإمكان «رتقها». وهو كان يسأل مضيفيه عن رأيهم في مسألتين: كيف يمكن إنجاز عملية الانتخاب؟ وكيف للخارج عموماً ولدولة قطر خصوصاً ان تساعد؟
ما يجمع عليه الذين شملتهم جولة الزائر القطري هو انّه لم يحمل معه مبادرة واضحة لمعالجة المأزق الرئاسي، ولكن أحد السياسيين استنتج من اجتماعه به، انّه يرمي عبر نقاشاته إلى بلورة شيء ما، «وربما كان يمهّد لطاولة حوار جديدة إذا تبين انّ من الممكن إيجاد أرضية لها».
وبينما تفادى الموفد القطري الخوض في لعبة الأسماء والكشف عن حقيقة عواطف الدوحة في هذا المجال، كان لافتاً انّ أغلب القيادات التي زارها حاولت أن تقنعه بمرشحيها المباشرين او بالمواصفات التي تعطي ضمناً الأفضلية لأسماء على حساب أخرى.
وضمن هذا السياق، شرحت إحدى الشخصيات للمبعوث القطري الأسباب الموجبة التي تدفعها إلى دعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، مشدّدة على انّه الخيار الأنسب للمرحلة المقبلة.
وخاطبت تلك الشخصية الخليفي قائلة: «نريد رئيساً بمقدوره الانفتاح على كل العرب، وسليمان فرنجية تحديداً ليست لديه مشكلة مع أحد من العرب، إذ هناك علاقات تاريخية تربط بيته بالمملكة العربية السعودية، وكذلك يستطيع الكلام مع سوريا بفعل الثقة المتبادلة بينه وبين الرئيس بشار الأسد، أما داخلياً فهو منفتح على كل الطوائف والقوى، وبالتالي لا يستفز احداً، كذلك لا يعرف ان يناور بل يشتهر بصدقه ووفائه، فإذا التزم نفّذ، وكلمته تطمئن خصومه قبل الحليف، لأنّهم يعرفون انّه إذا وعد وفى».
وسردت الشخصية إيّاها للضيف القطري الواقع اللبناني بكل تعقيداته، متوجّهة اليه بالقول: «إذا اردتم ان تريحونا يجب أن تساعدونا في التوصل إلى تسوية طويلة الأمد. إذ منذ أن غادر السوريون لبنان لم يحصل ان استطعنا انجاز اي استحقاق بسلاسة، لا انتخاب رئيس الجمهورية ولا تشكيل الحكومة ولا وضع البيان الوزاري ولا حتى التعيينات». واضافت: «مشكلتنا هي النظام الطائفي، والحل الجذري يكون تغييره، لكن الواقعية تقتضي منا الإقرار بأنّ لا إمكانية لتغييره حالياً، ولذلك البديل المرحلي يكون في إنتاج تسوية طويلة الأمد من خلال هذا النظام، الأمر الذي يحتاج إلى رعاية وتوافق إقليميين، وانتم في قطر يمكنكم ان تؤدّوا دوراً إيجابياً على هذا الصعيد عبر علاقتكم الجيدة مع السعوديين والاميركيين ومختلف القوى الداخلية في لبنان».
ونبّهت الشخصية ضيفها القطري إلى انّ «طول مدة الأزمة يتسبب في شروخات مقلقة، إلى درجة انّ همّنا صار منع الحرب الأهلية، بعدما كان طموحنا تحقيق إصلاح سياسي كبير».
وقد أكّد الخليفي لمحدثه، انّ بلاده لن تترك البلد ينهار، ولديها العزم على المساعدة قدر الإمكان.
عماد مرمل- الجمهورية