تمرد سعودي وصمود روسي ونفوذ صيني يتوسع بحنكة إيرانية!

لطالما دارت الحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في المناطق الرمادية على امتداد الخارطة، ولم تصل لحد المواجهة المباشرة الإ ضمن استثناءات محدودة، أبرزها إغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني. وتأتي حرب المسيرات في شرق سوريًا استكمالًا لهذا الصراع الممتد منذ انتصار الثورة الاسلامية العام 1979، هذا في الشكل، أما في المضمون تأتي الضربات التي استهدفت القواعد الأمريكية في وقت تعاني في إدارة الرئيس جو بايدن من أزمات ومآزق داخلية وخارجية.

الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية جاء كصفعة في وجه بايدن نفسه، إذ تم الاتفاق بعيدًا عن الأعين الأمريكية المنتشرة في كل أصقاع الأرض، وبتسلل صيني إلى الملعب الأمريكي، أي الخليج، دون أن يدركوا أن هذا الاتفاق ما هو الا سياسية محمد بن سلمان الجديدة، والتي تقوم على تصفير المشاكل بدءً من إيران واليمن مرورا في العراق وسوريا ولبنان.

سياسة تصفير المشاكل انعكست على المشهد اليمني، وتجسدت إتفاقًا لتبادل الأسرى بين أنصار الله والقوات المدعومة من التحالف الدولي بقيادة السعودية.

المشهد انعكس على دمشق، إذ أعلنت الخارجية السعودية عن البدء بترميم سفارتها في دمشق لافتتاحها رسميًا عقب عيد الفطر، في مشهد يعيد إلى الأذهان السياسة التركية التي انتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل العام 2011.

من الجانب الصيني، بدأ التحدي منذ دخول الصين الى المنطقة من البوابة الاقتصادية والتي صرفت فيها مئات المليارات من الدولارات في الدول الخليجية وإيران والعراق والكيان المحتل، على مرأى من واشنطن التي وقفت عاجزة أمام الإجتياح الاقتصادي الصيني للشرق الأوسط. بالتزامن مع الإنهيارات التي شهدتها البنوك الأمريكية والتي أطاحت بأربعة منها، دون تمكن الإدارة الأمريكية من تحريك ساكن.

أزمة البنوك انتقلت سريعًا الى القارة العجوز مع انخفاض أسهم البنوك في كل من ألمانيا وسويسرا، التي بدت وكأنها خط دفاع ثاني لحماية الولايات المتحدة الأمريكية من النفوذ الروسي، الذي صمد لأكثر من عام على الأراضي الأوكرانية في مواجهة جيش الناتو. الذي يدرب ويسلح الجيش الأوكراني، الذي بات كأحجار الشطرنج عند الرئيس زيلنسكي بهدف تحقيق صمود أكثر في منطقة باتت الدماء هي الفيصل والحكم.

الحرب في أوكرانيا انعكست على أوروبا، إذ أن رئيسة وزراء إيطاليا القومية چورچيا ميلوني قد تحذو حذو المملكة المتحدة بخروجها من الاتحاد الأوروبي، أو من خلال الإحتجاجات في باريس على تعديل قانون التقاعد الذي ينم على مشكلة اقتصادية بدأت معالمها تظهر في فرنسا.

في المحصلة، تمرد السعودية على النفوذ الأمريكي وصمود روسيًا في الحرب الأوكرانية، وتقدم الصين الى منطقة الشرق الأوسط بورقتي السياسة والإقتصاد وصمود إيران أمام العقوبات الأحادية الأمريكية والانهيارات المصرفية في الداخل الأمريكي ، كلها علامات لا تدل إلا على بدء انهيار الإمبراطورية الأمريكية بشكل عاجل أم آجل، وتفلت الدول واحدة تلو الأخرى من السيطرة الأمريكية وتهديد تربعها على عرش عالم.

مركز بيروت

مقالات ذات صلة