جبران يرث العونيّة السياسيّة بتيّار من الباسيليّين أو من بقي معه من عونيّين: “التيّاريون”!
يقيم “التيّاريون” نهاية هذا الأسبوع ورشة عمل، مستلحقين ذكرى الرابع عشر من آذار. و”التياريون” مصطلح بدأ رئيس التيار العوني جبران باسيل باستخدامه في خطاباته منذ زمن تحضيراً لمرحلة بناء تيّاره المنبثق من رحم العونية السياسية.
ويك إند حافل يبدأ يوم الجمعة 24 آذار بالعشاء التمويليّ السنوي للتيار، ثمّ يُستكمل يوم السبت بحوار شبابي مع رئيس التيار النائب جبران باسيل، ويُختتم الأحد بالمؤتمر التنظيمي الذي يُعقَد كلّ سنة في الذكرى السنوية عينها ليضع الأسس السياسية والتنظيمية لاثني عشر شهراً.
تمويل وشباب ما بعد عون
يقول المنظمون إنّ العشاء التمويلي الذي يقام مساء الجمعة يؤكّد شفافية التيار لناحية مصادر تمويله. وهذه المرّة سيعلن التيار على الملأ أرقام ميزانيته لناحية المداخيل والمصاريف السنوية. يدرك باسيل أهمية دور الشباب في المرحلة المقبلة، ولا سيّما أنّ خصمه الوحيد على الساحة المسيحية، أي القوات اللبنانية، يولي الشباب أهمية كبرى ويتقدّم على التيار شعبياً في صفوف الشباب ما دون الثلاثين سنة.
عليه، ستكون واحدة من أولويّات باسيل في المقبل من الأيام: التركيز على الشباب وإطلاق مشاريع لهم في المرحلة المقبلة. في ورشة العمل هذه يعلن التيار الورقة السياسية بعد جلسة للمجلس الوطني على أن يخطب باسيل متحدّثاً في عناوين سياسية تتعلّق بالمرحلة:
– الملفّ الرئاسي.
– العلاقة بحزب الله.
– الاتفاق المسيحي – المسيحي.
– الشراكة الإسلامية – المسيحية.
– عناوين أخرى كان سبق أن تحدّث بها.
ليست هذه المقدّمة إعلاناً لورشة عمل التيار، بل هي مقدّمة للدلالة على أهمية وأبعاد ما يقوم به باسيل مؤسّساً لمرحلة لاحقة هي “مرحلة ما بعد الرئيس ميشال عون”.
باسيل الجديد
سيادة – إصلاح – شراكة، هي الثلاثية التي اختارها باسيل عنواناً لافتتاح تياره بعدما خاضت العونية السياسية مسارها النضالي في زمن الوجود السوري في لبنان عبر ثلاثية سيادة – حرّية – استقلال.
يقول القيّمون على المؤتمر إنّ التيار سيرتدي حلّة سياسية جديدة انطلاقاً من مؤتمره الذي يؤمل منه خلق عصب شبابي للتيار ولكلّ قطاعات الحزب الذي أسّسه الرئيس الجنرال ميشال عون.
من يعرف باسيل يعرف أنّ الرجل لا يستكين:
– براغماتي إلى أقصى الحدود.
– يعمل لتحقيق هدفه مهما كلّف من وقت وجهد وثمن.
وها هو اليوم بعد مخاض طويل:
– في السلطة يوم كان قويّاً ونافذاً.
– خارج السلطة يوم حوصر من كلّ جهة.
– في الداخل في خضمّ القوى السياسية.
– في الخارج وفرض العقوبات عليه.
وها هو لا يزال يعمل على تكوين تيّاره الباقي إلى جانبه بعد “عمر طويل للرئيس عون”. وهو قد بدأ بالتأسيس لذلك قبل مدّة غير وجيزة، منذ أن وطأت قدماه أرض قصر بعبدا، ومنذ أن بدأ يخاطب العونيين بـ”التيّاريّين”.
في مفهوم باسيل، تبدّلت حركة الحزب منذ الوجود السوري حتى اليوم. لم يعُد الأشخاص هم أنفسهم، ولم تعد المهمّة هي نفسها. يريد رئيس التيار أن يواكبه تيّاره في خياراته السياسية، وأن يكون منسجماً معه ولو كلّف ذلك العمل على شرائح شبابية جديدة والتخلّي عن الحرس القديم. فهو في الأساس الوريث السياسي الوحيد لعون في حياته، وسيكون وريثه في حزبه الذي ستكون حلّته جديدة في المرحلة المقبلة.
مخاض القيادات والتكتّل
قد يكون الدليل الأبرز على المسار الذي اختاره باسيل سبيلاً لتكوين تياره، هو المخاض الذي يمرّ به الحزب منذ سنوات طويلة. على الأرجح منذ توقيع تفاهم مار مخايل. القصة أصبحت معروفة: خروج قياديين وخلافاتهم مع باسيل. آخر هذه الخلافات انفجر في الانتخابات النيابية الماضية التي دفع فيها باسيل ثمناً باهظاً جداً في مستوى تمثيله. ربّما أكبر الخسائر الناتجة عن هذه الخلافات هي في جزّين. في الخلاصة لا يريد باسيل العيش تحت رحمة أحد في تياره. دُفعت الأثمان في عهد ميشال عون فأصبحت المهمّة اليوم أسهل.
يدرك باسيل حجم التناقضات في تكتّله. حاول أن يعالجها قبل الانتخابات عبر تفضيل مرشّحين على آخرين. نجح أحياناً وفشل أحياناً أخرى. منذ أيام عبّر باسيل أمام راعي أبرشية أنطلياس المطران طوني أبي نجم عن استيائه أو استغرابه إدراج اسم النائب إبراهيم كنعان في لائحة المرشّحين الرئاسيّين. أصبحت معروفة العلاقة “الشائكة” بين باسيل ومجموعة من نوابه. لم يعد الأمر سرّاً مع خروج نائب عكار أسعد ضرغام عن صمته أكثر من مرّة.
“يمكنك أن تقول للقريبين منك إنّك على خلاف مع حزب الله فذلك سيفهمونه، لكن أن تقول لهم إنّك على خلاف مع الجيش فذلك خطّ أحمر”. بهذه الكلمات اختصر ضرغام الكثير ممّا يحدث في الخلفيّات السياسية والرئاسية على حدّ سواء. في رئاسة فرنجية لا يختلف اثنان على إمكانية انقسام التكتّل لأنّه في اللحظة التي يختار فيها نواب من التكتّل التصويت لفرنجية يدركون أنّهم يخسرون كلّ شيء ويربح باسيل. لكنّ مع الجيش الأمر مختلف، وهذا ما عبّر عنه ضرغام في كلامه الأخير.
كلّ هذا الخلاف سينفجر يوماً ما ليس ببعيد، لكن بعده سيكون باسيل أنهى مساره في تكوين تيّاره من الباسيليّين أو من بقي معه من عونيّين.
العونيون الذين قرّروا الخروج أو أُخرجوا أو سيخرجون قد يجتمعون على برنامج أو مشروع مقابل لمشروع باسيل، وقد يتفرّقون في مشاريع مختلفة. وهذا هو الأرجح انطلاقاً من تجاربهم في المحطات السابقة.
جوزفين ديب- اساس