عمال المطاعم.. بين مضاربة النازحين وجشع أرباب العملّ!
لم يعد مستغربا في بلد العجائب، إن قلنا أنّ المسؤولين في وطننا، وبأي موقع كانوا، يتكافلون ويتضامنون لقضم ما يمكن من لقمة العامل الفقير، فكيف إن كنّا نتحدّث عن أحد القطاعات الذي نفض غبار الاقفال عنه وعاد لينتعش من جديد محققا أرباحا خيالية ولكن على حساب العمّال.
“مفولين”، هذا ما تسمعه من المطاعم والمقاهي إن حضرت من دون حجز مسبق، أو حتّى إن قررت أن تحجز لك طاولة في اليوم نفسه، وقد تحتاج في لبنان، البلد المنهار ماليا واقتصاديا، الى حجز مسبق، أقله قبل أسبوع، في بعض المقاهي والمطاعم مع العلم أنّ الفاتورة لا تستوفى إلا “بالدولار الفريش”!
ومع ذلك، قليلة هي المطاعم والمقاهي التي تنصف موظّفيها، وقليلة جدا هي التي تلتزم بالرواتب المحددة من قبل إتحاد نقابات موظفي الفنادق والمطاعم والتغذية واللهو في لبنان.
طمع أصحاب المطاعم والمقاهي وحتّى السناكات، أدّى بعمالها الى رفع الصوت لعلّه يصل الى آذان المعنيين، والمخلفات بالآلاف ولا من يحرّك ساكنا، وهذا ما أكده نقيب إتحاد موظفي المطاعم والفنادق والتغذية واللهو في لبنان جوزيف الحداد، الذي يتحدّث عن مشاكل متشعّبة يواجهها العمّال.
ويقول: “لاحظنا تجاوبا من بعض النقابات لمطالبنا بإنصاف العمال برواتبهم لكن المشكلة أنّ 70% من المطاعم والمقاهي والفنادق.. غير ملتزمة بقرارات النقابات، وخصوصا تلك التي تقع خارج نقاط جبل لبنان، أيّ في الجنوب والبقاع والشمال..”.
فرص العمل في القطاع الخاص “عرض وطلب”، وهنا مشكلة جديدة يكشفها الحداد، فالعرض موجود وما “قطع ظهرنا” في القطاع نابع من أزمة النزوح، فما يفوق 60% من العاملين بهذا القطاع باتوا من النازحين، ويفتح هنا مزدوجين للإشارة الى أنّ “التوفير” بالرواتب له الأفضلية عند أرباب العمل الذين، بغالبتهم باتوا يتغاضون عن موضوع سلامة الغذاء وقوانينه، فلا يتأكدون من أنّ العامل دخل قانونا الى البلاد، وأنه يمتلك أوراقا قانونية، ولا يقومون بالفحوصات اللازمة له للتأكد من عدم حمله لأيّ مرض معد، ولا يصدرون بطاقة صحية للعاملين… من هنا لا بدّ أن يخضع العامل الأجنبي للقانون.
ويوجّه اصبع الاتهام لأصحاب المؤسسات الذين يحققون اليوم أرباحا خيالية من جراء استيفاء الفواتير بالدولار، كاشفا عن مخالفات ينفّذونها بحق كلّ عامل لبنانيّ يحاول المطالبة براتبه وفق ما حددته النقابة بالدولار، فإمّا يقبل “بالموجود” وإمّا يتم استبداله بالنازح الذي يرضى بمعاش أدنى وأقل بطبيعة الحال.
“مش عاجبكن، في غيركن كتير”، هذا واقع الحال اليوم، ويشدد الحداد أنّه لولا هذه المضاربة من اليد النازحة، لكنا قادرين على فرض جدول الرواتب المحدد من قبلنا (الجدول مرفق)، والذي التزمت به بعض المؤسسات المحترمة ورفضه العدد الأكبر منها.
الوزراء الذين توالوا على وزارة السياحة، تسببوا جراء قراراتهم وتوجهاتهم بالوصول الى هذا الواقع برأي الحداد، فهم لم يقفوا يوما الى جانب العمّال إنما يحرصون كلّ الحرص على أرباب العمل. وهنا يسأل “كيف يحق للمطاعم وسواها أن تستوفي منذ العام ونصف العام فواتيرها بالدولار، ووفق الأرقام القديمة، فيما نحن كعمال نحصل على 10% فقط من قيمة رواتبنا قبل الأزمة”؟! هذا ناهيك عن تهرّبهم المستمر من الضرائب، خصوصا أنّ الزيادات التي لحقت بالرواتب والأجور، ولو أنها ضئيلة، الا أنها لم تدخل في أساس الراتب وأدرجت ضمن إطار “المساعدات”.
أضف الى ذلك، فإنّ أيّ من المؤسسات لا تصرّح للضمان لا عن مستأجريها الجدد، ولا عن الرواتب الجديدة لموظفيها، ويعطي مثالا: “الشيف” الذي كان يتقاضى الضمان من المؤسسة ما يوازي الـ 400 دولار كضرائب عنه باتت تحتسب اليوم بما يوازي الـ 70$..
وهذه الارتكابات برأي الحداد، أدّت الى رفع الغطاء الصحيّ عن حوالى مليون و300 ألف مضمون في مختلف القطاعات، في ظلّ سكوت مريب لوزير العمل واتحاد عمّالي عام عن هذا الواقع! ويتابع “اذا لم يتم تسجيلنا بالضمان وفق رواتبنا الجديدة فمن أين سيأتي الضمان بمردود ليغطينا صحيا؟!”.
وعن الخطوات المرتقبة، ناشد الحداد جميع الجهات المعنيّة التحرّك أوّلا للتأكد من التزام أصحاب العمل بعدد العمّال المسموح به من أجانب وهو 3 عمال أجانب فقط من أصل كل 10، والالتزام بالرواتب والأجور المحددة من قبل النقابة، والا فإنّ عدم الالتزام من قبل المؤسسات سيعرّضها للتشهير على مواقع التواصل الاجتماعي وفضحهم بالأسماء والصور والفيديو!