“خلية فرنجية في الإليزيه”…
ربما كانت الفكرة الايجابية الوحيدة من حراك فرنسا الحالي لدفع الاستحقاق الرئاسي قُدُماً هي سؤالها سليمان فرنجية عن مشروعه لإنقاذ لبنان. وسيكذب علينا ماكرون ودوريل وإيمييه إن ادَّعوا تلقّيهم جواباً مفيداً من فرنجية، باستثناء وعود بمدّ اليد الى كلّ الاطراف وتوهُّم قدرة فريدة على التواصل المباشر مع نصرالله وبشار إنطلاقاً من نظرية العلاقات العشائرية والوفاء.
ومع تقديرنا للصداقة مع “أمنا الحنون” وللمساعدات التربوية والصحية التي انقذت مدارس ومستشفيات، فإنّ مسار علاقة ماكرون بأزمة لبنان منذ ثورة 17 تشرين، وتحديداً منذ جريمة 4 آب، خضع لتعرجات كثيرة، إن لم نقل إنه نسج آمالاً وصلت الى السماء وما لبثت أن هوَت الى القاع.
لا تبرير منطقياً لترويج الإليزيه لسليمان فرنجية، إلا اذا كان ماكرون يَعتبر فرنجية إصلاحياً وإنقاذياً، هو الذي شارك بحكومات الانقلاب على الطائف كلها، ووقف ضد استعادة السيادة و”انتفاضة الاستقلال” في 14 آذار، وعارض المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري، وناهَض ثورة 17 تشرين الإصلاحية، وأيَّد تدمير التحقيق بجريمة المرفأ مجاهراً بالإصطفاف مع “الخط” الممانع والمجهض للعدالة!
نسي ماكرون أنّه اتهم المنظومة كلّها بانهيار لبنان. وكان أرفع مسؤول شرح للبنانيين “بونزي” النظام المالي، ولم يتردّد في إهانةٍ مستحقة لأهل الحكم أثناء خطابه البليغ في “قصر الصنوبر” حين دعاهم الى “إخلاء الساحة لجيل الاصلاح”، وهو منطقياً لا يشمل حصانه الرئاسي بأي شكل من الأشكال.
لا يُستنتج من الضغط الفرنسي على المملكة العربية السعودية للسير بفرنجية سوى ان الفرنسيين في عهد ماكرون يقدّمون البزنس على المبادئ والأخلاق. وهُم باسم “الواقعية السياسية” يخونون فرنسا الديموقراطية والحريات ودولة القانون قبل خيانة اكثرية الشعب اللبناني التي ثارت على منظومة شكّل فرنجية أحد أعمدتها، سواء تَمثَّل في الحكومات أم عارضها تحت سقف الوصاية ثم الولاء لـ”حزب الله”.
مؤسف ان يتأكد يوماً بعد يوم أن مليارديراً لبنانياً يملك أسهماً في “توتال” يؤثِّر في دوائر الإليزيه لكسر إرادة اكثرية المسيحيين وكلّ قوى التغيير الرافضة تجديد شباب “المنظومة” سواء عبر ايصال فرنجية بخديعة انّه توافقي، ام عبر صفقةٍ تأتي برئيس حكومة إصلاحي يسْهُل الانقلاب عليه وتعطيل برنامجه بواسطة أي وزير يستقوي بطائفته أو بوهج السلاح.
لحسن الحظ انّ السعودية الجديدة لا تؤخذ بالكلام المعسول، وأنّها أحبطت حتى الآن محاولة ماكرون وفريقه المرتخي أمام “الإغراءات” استغلالَ “اتفاق بكين” للظفر بمقايضة بين اليمن ولبنان. لكن الحذر ضروري كون الأموال المرصودة لشراء “شواغر” النِصاب لا تزال مستنفرة في خزائن الملياردير، وفي “حاويات” آخر، أملاً باقتناص الرئاسة لفرنجية وتعويم الذين أغرقوا كل لبنان…
“خلية الإليزية” المولجة أمر لبنان يجب أن تكون على قدر قيمة فرنسا وأخلاقها. أليس كذلك؟
بشار شربل- نداء الوطن