ما وراء خطاب نصرالله وتفجير مجدو… مَن المتورط؟؟
أشعل حادث التفجير الأخير في شمال إسرائيل، بالقرب من مفترق مجدو، وكلام أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، الأسبوع الماضي عن زوال الدولة العبرية قبل بلوغها سن الثمانين، موجة من القلق في الصحافة الإسرائيلية، التي انكبت على تحليل الحادث الأمني وخطاب نصرالله بعناية.
سؤالان محوريان
حسب صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، يثير الحادث الأمني قرب مدينة حيفا، أسئلة رئيسية حول التهديدات الأمنية المختلفة لإسرائيل، وكذلك محور إيران الذي يهدد الدولة اليهودية. معتبرةً أن الهجوم لا يبدو أنه تم التخطيط والتحضير له جيداً، وتورط حزب الله فيه سيكون تصعيداً خطيراً.
وتطرح الصحيفة الإسرائيلية سؤالين محوريين عن سبب إرسال الحزب رجل يحمل عبوة ناسفة وبندقية ومسدس عبر الحدود لشن هجومٍ من هذا النوع. وهو أمرٌ يحمل بطياته مخاطر جمّة على الحزب إياه. وعن الدافع للمجازفة بالكشف عن دور حزب الله من خلال إرسال نوعٍ متطور من العبوات الناسفة يمكن تتبعه إلى الجماعات المدعومة من إيران.
أنواع المتفجرات
تقول الصحيفة أن أنواع المتفجرات لها دلالةٌ مهمة. فقد استخدمت الفصائل الفلسطينية ذات مرة القنابل لتفجير الحافلات ونشر الرعب. وتلعب إيران دوراً رئيسياً في صناعة أنواعٍ معينة من الأجهزة المتفجرة. فهي زودت الجماعات العراقية بنوعٍ قاتل من العبوات الناسفة (EFPs)، تسببت بمصرع عدد كبير من القوات الأميركية بين عاميّ 2006 و2007.
أما حزب الله فقد استخدم بدوره المتفجرات لاستهداف القوات الإسرائيلية لسنواتٍ عديدة، وأرسل نشطاء للتدريب على استخدام القنابل الخارقة للدروع. ولم يكتفِ الحزب بتزويد الميليشيات العراقية بهذه القنابل، فوصلت هذه التكنولوجيا إلى الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. لتعود الصحيفة بعد هذا الشرح وتنوه بأن هذا لا يعني أن الهجوم في الشمال استخدم هذه التكنولوجيا. بل يعني أن التكنولوجيا المتفجرة غالباً ما تنتقل عبر القنوات والشبكات ويمكن ربطها بمجموعاتٍ مختلفة.
مَن المتورط؟
كان من المفترض، حسب “جيروزاليم بوست”، أن يخفف اتفاق ترسيم الحدود البحرية، الذي تم توقيعه العام الماضي، من التوترات. وقد ينعكس الاتفاق الجديد بين إيران والسعودية خفضاً للتوترات في لبنان خلال الفترة التي تسبق انتخاب رئيسٍ جديد. وسط كل ذلك، يتبادر إلى الأذهان سؤالان إضافيان: لماذا يخاطر حزب الله بإثارة التوترات بحادثةٍ كهذه ينخرط فيها رجلٌ واحدٌ وحسب؟ وهل استخدم الحزب الأحزمة الناسفة بشكلٍ متكرر، أم أن هذا التكتيك أكثر شيوعاً بين حماس والجهاديين وداعش؟
تحاول الصحيفة التوصل إلى خلاصةٍ مفيدة بقولها أنه في أعقاب الهجوم في الشمال و”تحييد” المشتبه به، تفتقر العديد من جوانب التهديد إلى الوضوح. ونظراً لأنه ليس من الواضح ما إذا كان هذا المشتبه ينتمي إلى حزب الله، فهذا يشرّع الباب لترك الاحتمالات مفتوحة بشأن احتمال ارتباطه بجماعاتٍ أخرى تدعمها إيران، كحماس والجهاد الإسلامي.
وبينما تشتبك إسرائيل بشكلٍ متزايد مع الجهاد الإسلامي في جنين وكذلك مع عناصرٍ من حماس في أريحا، إضافةً إلى جماعاتٍ مسلحة أخرى في الضفة الغربية. تسنتج الصحيفة أن لإيران مصلحة في دعم هذه الجماعات وتهديد إسرائيل من اتجاهاتٍ عدة. وجعل الإسرائيليين يشعرون بأمانٍ أقل. وهذا يعني أنها قد تحاول تهديد إسرائيل بوسائلٍ مختلفة.
خطاب نصرالله
في الموازاة، سلطت صحيفة “إسرائيل هيوم” الضوء على خطاب أمين عام حزب الله الأخير حول زوال إسرائيل الوشيك، داعيةً إلى التعامل مع هذا الخطاب بجديةٍ كبيرة، رغم أن هذا الأخير فقد في السنوات الأخيرة بعضاً من سحره، واختار التعبير عن شعاراتٍ فارغة.
وتلفت الصحيفة إلى إطلالات نصرالله الأخيرة وسبب دعوتها إلى أخذ الحيطة من خطابه الأخير، بقولها “قرر نصر الله العام الماضي رفع المخاطر عشية توقيع اتفاق الحدود البحرية لترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة بين إسرائيل ولبنان. لقد فعل ذلك في محاولة لتحصيل نقاطٍ من النجاح أو تمهيداً لتصعيدٍ محتمل في حالة الفشل. بعد هذه المرحلة هدأ نصرالله وعاد لتركيز انتباهه على الشؤون الداخلية للدولة اللبنانية المنهارة، لكنه عاد الآن مرةً أخرى إلى موضوعه المفضل، أي إسرائيل”.
ويبدو أن نصرالله، حسب “إسرائيل هيوم”، قد يكون في وضعٍ يدفعه لارتكاب خطأ في التقييم، لاعتقاده بأن إسرائيل أكثر ضعفاً مما كانت عليه في الماضي. وترى الصحيفة أن الحزب يستعد لهذه اللحظة منذ وقتٍ طويل. وخيرُ مثالٍ على ذلك، إعادة الحزب لسلسلة من المواقع العسكرية التي كانت مرئية بشكلٍ علني على طول الحدود مع إسرائيل، لغرض المراقبة وإذا لزم الأمر للهجوم.
نشاطات حماس واهتمام نصرالله بها
يحدث ذلك، وفق الصحيفة، تزامناً مع قيام حماس بتسريع جهودها لكسب موطئ قدم في لبنان، وخصوصاً في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، في صور وصيدا. ويجري هذا النشاط بقيادة صالح العاروري، المسؤول عن النشاط الخارجي للجناح العسكري لحركة حماس، الذي يسعى إلى إنشاء جبهةٍ إضافية ضد إسرائيل يمكن تفعيلها بسهولة في حال حدوث تصعيد في غزة والضفة الغربية.
نشاط حماس هذا، يجري تحت أنظار حزب الله الساهرة، وبالتنسيق معه. وهذا ما يطرح، وفق الصحيفة، علامات استفهامٍ حول اهتمام نصرالله بذلك. خصوصاً أن الحزب امتنع في السنوات الأخيرة، تحت قيادة نصرالله، عن تعريض لبنان للخطر أو توريطه في مواقف متقلبة محتملة. وإذا ما تصرفت حماس مفضلةً مصالحها الخاصة أو تحت ضغطٍ من إيران، فقد تجرّ منطقة الحدود الشمالية حزب الله إلى تصعيدٍ لا أحد يريده، سيلحق الخراب والدمار بلبنان.
المدن