بلوك مسيحيّ واستحالة: بكركي تحضّر “لائحة مرشّحين”.. لا تضمّ فرنجية!
في عزّ الأزمة الرئاسية، وقع اتّفاق بكين بين السعودية وطهران كالصاعقة على فريق المعارضة، بينما تلقّفته قوى الممانعة بتفاؤل يصبّ في مصلحة مرشّحها سليمان فرنجية. لكن حتّى الساعة لم يظهر أنّ هذا الاتفاق سيُرخي بظلاله على انتخابات الرئاسة في لبنان.
على عجل غادر السفير السعودي وليد البخاري إلى الرياض، وهو أحد المسؤولين عن متابعة ملف لبنان في المملكة. لا شكّ أنّه حمل معه نتائج لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين. خلال زيارته عين التينة لم يتردّد في التعبير عن موقف بلاده غير المؤيّد لترشيح فرنجية. وهو استفسر من رئيس المجلس عمّا إذا كان لديه اسم مرشّح ثانٍ للنقاش بشأنه.
ينوي البخاري استكمال جولته لتشمل قوى مسيحية أساسية. وفُهم أنّ هدفه فرملة حظوظ فرنجية بوصفه مرشّح حزب الله من وجهة نظر المملكة السعودية.
تتّجه الأنظار نحو حركة البخاري وما سيُبنى على عودته وما سيتّخذه ممثّلو الدول الخمس خلال اجتماعهم المرتقب أواخر الأسبوع في فرنسا. لكن ليس معروفاً حتى الآن هل يُعقد الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية، كما كان مقرّراً سابقاً، أم يستمرّ على المستوى السابق.
بلوك مسيحيّ واستحالة
مرّ أكثر من أسبوع على إعلان الثنائي الشيعي ترشيح رئيس تيار المردة. لم يسجّل أيّ تطوّر إيجابي يمكن البناء عليه، بل ازداد تسويقه صعوبة، وكذلك شروط المعركة على المرشّح. وليس من مؤشّرات إلى قرب دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة انتخاب قريبة. لا توحي أجواء النواب بذلك، وكذلك الانقسام الحادّ في الرأي حول المرشّحين. فكيف يدعو بري إلى جلسة إذا كان المرشّح الرئاسي الذي يعمل لأجله الثنائي عاجزاً عن ترتيب موعد إعلان ترشيحه؟
إذ للمرّة الثانية أو ربّما الثالثة يتحضّر فرنجية لإعلان ترشيحه ثمّ يتريّث.
إن عُقدت جلسة انتخاب فلن يملك أيّ فريق غالبية تؤمّن انتخاب مرشّحه إلا بناء على تسويات داخلية. حسب الدستور يحتاج فرنجية أو أيّ مرشّح غيره إلى أغلبية الثلثين للفوز في الجولة الأولى من التصويت، ثمّ يمكن انتخابه بالأغلبية المطلقة البالغة 65 صوتاً. فمن يجرؤ على المخاطرة بالدعوة إلى جلسة غير مضمونة النتائج له؟
وفق حسبة “الثنائي” لن يحصل فرنجية على ما يتعدّى 45 صوتاً… حتى اليوم. وضع فريق المعارضة المنقسم على نفسه والذي يعاني ما يعانيه، ليس أفضل حالاً. ويبحث الثنائي عن مخرج لمرشّحه الرئاسي، بعدما أُقفلت أبواب المسيحيين في وجه ترشيحه.
أيّ جلسة لن تكون مضمونة النتائج. يتعدّى الأمر هذه المرّة المقاطعة واعتبار الجلسة مخالفة دستورياً. فالترشيح يصطدم برفض مسيحي في مواجهة الثنائي المصرّ على ترشيح لا يحظى بإجماع المسيحيين أو قسم كبير منهم.
تكشف مصادر مسيحية وازنة لـ”أساس” أنّ تواصلاً غير مباشر حصل بين الكتل المسيحية الأساسية، أي القوات والتيار والكتائب، لبلورة موقف مسيحي رافض لترشيح رئيس تيار المردة. تقاطع ذلك مع أجواء بكركي التي تعدّ العدّة للائحة مرشّحين لم يُدرج اسم فرنجية في عدادها. وبذلك يتكوّن بلوك مسيحي قوامه قرابة 45 نائباً يُضاف إليهم النواب المسيحيون المستقلّون، فيرتفع العدد إلى 50 نائباً.
احتمال أزعور يتقدّم
من وجهة نظر التيار الوطني الحر سيكون المطلوب في هذا الجو أن يتراجع “الثنائي” عن ترشيح فرنجية. وهذا ما تصفه مصادر “الثنائي” بأنّه “مستحيل”، إلا في حال تراجع فرنجية من تلقاء نفسه.
حتى الآن يرفض حزب الله الحديث عن خطة “باء” رئاسية. تكشف مصادر موثوقة أنّ أصدقاء قائد الجيش جوزف عون سألوا حزب الله عن الخطة “باء” في حال فشل ترشيح فرنجية، فكان الجواب أنّ حزب الله لديه خطة ألف ولا يتحضّر لغيرها.
لكنّ أوساطاً مغايرة كشفت عن حديث يدور في الكواليس يتعلّق بترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، باعتباره خطة “باء” تحظى بموافقة مسيحية، ولن يعارضها فريق من الثنائي، أي نبيه بري، وإن عارضها حزب الله.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أوّل من سمّى أزعور علناً بين لائحة مرشحيه. والسعودية لمّحت إلى مواصفاته، وأدرجته بكركي ضمن المرشّحين. أزعور الذي يزور لبنان بين وقت وآخر يعقد بعيداً عن الإعلام لقاءات تشاورية. وقالت مصادر ترصد حركته من بعيد إنّ بكركي تفضّل تسلّمه حاكمية المصرف المركزي في الوقت الحاضر. لكنّ تعيين الحاكم عصيّ على البتّ في المرحلة الراهنة.
عمرة برّي السعوديّة
يدرك حزب الله صعوبة تعبيد طريق مرشّحه باتجاه بعبدا، وأنّ حليفه رئيس المجلس استعجل الخطوة وجرّه إليها. كلاهما أحرج فرنجية وأضعف موقفه أمام المسيحيين وفي الخارج، وقد ثبت أنّه مرشّح الثنائي.
لغاية ما في نفسه أعلن برّي خطوته وأصرّ عليها في مواجهة تشكُّك المقرّبين من فرنجية في نوايا الثنائي، وتلافياً لموقفه المحرج أمام النواب والمجتمع الدولي. أمّا فرنجية فقد بات ملزماً ترك مسافة زمنية بين إعلانه وإعلان حليفيه، على سبيل التمايز. وهو أعدّ كتيّباً عن برنامج عمله الرئاسي لإعلانه في الوقت المناسب.
أعلن “الثنائي” الشقّ النظري من الخطوة، فيما الشقّ العملي المتعلّق بتأمين غالبية 86 صوتاً للنصاب فمن غير الممكن تأمينه. خاصة أنّ جنبلاط “خارج الحسبة ما” دام الضوء الأخضر السعودي لم يظهر بعد. ومع ذلك لم ييأس بري من محاولاته. وهو يسعى إلى زيارة المملكة السعودية من بوّابة زيارة دينية لأداء العمرة تكون مناسبة للقاء المسؤولين السعوديين. لكنّ الموضوع لم ينضج بعد ولا جدول مواعيد مع وليّ العهد السعودي.
إلى أن تتوضّح الصورة لن يغامر برّي بتحديد جلسة قريبة لانتخاب الرئيس، ولو شبيهة بجلسات فقدان النصاب السابقة. فـ”الثنائي” لم يعد بمقدوره التصويت بورقة بيضاء. وفي تقدير مصادر نيابية مقرّبة من الثنائي فإنّ الاحتمالات مفتوحة وحظوظ فرنجية لا تزال قائمة. وفي ضوء ما يجري والاتفاق الإيراني السعودي قد نستخلص أنّ فرنجية ضعف أو بات قوياً. وهو ما يعني أنّه ما زال في مكانه.
لا يضعفه إلا المرشّح المقابل: فمن سيكون هذا المرشّح؟
ثمّة احتمالان: إمّا مواجهة أو تسوية.
المواجهة مستحيلة، فماذا عن التسوية؟
تختم المصادر بالقول: “هناك أوراق لم تُستخدم بعد لدى فريق الممانعة. والوقت لم يُستنفد. وإذا كان اليمن أولوية في اتفاق بكين ومن بعده العراق، فسوريا ثمّ لبنان سينتظران. المسألة مسألة وقت”.
اساس