تشخص الأنظار إلى الكتل النيابيّة “المتأرجحة”: هل يُبدّد تيمور جنبلاط الهواجس الرئاسيّة؟!

أمّا وقد أطلق الثنائي «أمل» – «حزب الله» معركته الرئاسيّة عبر الوزير السابق سليمان فرنجية، وبالإنابة عنه؛ فقد ارتقى هذا الإستحقاق من المقاربة «الهزلية» التي رافقت مسار جلسات ساحة النجمة الـ 11، إلى مرحلةٍ حاسمةٍ للخيارات والتموضعات السياسيّة، لجهة التلاقي حول إعادة تعويم أركان المنظومة أو ملاقاة جيل 17 تشرين «التغييري»، ومعه الأحزاب والقوى السياسيّة التواقة إلى قيام دولةٍ قادرةٍ على ضمان مستقبلهم بعيداً عن سياسات المحاور والحروب اللامتناهية!

دخول قوى الثامن من آذار مدار الإستحقاق الرئاسي جدياً، سبقه الإعلان عن توجههم إلى تأمين الأكثرية المطلوبة لإيصال مرشحهم إلى قصر بعبدا، أي 65 صوتاً، بعيداً عن مواقف الكتل النيابيّة الرافضة لهذا التوجه، والمسيحيّة بشكلٍ أدق، ما يضعهم في مواجهة المواقف العلنية لكلٍ من نواب «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» و»الكتائب اللبنانية»، كما لبعض النواب المستقلين والتغييريين المناهضين لقوى 8 آذار؛ ما حتّم عليهم الإنتقال من الضفة النيابيّة الضاغطة لإنتخاب رئيسٍ، إلى المجاهرة بتعطيل الجلسات التي قد تؤدي إلى انتخاب فرنجيّة، رغم اختلافهم راهناً على هوية الرئيس البديل.

وما بين الفريقين المؤيد والرافض لوصول فرنجيّة، تشخص الأنظار إلى الكتل النيابيّة «المتأرجحة» وإن بدرجات متفاوتة، والتي يشكل تموضعها مؤشراً حاسماً في ترجيح مسار هذا الإستحقاق.

فبعد استبعاد أربعة أو خمسة نواب من «تكتل التغيير» الـ12، من الحسابات التحالفيّة لكلا الفريقين، لتفردهم في التغريد التعطيلي الرافض للتعاون مع القوى السياسيّة التقليدية، والأحزاب الفاعلة، تتجه الأنظار إلى النواب السنّة «المستقلين» الذين التزموا التصويت باسم «لبنان الجديد» رئاسياً، وكتلة «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور جنبلاط، التي ورغم التزامها التصويت للنائب ميشال معوض رئاسياً، أطلقت وعبر رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، مبادرة تعبّد طريق الوصول إلى خيار رئاسي توافقي بين الكتل النيابيّة، وجدها البعض مخرجاً للتنصل من تأييد ميشال معوض بالدرجة الأولى، وتالياً مؤشراً باتجاه ملاقاة حليفه التاريخي الرئيس نبيه بري، والتصويت لفرنجيّة، كخيار لا بدّ منه لإنهاء الشغور في سدة الرئاسة الأولى ولو بعد حين.

وإذ وجد بعض المتابعين المخضرمين للواقع السياسي اللبناني، أنّ واقعيّة الزعيم الدرزي وإتقانه لعب دور «بيضة القبّان» في مقاربته للملفات الداخلية ستؤديان في نهاية المطاف إلى ترجيح خيار الثنائي الشيعي رئاسياً، توقفت الأوساط السياسيّة نفسها عند أبعاد هذا الخيار على مستقبل وزعامة النائب تيمور جنبلاط خارج البيت الدرزي، وتحميله تبعات إيصال رئيسٍ، يشكّل إنتخابه تحدياً لإرادة ما تمثله الأحزاب المسيحيّة الكبرى أي «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» في الجبل، كما للجيل الشاب الذي إنتفض على المنظومة الحاكمة في «17 تشرين»، وساهم في اختراق التمثيل النيابي الدرزي التقليدي، بنائبين هما من الأكثر نشاطاً في المجلس النيابي والمعارضة.

ووفق المتابعين، فإنّ هذه المعادلة تُخرج الإستحقاق الرئاسي من المقاربة الرقمية أكان لجهة تأمين أكثرية الـ65 صوتاً، أو لجهة تعطيل جلسات الإنتخاب، إلى حسمٍ للخيارات على الساحة الوطنية، مع انتقال القوى المسيحيّة في خياراتها إلى ما هو أبعد من الإنتخابات الرئاسيّة، وسط اتساع هامش المطالبين بـ»إعادة النظر في التركيبة اللبنانية لأنه خلاف ذلك يعني المراوحة في مستنقع الإنهيار والفشل والعزلة»، والمجاهرة علناً بأنّ التهويل بالفراغ في غير مكانه وفق ما أعلن النائب جورج عقيص، بعد تداعي مؤسسات الدولة وخروج غالبيتها عن تأمين أبسط الحقوق والخدمات الأساسيّة للمواطنين، والذي يتقاطع أيضاً مع البيان الصادر عن الهيئة السياسيّة في «التيار الوطني الحر» الذي أشار إلى أنّ «الأزمة في جوهرها أبعد من إنتخابات رئيس واختصارها بهذا الشكل هو تسخيف لها، فهي أزمة وجود الدولة القوية، وأزمة ضرب متجدّد للشراكة الميثاقيّة والتوازن الوطني».

في الغضون، ومع رفض نواب «اللقاء الديمقراطي» الإنقسام العمودي بين القوى السياسيّة، والسعي إلى طرح مرشح من خارج الإصطفافات القائمة، إنطلاقاً من موقعهم الوسطي الإيجابي، تتجه الإنظار إلى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، عشيّة الذكرى السادسة لدخوله المعترك السياسي، لتثبيت خياره وتموضعه السياسي والوطني بعدما حالت التحديات المتعاقبة منذ 2017 والتي تخللتها جائحة كورونا، و»فورة 17 تشرين»، والإنهيار المالي والإقتصادي دون ذلك، ما من شأنه أن يحسم الكثير من الملفات المطروحة، أكان لجهة التفاعل مع هواجس جيل «17 تشرين»، وملاقاتهم، وتبديد هواجس القوى المسيحيّة أو الإنتقال إلى تبني خيار «الثنائي الشيعي» رئاسياً، رغم تأكيد أوساط الإشتراكي لـ»نداء الوطن» أن خيار «الحزب» و»اللقاء الديمقراطي» واضح لجهة عدم تأييد أي مرشح يشكل إنتخابه تحدياً لطرف على حساب طرف آخر.

طوني كرم- نداء الوطن

مقالات ذات صلة