العراق بلد شاعر الخمر أبي نواس… يودع الكحول
أعلنت السلطات الجمركية العراقية السبت منع استيراد الكحول تنفيذاً لقانون مثير للجدل دخل حيز التنفيذ مؤخراً في هذا البلد المحافظ، فيما ندد مراقبون بما اعتبروه قرارات تحدّ من الحريات.
ويعدّ استهلاك الكحول موضوعاً جدلياً في العراق، فيما ليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها احتمال منعه الجدل في البلاد.
وإذ توجد متاجر متخصصة ببيع الكحول، يملكها عادةً أشخاص من الأقليات المسيحية والإيزيدية، وتنتشر في العاصمة بغداد، إلا أن المطاعم والفنادق نادراً ما تقدّم الكحول الذي ينظر إلى استهلاكه عموماً بشكل سلبي.
ويعزو مراقبون هذا القرار إلى سيطرة التيارات المتشددة في العراق التي باتت تتدخل لتحدد سلوك العراقيين، ولا أحد يمكن أن يتعدى أوامرها، في وقت تراجع فيه تأثير الحركات المدنية التي تدافع عن التسامح في بلد يشتهر تاريخه بالتسامح، بما في ذلك في موضوع الكحول.
ويرتبط اسم بغداد بالشاعر العباسي أبي نواس الذي طالما تغزل بالخمر، وقد سمي البغداديون واحدا من أطول كورنيشات دجلة على اسمه وكان لعشرات السنين ملتقى لسهرات في حانات ومطاعم تقدم أنواع الخمور.
وأبلغت هيئة الجمارك السبت “كافة المناطق والمراكز الجمركية بمنع دخول المشروبات الكحولية بكافة أنواعها”.
وقالت الهيئة في بيان إن توجيهها “جاء استناداً إلى قانون واردات البلدية”، في إشارة إلى المادة 14 من القانون الذي نشر في الجريدة الرسمية في 20 فبراير، وتنص على “حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها”.
ويفرض القانون غرامةً على المخالفين تتراوح بين 10 ملايين و25 مليون دينار عراقي (أي بين 7 آلاف و19 ألف دولار).
وكان قد تم التصويت على هذا القانون في العام 2016، لكن لم يُنشر في الجريدة الرسمية وبالتالي لم يدخل حيز التنفيذ. حينها، أثار الموضوع جدلاً حاداً في البلاد واعتبره نواب ومراقبون مخالفا للدستور.
ومنذ الإعلان عن القرار تواصل متاجر الكحول في بغداد أعمالها بشكل عادي. وبعد ظهر السبت، كانت متاجر الكحول لا تزال تعمل في العاصمة.
ورأى مصطفى سعدون من المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن المادة 14 “لا تتطابق مع الدستور”، مضيفاً لفرانس برس بأنها “تقيّد الحريات”.
وأضاف أن “هذا القانون جزء من مجموعة كاملة من (القرارات) التي تقيد الحريات”، فيما كانت السلطات قد اعتقلت صانعي محتوى على يوتيوب وتيك توك لنشرهم “محتوى هابطا”.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أثار قرار الحكومة بشأن الكحول جدلا واسعا.
وكتب الناشط الإيزيدي مراد إسماعيل في فبراير على موقعه في تويتر “الأديان الموجودة في العراق من غير الإسلام لا تحرّم المشروبات الكحولية ولكن هذه القوانين تفرض عليهم نفس العقوبات”.
ويضيف “بينما ينفتح العالم على الأفكار الجديدة والحريات وإعطاء الإنسان حق الاختيار، بلدنا مع الأسف يتراجع ويتم فرض إرادة طبقة محددة على الناس”.
وتتناقض هذه المادة القانونية مع قرار آخر لمجلس الوزراء صدر في 14 فبراير، يقضي بفرض رسوم جمركية تبلغ 200 في المئة على المشروبات الكحولية المستوردة إلى العراق، ويطبق لمدة أربع سنوات.
في الأثناء، فإنّ حكومة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق، غير مشمولة بهذا القانون الصادر عن الحكومة الاتحادية.
العرب